الوقت- لم تتوقف تركيا عن دعم المجموعات الارهابية المسلحة في سوريا طيلة سنوات الأزمة السورية، اذ كانت تبحث أنقرة عن مطامع دائمة في سوريا تخولها البقاء هناك وقضم حصة كبيرة من داخل حدود جارتها، ولكن مع مرور سنوات الأزمة بدأت الاحلام الأردوغانية تتضاءل مع كل قطعة أرض جديدة كان يحررها الجيش السوري، ووصل الأخير المناطق التي كانت تركيا تضع يديها عليها وتحلم بان تصبح جزء من الاراضي التركية، وهنا جن جنون الرئيس التركي رجب طيب اردوغان وبدأ بجولة مكوكية لايقاف تقدم الجيش السوري نحو ادلب وباقي المناطق، ومع ان روسيا ساهمت في تلبية ما طلبه أردوغان إلا أن الوقائع على الارض تؤكد أن اردوغان ومرتزقته سيخرجون خارج اسوار سوريا ولكن الموضوع يبقى مسألة وقت.
ادراك أردوغان لهذه المعادلة دفعه لتوجيه أنظاره نحو ارض جديدة ينفذ عليها أطماعه، فكانت الوجهة "ليبيا"، الدولة التي تعاني من أزمات وانقسامات أكثر من سوريا بكثير، ليقدم اردوغان دعمه لحكومة الوفاق بقيادة فياز السراج عبر ارسال آلاف المرتزقة الى هناك للوقوف في وجه قوات اللواء حفتر المدعوم من روسيا والامارات ومصر، ولكن من هذه القوات التي ارسلها أردوغان هل هي تركية أم من جنسيات أخرى؟.
أردوغان يعلم ان ارسال جنود أتراك سيضيق الخناق عليه في الداخل التركي وقد يخسر مكانته لدى الشعب التركي التي تضاءلت بشكل عام، ومع ذلك اصر اردوغان على ارسال مسلحين من سوريا كانت قد دربتهم تركيا على اراضيها، وينتمون في غالبيتهم لجماعات ارهابية مسلحة، مثل "داعش" و"النصرة" وغيرها، هذا الاصرار جاء من معرفة اردوغان المسبقة بأن الوجود في ليبيا مغامرة محفوفة بالمخاطر في كافة الأحوال.
قدم اردوغان عروض سخية للمسلحين الذين ارسلهم الى ليبيا، رواتب تصل الى 2000 دولار بالاضافة الى دعم مادي لأسرهم، إلا ان الجماعات المسلحة التي ارسلها اردوغان في طريقها الى الانقلاب عليه، بعد ان تبين تخلفه في دفع الاموال لهم، ما دفع بعض الفصائل للتمرد على مطالب اردوغان ومن بين هؤلاء فيلق الرحمن، حيث رفضت قيادة هذا الفيلق ما طلبه اردوغان من ارسال قوات وغيرها الى لييبا لتكون النتيجة قطع التمويل عن هذا الفيلق منذ أكثر من شهرين بحسب ما اكد المرصد السوري لحقوق الانسان.
ونقل "المرصد السوري" عن مصادر وصفها "بالموثوقة" قولها إن إيقاف تمويل "الفيلق"، جاء "بعد تملّص قياديي الفيلق من إعداد قوائم تحوي أسماء مقاتلين لإرسالهم للقتال إلى جانب حكومة الوفاق الوطني في ليبيا بأوامر تركية"، وفق المرصد.
وطلبت تركيا في 24 كانون الاول/ ديسمبر 2019 من فصائل سورية مقاتلة موالية لها تزويدها بمسلحين لنقلهم إلى ليبيا، وشملت الدفعة الأولى 60 مسلحاً من كل فصيل.
