الوقت- في الآونة الأخيرة، قال وزير الخارجية الإيراني "محمد جواد ظريف" الذي سافر إلى ألمانيا، لحضور مؤتمر ميونيخ الأمني: بعد استشهاد الفريق سليماني، إنه "تلقينا رسالةً من السعودية بأنهم يريدون الحوار مع إيران. استجبنا لرسالتهم بشكل إيجابي وقلنا إننا مستعدون للحوار، لكننا لم نتلق أي رد آخر من السعودية".
وإذ أکد أن إيران لا تبحث عن توترات مع جيرانها، كرر ظريف أننا نعتبر أمن جيراننا أمننا، وأننا على استعداد اليوم للتحدث مع جميع جيراننا.
بعد هذه التصريحات، ادعى وزير الخارجية السعودي "فيصل بن فرحان آل سعود" أن الرياض لم ترسل أي رسائل خاصة إلى طهران. وكانت رسالتها إلى إيران دائمًا هي نفس الرسالة العامة، ولم ترسل أبدًا رسالةً خاصةً إلى إيران.
وزير الخارجية السعودي اتهم إيران بشن ضربات صاروخية ضد منشآت النفط السعودية وتسليح أنصار الله اليمنية، وقال: "كانت رسالتنا إلى إيران دائمًا هي أنه إذا قبلوا أن سلوكهم الإقليمي، مثل إطلاق الصواريخ، لا يساعد على استقرار المنطقة، فعندئذ ستكون هناك إمكانية للحوار".
في هذا الصدد، قال "البروفسور حسين عسكري" ، مستشار الملك السعودي السابق عبد الله في السعودية، بأن السعوديين سعوا دائمًا إلى الاطمئنان بأن إيران لا تدعم معارضي الحكومة في السعودية.
حسين عسكري کان مستشاراً لوزير المالية (1978م) ومستشاراً لملك السعودية (الملك عبد الله)، ويشار إليه أيضًا باسم مهندس الاقتصاد السعودي.
کما عمل عسكري أستاذاً للتجارة الدولية والشؤون الدولية بجامعة جورج واشنطن بأمريكا، ورئيس معهد الأبحاث والإدارة العالمية والرئيس السابق لقسم الأعمال الدولية بجامعة جورج واشنطن.
ويركز مجال خبرته في جامعة جورج واشنطن على الاقتصاد والسياسة والتنمية البشرية في الشرق الأوسط، والصراعات والحروب في الشرق الأوسط، الاقتصاد السياسي والنفط والاقتصاد الإسلامي.
بهذا الصدد أجرينا مقابلةً مع البروفسور عسکري، جاء فيها:
كشفت صحيفة "البناء" اللبنانية أن السعودية أبدت استعدادها للتفاوض مع إيران بعد حادث منشأة أرامكو النفطية، لكن الأمريكيين هم الذين منعوا الرياض في النهاية من القيام بذلك. فما مدى تأثير أمريكا في ذلك؟
عسکري: بالنظر إلى بعض السياقات التاريخية، لن تسعی السعودية إلى الحوار مع إيران حتى يتم تلبية شرطين مسبقين مهمين. أولاً، أن يقتنع العاهل السعودي بأن إيران لا تريد الإطاحة بالحكومة في السعودية، لأن هذا النوع من الشك والريبة كان دائماً عقبةً أمام التقارب بين البلدين. وثانياً، التوصل إلى اتفاق بين أمريكا وإيران، لأن السعودية تعتمد اعتماداً كلياً على أمريكا من الناحية الدفاعية.
بعد الاتفاق النووي عام 2015، تساءلت الرياض عما إذا كان بإمكانها الاعتماد على أمريكا أم لا؟ ولكن عندما أصبح ترامب رئيساًَ، وبعد سفره إلى السعودية، أصبح السعوديون أكثر جرأةً واعتقدوا أنهم يستطيعون فعل أي شيء في المنطقة، لأن ترامب هو مؤيدهم.
ولكن بعد حادث أرامكو الذي لم ينتقم له ترامب من إيران، أصبح السعوديون في موضع ضعف. يسعى السعوديون للحفاظ على مصالحهم وظروفهم. وأعتقد أن أمريكا لا تسعى إلى أي محادثات مع إيران حتى لا تضعف موقفها في المحادثات المستقبلية معها.
