الوقت- إصدار التقرير الأول للوكالة الدولية للطاقة الذرية، بعد أن أعلنت إيران ونفذت خطوتها الرابعة والأخيرة في تخفيض التزاماتها النووية، يترافق مع جدل واسع النطاق.
النص الكامل لتقرير الوكالة، كما هو الحال في جميع التقارير السابقة،لم يذكر أي حالات جديدة تشير إلى انتهاك إيران، لكن تصريحات "رافائيل غروسي" حول عدم رد إيران على أسئلة حول ثلاثة مواقع، ومزاعم الوكالة الدولية للطاقة الذرية يوم الاثنين بأن إيران منعت مفتشيها من الوصول إلى موقعين نوويين، ولم ترد على استفسارات الوكالة السابقة بشأن أنشطتها، أثارت الكثير من الجدل على مستوى وسائل الإعلام والمراقبين السياسيين.
ومع ذلك، يبدو أن الوكالة في أسئلتها ومطالبها من إيران، قد تأثرت بإدعاءات كاذبة من قبل أجهزة المخابرات الصهيونية والأمريكية.
أبرز نقاط تقرير الوكالة الجديد
أعلنت الوكالة الدولية للطاقة الذرية عن تقرير جديد حول البرنامج النووي الإيراني يوم الثلاثاء الماضي: تستمر المراقبة والتحقق من قبل الوكالة الدولية للطاقة الذرية في إيران بشأن الاتفاق النووي، بالتزامن مع اتخاذ إيران خطوات لتخفيض التزاماتها بموجب الاتفاق.
وأصدرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقريراً جديداً، أعلنت فيه أن: إيران ومن خلال اجتياز 130 طناً من المياه الثقيلة، انتهكت مرةً أخرى الاتفاق النووي. ووفقاً للتقرير، فإن محطة المياه الثقيلة في إيران نشطة، وقد وصلت احتياطياتها من الماء الثقيل إلى 131.5 متر للطن.
تجدر الإشارة إلی أن دونالد ترامب أعلن في 8 مايو 2018 انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي، وفي 7 أغسطس نفذ أول حزمة عقوبات ضد إيران، والتي شملت منع الوصول إلى الدولار، بيع السندات الحكومية، التجارة بالمناجم القيمة مثل الذهب والمعادن مثل الصلب والألومنيوم والفحم، استيراد طائرات الركاب وقطع غيارها.
إيران من جانبها وبالتزامن مع ذكرى الانسحاب الأمريكي، قللت من التزاماتها تحت عنوان الخطوة الأولى. وفي هذا الصدد، انتقد الرئيس الإيراني حسن روحاني عدم امتثال أوروبا لتعهداتها بموجب الاتفاق النووي، وقال "أطلب من الوكالة الدولية للطاقة الذرية بدء ضخ الغاز في 1044 من أجهزة الطرد المركزي في فوردو غداً. الخطوة الرابعة مثل الخطوات الثلاث الأخرى يمکن التراجع عنها. إذا عاد أعضاء الاتفاق النووي إلى التزاماتهم في 1 يناير 2017، فسنعود إلی هذا التاريخ أيضاً".
تصريحات رئيس الوكالة الدولية المثيرة للجدل
رافائيل غروسي المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، وبعد صدور تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الجديد حول البرنامج النووي الإيراني،، قال في حوار مع رويترز: لقد طلبنا بعض المعلومات والوصول إلی بعض المواقع من إيران، لكننا لم نتلق المعلومات التي نحتاجها.
وأضاف غروسي: لقد أصررنا، ورغم كل جهودنا، لم نتمكن من الوصول إليها(المعلومات التي نريدها). لذلك، فإن الوضع الراهن يتطلب اتخاذ إجراء من جانبي، لأن هذا الوضع يعني أن إيران تقلل من قدرة الوكالة على القيام بأنشطتها.
ومضی قائلاً: آمل جداً أن تستمع إيران إلينا وإلی صوت المجتمع الدولي في مجلس المحافظين في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، وأن تدرك أن التعاون معنا يخدم مصالحهم الخاصة. ليس لدينا أجندة سياسية، نريد فقط أن ينفذوا التزاماتهم. وتابع المدير العام لوكالة الطاقة الذرية أيضاً: إذا لم يحدث هذا، فإننا نتجه نحو أزمة.
