الوقت- أصبح موضوع التفاوض والسلام بين الولايات المتحدة وحركة طالبان، في الأشهر الأخيرة، محور التطورات في افغانستان. حيث لعب السفير الأمريكي السابق لدى الأمم المتحدة زلماي خليل زاد، في فترة ما، دورا تم فيه التوصل والتوقيع على اتفاق بين الجانبين وتم رفضه لاحقا من قبل دونالد ترامب. ومع ذلك، فإن السؤال الآن هو ما إذا كان الاتفاق بين طالبان والولايات المتحدة سوف يحقق ثماره ام لا، وما هي ابعاد اتفاقية السلام المحتملة وماذا ستكون نتائجها؟ وللتطرق حول هذا الموضوع، أجرى موقع الوقت التحليلي والإخباري محادثة مع الخبير الأفغاني بير محمد ملازهي وناقش قضية السلام بين الولايات المتحدة وأفغانستان.
حاجة ترامب الماسّة للتوصل الى اتفاق مع طالبان من أجل انتخابات 2020
في سياق محادثات السلام الجديدة بين الولايات المتحدة وحركة طالبان، يعتقد بير محمد ملازهي أن المفاوضات بين الولايات المتحدة وحركة طالبان مستمرة في قطر على مدار الأشهر القليلة الماضية. وتشير الأنباء في الظروف الحالية، الى أنه سيتم الانتهاء من التوصل الى اتفاق بين الجانبين بحلول نهاية هذا الشهر. ويختلف هذا الاتفاق عن سابقه، أنه من المهم للغاية الآن بالنسبة للأمريكيين، فيما يتعلق بالشأن الافغاني، التوصل إلى اتفاق مع طالبان قبل الانتخابات الرئاسية الأمريكية حتى يتمكنوا من تسويقها بأنها انجاز يُحسب للسياسة الخارجية للولايات المتحدة. لذلك من وجهة نظر الأمريكيين، يجب التوصل الى اتفاق مع طالبان والإعلان عنها، ولكن المشكلة هي أن هناك الكثير من الغموض يحوم حول هذا الاتفاق، وليس من الواضح أنه سيتم الاتفاق على أية أمور.
من هي الحكومة المركزية التي ستتفق معها طالبان؟
وأضاف ملازهي"ان توقعات طالبان مرتفعة جدا، وعلى الرغم من أن طالبان ليسوا في السلطة في هذه الاتفاقية، لكن السؤال الذي يطرح نفسه في هذا الخصوص هو ما إذا كانت طالبان، بما تمتلكه من ايديولوجيات، على استعداد للتسوية والتعاون مع الحكومة العلمانية في أفغانستان. بالإضافة إلى ذلك، فان القضية الاخرى، تتعلق بالحكومة الحالية ومكانتها. فبعد إجراء الانتخابات الرئاسية في افغانستان، يعتبر أشرف غني نفسه رئيسًا للحكومة، ومن ناحية أخرى، لم يعترف عبد الله عبد الله بفوز الأول ودعا إلى اقامة مظاهرات واحتجاجات في أنحاء مختلفة من أفغانستان. ونتيجة لذلك، نرى ان عبد الله يسعى لتشكيل حكومة موازية. والسؤال الان هو مع أي حكومة مركزية ستتفق طالبان. كل هذه الأمور ستكون عقبة أمام التوصل إلى اتفاق، لكن طالبان تنوي أن تصبح شريكًا أولاً ثم تستولي على كل السلطة.
أفغانستان على خطى تغيير النظام السياسي نتيجة للاتفاق بين امريكا وطالبان
وقال هذا الخبير الأفغاني: "ان استنتاجي فيما يتعلق بمأزق الحكومة الأفغانية بعد الانتخابات التي جرت فيها، أنه من المحتمل أن تتوصل طالبان والولايات المتحدة إلى استنتاج مفاده أن يتم تشكيل حكومة مؤقتة يمكن أن تتولى السلطة وتتخذ بعض الخطوات المهمة خلال هذه الفترة، منها، ان تقوم الحكومة المؤقتة أولاً بصياغة دستور جديد يتوافق أيضًا مع مطالب طالبان. وثانياً، تغيير هيكل السلطة في البلد، أي الانتقال من هيكل مركزي إلى هيكل إداري اتحادي. وفي الواقع، من المحتمل جدًا تقسيم أفغانستان إلى أربع مناطق فيدرالية، مما يعني أن النظام السياسي سيصبح نظامًا فيدراليًا لا تكون لمدنه كيانا موحدا. كما أعتقد أن الظروف قد تهيأت للانتقال إلى الفيدرالية في أفغانستان."
صعوبة نزع سلاح طالبان في عملية التفاوض
وأكد الملازهي في جزء آخر من تصريحاته: "على الرغم من توفر أسباب التوصل إلى اتفاق، فإن أحدى الغموضات هو ما إذا كان من المحتمل أن يتم نزع سلاح طالبان. وفي الواقع، من المهم للغاية تحديد مستقبل قوات طالبان العسكرية.
ان أحدى الفرضيات التي أثيرت مؤخرًا في هذا الخصوص، هو أنه ينبغي دمج هذه القوات مع الجيش الأفغاني وأن تكتسب لاحقا على موقع مهيمن في الجيش. والحقيقة هي أن طالبان تسعى إلى الحصول على السلطة كاملة وتدرك جيدًا أنه بدون دعم عسكري، لن يكونوا قادرين على تحقيق هذا الهدف. كما إنهم يعلمون جيدًا أنهم لن ينجحوا من خلال انتخابات ديمقراطية".
وقال في الختام: "تزعم حركة طالبان الآن أنها تحظى بدعم شعبي واسع، خاصة بين البشتون، لكن الواقع هو أن تصورهم للإسلام هو تصور عقائدي بحت". "لذلك، فإن موضوع نزع السلاح وقبول القواعد الديمقراطية لا يمكن تحقيقها إلا في سياق تطورهم الفكري والعقلي؛ أي يجب أن يقبلوا أن بعض الأشياء شخصية ولا ينبغي مواجهتها".