وكانت معلومات قد تحدثت في 25 كانون الاول/ ديسمبر 2019 عن تقديم أنقرة محفّزات مالية لعناصر الجماعات المسلحة الموالية لها في سوريا للقتال في ليبيا، لكنّ المسلحين كانوا غير راغبين القيام بهذه الخطوة،وذلك بعد كشف الميادين عن توجه تركي لسحب 200 مسلح من الجماعات من شرق الفرات السوري لنقلهم إلى ليبيا.
وكان المرصد السوري قد كشف في مارس/آذار الماضي استياء كبيرا في صفوف المرتزقة السوريين الذين أرسلهم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى ليبيا، بسبب تخلف تركيا عن الوفاء بوعودها، فيما يعيش المرتزقة حالة مزرية في معسكرات العاصمة الليبية طرابلس.
وتحدث أحد المقاتلين عن ندم جميع المقاتلين بشأن القدوم إلى ليبيا، مشيرا إلى تورطهم بذلك، داعيا العناصر السورية الراغبة في القتال في سوريا للتراجع عن قرارها بسبب سوء الأوضاع وتخلف السلطات التركية عن دفع مستحقات المقاتلين البالغة 2000 دولار أميركي للشهر الواحد.
وأكد المقاتل أن الجميع يريد العودة إلى سوريا وأن هناك دفعات استعدت لذلك في ظل تمردهم على الضباط الأتراك وميليشيات حكومة الوفاق الليبية.
وبعد أن أخلفت تركيا بوعودها وخفضت رواتب عناصر المرتزقة السوريين، كشفت مصادر أمنية مقربة انسحاب المقاتلين السوريين في أكثر من محور قتال وحدثت مناوشات بينهم وبين الضباط الأتراك وجنود حكومة الوفاق.
ودفعت هذه المناوشات بحسب المصادر التي تحدثت لصحيفة العرب اللندنية، الضباط الأتراك وميليشيات الوفاق إلى توجيه إهانات بعبارات العنصرية واتهامات بالجبن للمرتزقة السوريين، ما يعكس مدى معاناتهم في ليبيا بعد تورطهم في الحرب سعيا وراء الإغراءات المالية التي قدمها أردوغان لدفعهم للقتال في ليبيا.
وارتفعت حصيلة قتلى مرتزقة أردوغان مؤخرا خلال الاشتباكات العنيفة ضد قوات الجيش الوطني الليبي إلى 199 قتيلا، فيما تواصل السلطات التركية الزج بمزيد من المقاتلين السوريين وإرسالهم لدعم رئيس حكومة الوفاق فايز السراج في معركته ضد الجيش الليبي.
من جهته أكّد مصدر عسكري لجريدة "زمان الوصل” السورية المعارضة أنّ الجانب التركي قدّم عرضاً لفصائل ما يسمى "الجيش الوطني" المدعوم من تركيا والعامل في ريف حلب الشمالي والشرقي، يتضمن إرسال مقاتلين لدعم قوّات حكومة الوفاق الليبية، ضدّ قوّات اللواء خليفة حفتر، ما أثار تساؤلات الناشطين السوريين حول مواقف تركيا من الجيش التركي.
ورغم الدعوات المستمرة لوقف النار في ليبيا في ظل ظهور إصابات بكورونا في بلد يعاني هشاشة بالقطاع الصحي بسبب الحرب، يواصل أردوغان الذي لا يتوقف عن تغذية الصراع بين الفرقاء الليبيين تهوره، ضاربا بذلك عرض الحائط الدعوات الدولية والإقليمية لخفض العنف في ليبيا ليتسنى التفرغ لمواجهة الوباء.
ويحاول الرئيس التركي استغلال انشغال أغلب دول العالم بانتشار الوباء القاتل، لتدارك خسائره العسكرية والمادية في ليبيا وإعادة التموقع في العاصمة طرابلس وفي مدينة مصراتة بنشر مزيد من القوات والمعدات العسكرية وإرسال المزيد من المقاتلين السوريين والجنود الأتراك.