برأيكم، ما هي الجماعات داخل السعودية التي تؤيد الحوار مع إيران، وما هي الجماعات التي تعارض ذلك؟ وبشكل عام، نسأل عما إذا كانت النزاعات الداخلية في السعودية حاسمةً في ذلك أم لا؟
عسکري: أعتقد أن هذا مرتبط بخلفية آل سعود القبلية. السعوديون عمومًا يريدون السلام وأقل رغبةً في المغامرات الخارجية والعسكرية في أماكن مثل سوريا واليمن. يجب اقتناع السعوديين بأن إيران ليس لديها مؤامرات ضد الزعماء السعوديين، ولا تعمل مع أي فرد أو جماعة في السعودية لإعادة هيكلة حكمها السياسي.
وهذا الأمر بالطبع لا يمكن التنبؤ به، لأن العلاقات والتطورات متغيرة جداً، والسعودية تعتمد على أمريكا ، وحتى تعتمد سراً على الدعم الأمني الإسرائيلي.
السعودية تؤيد واشنطن في سياسة الضغط القصوى علی إيران. ولكن بعد هجمات أرامكو وعدم وجود دعم جاد من جانب أمريكا للسعودية، وجدت الرياض أن مشكلاتها مع إيران يجب تقييمها بشكل ثنائي. هل توافق على هذا التقييم؟
عسکري: نعم على المستوى الثنائي، ولكن بدعم أمريكا الكامل لاتفاقية أمنية عالمية للشرق الأوسط بأكمله.
برأيكم، ما هي الأطراف الأجنبية التي تعارض تطبيع العلاقات الإيرانية السعودية، وتستفيد أكثر من الوضع الحالي؟
عسکري: البلدان التي تستفيد من الوضع الحالي واضحة، أولاً وقبل كل شيء أمريكا. بسبب التوترات الحالية، حيث تبيع أمريكا أسلحتها إلى السعودية وتصدر لها ما تريد. والمؤسسات المالية الأمريكية هي أيضاً المستفيد الرئيس من إدارة الثروات السعودية.
في الوقت نفسه، ينبغي ألا ننسى حصة جماعات الضغط والاستشاريين من الوضع المضطرب في الخليج الفارسي. کما تستفيد "إسرائيل" أيضاً من هذا الوضع. أعتقد أن "إسرائيل" اتبعت قناةً سريةً للتواصل مع السعودية، مستخدمةً الوضع الحالي ضد إيران للحصول على دعم عربي مباشر في قمع الحقوق الفلسطينية. وتلعب روسيا والصين أيضًا دورهما في الاستفادة من الفرص لزيادة نفوذهما في المنطقة.
لطالما زعم عدد كبير من المتشددين الأمريكيين، مثل بولتون واللوبي الإسرائيلي في واشنطن، بأنه إذا تم ممارسة المزيد من الضغط على إيران، فسوف يكون سقوط الحكومة الإيرانية وشيكاً، وأن النظام سيسقط، ودعوا إلى مزيد من الضغط على إيران.
لكنني لا أرى سقوط دور إيران ووجودها في العراق أو لبنان. الشيء الوحيد الأسوأ بالنسبة لإيران هو اقتصادها، وحتى هذا الاقتصاد يبدو أنه استقر. في نفس الوقت، ما زالت هجرة النخبة من إيران إلى أوروبا وأمريكا الشمالية وأستراليا، تخلق المزيد من المشكلات.
ولكن حتى لو كنت مخطئًا، وعلى عكس اعتقادي، يعتقد البعض أن إيران تعيش أوضاعاً صعبةً، ولکن يجب أن يؤخذ في الاعتبار أيضاً أنه حتى السعوديين ينظرون إلى ترامب كرئيس لا يمكن التنبؤ به، ويخشون من أنه سيصبح الرئيس القادم لأمريكا؟
کما يتسبب أشخاص مثل "بيرني ساندرز" في الخوف والقلق لدی السعودية بسبب سلوكهم. في الوقت نفسه، يهتم السعوديون بمصالحهم الخاصة، ويحاولون تدريجياً إنشاء قناة اتصال صغيرة مع إيران لاستخدامها في حال الضرورة، بالنظر إلى عدم القدرة على التنبؤ بسياسة أمريكا الخارجية.