الوقت-خرج الآلاف من المتظاهرين الأستراليين الأصليين إلى الشوارع احتجاجًا على العيد الوطني يوم الأحد المصادف 26 يناير، في مظاهرة احتجاجية سُميت بـ"يوم الغزو". اذ بعد مرور 250 عامًا من الاستعمار البريطاني في أستراليا، لا يزال السكان الأصليون في هذه المنطقة يشعرون بالغربة بسبب الثقافة السائدة حاليا فيها ويطالبون بتغيير اليوم الوطني إلى يوم وتاريخ آخر.
احتجاجات السكان الأصليين
احتفلت الحكومة الأسترالية في يوم ٢٦ يناير من عام ١٩٩٤، بالعيد الوطني ورسخته في التقويم. ولو تبحرنا في تاريخ استراليا، نجد ان البحار الكابتن جيمس كوك وصل الى أنحاء مدينة سيدني في شرق أستراليا لأول مرة في عام 1870. وبعد ثماني سنوات، وصل الكابتن آرثر فيليب إلى المنطقة مع 11 سفينة و١٣٥٠ راكب، وسمّاها نيو ساوث ويلز وانشأ أول مستعمرة بريطانية في أستراليا.
قامت الحكومة البريطانية في البداية بترحيل بعض المدانين والمعارضين البريطانيين إلى هذه المنطقة، لذلك فإن التاريخ الوطني الأسترالي للسكان الأصليين الأستراليين يعيد بنا الذكريات الى الأيام المريرة عندما تم غزو أراضيهم وهويتهم من قبل الغرباء ولهذا السبب يتم تنظيم الاحتجاجات كل عام في هذا اليوم، وأهم مطاليبهم هي تغيير التاريخ الوطني لأستراليا، حيث انهم يسمون 26 يناير "يوم الحداد" و "يوم الغزو".
وأطلق المتظاهرون الأصليون حملة تحت مسمى "إدفعوا الإيجار" هذا العام، داعين الأستراليين غير الأصليين إلى دفع غرامات للسكان الأصليين عن طريق المساهمة في الحملة.
كما خرج بعض المتظاهرين الذين يحملون أعلامًا محلية واخرين يحملون علامات تقليدية وفئة اخرى رفعت لافتات احتجاجية إلى الشوارع وكانت لافتاتهم تحمل عبارات "ليس هناك فخر في الإبادة الجماعية" و "لم يتم تفويض سيادتنا أبدًا".
ان عَلَم السكان الأصليين لأستراليا هو علم "مضيق توريس" الذي صممه هارولد توماس في عام 1971. العلم يتكون من اللون الأسود الافقي والذي يرمز الى السكان الأصليين في أستراليا، وكذلك من اللون الأحمر الافقي والذي يرمز هو الاخر الى الرسوم المعنوية للسكان الأصليين، بالإضافة الى دائرة باللون الأصفر تدل على الشمس والحياة، وهو في الواقع دلالة احتجاجية على الثقافة الإنجليزية السائدة والمطالبة بضرورة الحفاظ على الثقافة الأصلية.
وفي احتجاجات يوم الأحد، سعى الأهالي لإبلاغ الرأي العام العالمي بالظلم الموجه ضدهم. وقالت احدى القيادات في صفوف المتظاهرين، ليديا ثورب: "لقد حان الآن عام 2020 وما زلنا نحاول جمع الأموال لدفن المتوفين من الناس"، وذلك في إشارة إلى عملية دفع تكاليف لدفن سجناء من السكان الأصليين. واضافت "لذلك نريد أيضًا أن يدفع الناس الإيجار لأننا تعيش على أرض مسروقة ".
تاريخ السكان الأصليين الأسترالي
يرجع تاريخ السكان الأصليين الأستراليين إلى 50000 عام، والتي يُقال إنها أقدم مجموعة عرقية في العالم. ويقدر عدد سكانها بين 30 ألفاً إلى مليون شخص قبل وصول البريطانيين، معظمهم يعيشون في الجنوب الشرقي واطراف نهر موراي. ووفقًا للمركز الوطني للغات السامية (NILS) في عام 2005، كان هناك 250 لغة أصلية في المنطقة حتى الاستعمار البريطاني، لكنهم يتحدثون الآن باللغة الإنجليزية عمومًا.
ومع ذلك، فإن مجموعتين من السكان الأصليين الرئيسيتين في أستراليا هم سكان جزيرة توريس والسكان الأصليين، الذين يشكلون الآن ما يقرب من اثنين ونصف في المئة من سكان أستراليا، ولغتيهما الرئيسيتين هما "بيجان تشاشارا" و "تيفي" و "واربيري".
استمرت بريطانيا في سياسة التغير السكاني والقضاء على السكان الأصليين حتى عام 1876، مما قلل من عدد السكان الأصليين الأستراليين من 750،000 إلى 30،000 من عام 1788 إلى عام 1911 .
ونفذ البريطانيون واحدة من أكبر عمليات الإبادة الجماعية في التاريخ ضد سكان أستراليا وسكان تسمانيا، والمعروفة باسم "الحرب السوداء" وبدأت هذه الصراعات في منتصف عام 1832. و في حملة استمرت ستة أسابيع، قام جورج آرثر، الحاكم البريطاني، بتنظيم حملة من 2200 مهاجر وجندي لطرد السكان الأصليين وحصرهم في تسمانيا. وصرح جورج آرثر لاحقا في عام 1826 بأن المستعمرين يمكنهم قتل السكان الأصليين خلال الغزو.
يقول نيكولاس كليمنتس، احد مؤرخي العنف الحاصل للسكان الأصليين: "لقد ارتبط العنف بالاعتداء على الفتيات والنساء وقتلهن واغتصابهن والحد من الصيد للمواطنين".
وخلال الهجمات التي غالبا ما كانت تحدث في الليل، دُمرت المواشي والمحاصيل الزراعية التابعة للسكان الأصليين وانخفض عدد سكان تسمانيا من 6000 إلى 2000 في 15 سنة.
إن العنف المسجل في التاريخ الأسترالي وجهود السكان الأصليين للاستذكار به لم تسمح للحكومة الأسترالية بإنكاره، وفي عام 1997 تم تقديم اعتذار رسمي للسكان الأصليين في تسمانيا. ومع ذلك، فإن رفاه السكان الأصليين وظروفهم الاجتماعية لا تزال غير مرضية، حيث أكمل أربعة بالمائة منهم فقط التعليم الجامعي. كما لديهم مساحة أقل من الأراضي وعدد كبير من المشردين. ومن ناحية أخرى، فإن عدد السجناء الأصليين يزيد عن عشرة أضعاف عدد السكان الآخرين في أستراليا.