وحول التقرير الثاني الذي صدر أمس بشكل منفصل عن تقرير الوكالة الفصلي عن إيران، قال غروسي: وجدت لزاماً عليّ كتابة التقرير الثاني، لأنني اعتقدت أن الوضع خطير لدرجة أنه تطلب مني القيام بذلك.
ووفقاً للتقرير، فقد جاء في التقرير الثاني لغروسي، بأن إيران لم تسمح بوصول مفتشي الوكالة الدولية للطاقة الذرية إلى موقعين نوويين، ولم ترد على الأسئلة السابقة من الوكالة فيما يتعلق بأنشطتها. ويضيف التقرير: يحث مدير الوكالة إيران على التعاون الفوري مع الوكالة، ومنح حق الوصول إلى المواقع المعنية.
يمكن تقييم هذه التصريحات بأنها انتقادات لم يسبق لها مثيل، والمثير للسخرية في الأمر أن المدير العام الجديد للوكالة يثير هذا الادعاء بينما يعرف نفسه جيدًا أن إيران كانت متعاونةً ومنسقةً على مدار السنين الماضية منذ توقيع الاتفاق النووي، مع الإشراف الدقيق للوكالة، وجميع التقارير أكدت ذلك.
عندما تصبح الوكالة أداةً بيد أجهزة المخابرات المركزية الأمريكية والموساد
جميع الجوانب والأبعاد الانتقادية التي طرحتها الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والتي تحمل في طياتها موجة العداء لإيران، تعتمد على المعلومات والأوهام التي قدمتها وكالة المخابرات المركزية الأمريكية والموساد.
في الواقع، إن القضايا المثارة حول رفض إيران زيارة موقعين، وطرح بعض الأسئلة حول بعض المواقع النووية،كل ذلك يعود إلی أوهام قدمتها وكالات الاستخبارات الأمريكية والکيان الصهيوني للوكالة، وبالمناسبة أصبح رافائيل غروسى أيضًا أداة بيد هذه المؤسسات.
وفي هذا الصدد، وردًا على تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن الإجراءات الوقائية في إيران، قال "كاظم غريب عبادي" سفيرنا وممثلنا الدائم لدى المنظمات الدولية في فيينا، "لسوء الحظ، مرةً أخرى تحاول الولايات المتحدة والکيان الإسرائيلي تعطيل التعاون النشط والبناء بين الوكالة وإيران، عبر الضغط على الوكالة للابتعاد عن واجباتها القانونية".
وأشار الممثل الدائم لبلدنا أن إيران تمنع خلق بدعة غير معيارية وخطيرة في الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والتي تريد إعطاء المصداقية للمحتويات المزيفة لأجهزة الاستخبارات الإسرائيلية.
وأضاف: إن أي طلب للتوضيح أو الوصول التکميلي من قبل الوكالة بناء على محتوى مزيف من أجهزة الاستخبارات، بما فيها استخبارات الکيان الصهيوني، لا يتعارض مع الوثائق التأسيسية للوكالة ونظام التحقق فحسب، بل إنها لا تخلق أيضاً أي التزام لإيران بالامتثال لهذه المطالب.
تظهر هذه التصريحات أن إيران لا تواجه أي مشكلة في عمليات التفتيش والرقابة التي تقوم بها الوكالة الدولية للطاقة الذرية كما كان الحال في السنوات الخمس الماضية، والنقطة المهمة الآن هي أن أجهزة المخابرات التابعة للموساد ووكالة الاستخبارات المركزية يمكن أن تستمر في تقديم الأوهام، وإذا قبلت طهران افتراضاتهم وأجابت على أسئلتهم في كل مرة، فإنها ستؤسس لبدعة خطيرة، ونتيجةً لذلك، تعتزم إيران منع إرساء هذه البدعة من الآن.
دعم الصين وروسيا لإيران
بعد صدور تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية الجديد وتصريحات مديرها العام، رأينا دعم الصين وروسيا لإيران وتعاونها. وفي هذا الصدد، ردّ "ميخائيل أوليانوف" ممثل روسيا في المنظمات الدولية في فيينا، عن طريق نشر رسالة على حسابه علی تويتر، بشأن طريقة نشر التقرير الجديد للوكالة الدولية للطاقة الذرية عن البرنامج النووي الإيراني في وسائل الإعلام.
ورداً على مراسل صحيفة وول ستريت جورنال، الذي زعم أن المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية انتقد إيران بسبب منعها من الوصول إلى موقعين، نشر هذه التغريدة التي قال فيها: لقد أصدرت الوكالة الدولية للطاقة الذرية تقريرها عن إيران، ولكن كما هو الحال دائمًا تم تسريب التقرير إلى وسائل الإعلام، حتى قبل عرضه علی أعضاء مجلس المحافظين. وأضاف الدبلوماسي الروسي أن وسائل الإعلام نشرت مواضيع تحذيرية(في هذا الصدد).لكن کونوا هادئين، لا يوجد شيء غريب في هذا التقرير.
بالإضافة إلى هذا المسؤول الروسي، قال المتحدث باسم وزارة الخارجية الصينية "تشاو ليجيان" يوم الأربعاء المنصرم في مؤتمره الصحفي الأسبوعي حول تقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية: لقد استعرضنا آخر تقرير للوكالة الدولية للطاقة الذرية عن إيران. هذا التقرير يؤكد استمرار أنشطة الوكالة بشأن التحقق من إيران فيما يتعلق بتنفيذ الاتفاق النووي، عدم البدء في الخطوة الخامسة للحد من الالتزامات النووية، واستخدام المواد النووية المعلنة لأغراض أخرى.
وأضاف: تدعو الصين إيران إلى مواصلة التعاون مع الوكالة. وفي الوقت نفسه نأمل أن تقوم الوكالة الدولية للطاقة الذرية بمراقبة إيران وفقًا لمبدأ الحياد وعدم التحيز وتنفيذ الضمانات التنظيمية وفقًا لسلطتها، والتعاون مع إيران لحل القضايا المعنية.
المتهم في موقع المدعي
قبل نشر النص الرسمي لتقرير الوكالة الدولية للطاقة الذرية بشأن البرنامج النووي الإيراني، کانت بعض وسائل الإعلام قد نشرت تفاصيله، لذلك بالأمس وقبل صدور التقرير، دعا الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي کان يستضيف المدير العام للوكالة الدولية للطاقة الذرية، في تصريحات أحادية ودون أي إشارة إلی عدم وفاء أوروبا بالتزاماتها تجاه إيران، دعا إلى تعاون فوري مع الوكالة، طالباً من إيران منح حق الوصول إلى المواقع المعنية.
بينما تحاول الدول الأوروبية التستر على تقاعسها وعدم قدرتها على الوفاء بالتزاماتها المتعلقة بالاتفاق النووي، وإجبار طهران على التراجع عن إجراءات الموازنة النووية، من خلال الضخ السياسي والإعلامي، يذكر المسؤولون الإيرانيون دائمًا بضرورة الوفاء بالتزاماتهم رداً علی مطالب الحكومات الأوروبية.
وفي هذا الصدد، في الأربعاء الماضي وبعد صدور تقرير الوكالة، قال "كاظم جلالي" سفير إيران في روسيا، في اجتماع مع "قسطنطين كوساتشوف" رئيس لجنة الشؤون الدولية في مجلس الاتحاد الروسي: "لقد مر أكثر من عام منذ بدء الآلية المالية "إينستكس" التي أطلقها الأوروبيون للتحايل على العقوبات الأمريكية على إيران، لكن حتى الآن لم تتم أي معاملة في إطار هذه الآلية".
وأضاف جلالي: وضع الأوروبيون هذه الآلية ولكن حتى هذه اللحظة التي أتحدث فيها إليكم، لم يحدث أي تبادل مالي عبرها.
يذکر أنه تم إطلاق إينستكس في يناير 2019 من قبل ثلاث دول أوروبية هي فرنسا وألمانيا وبريطانيا لإنقاذ الاتفاق النووي، ولمواجهة العقوبات الأمريكية ضد إيران وانسحابها من هذا الاتفاق.