الوقت- تحاول السعودية جاهدةً تحسين صورتها أمام المجتمع الدولي وتعمل جاهدةً في هذا الاتجاه منذ عدة سنوات، لاسيما مع وصول محمد بن سلمان إلى السلطة في العام 2016 إلا أن منهجية ولي العهد غير الناضجة ساهمت في تشويه صورة المملكة أكثر وأكثر، خاصة بعد تداعيات جريمة خاشقجي خلال العامين الماضيين وحتى اللحظة لم يتم محاسبة القاتل بما يقتضيه القانون والعدل، ولاشك بان هذه الجريمة شكلت نقطة سوداء كبيرة في سجل السعودية فيما يخص جرائم القتل خارج اطار القانون، وهذا ما دفع ابن سلمان إلى اتخاذ خطوات سريعة في مجال الترفيه واستقبال نجوم عالميين وعرب ومباريات كرة قدم مهمة للتغطية على الانتهاكات التي تجري بحق مواطني المملكة، وما التحضير لعقد قمة العشرين في المملكة هذا العام إلا دليل دامغ على سياسية التمويه التي تنتهجا السلطات للتغطية على ما تفعله في الخفاء ومحاولة فاشلة لتبييض صفحتها.
العديد من منظمات حقوق الإنسان كانت أولى المعترضين على حضور اجتماعات مجموعة العشرين للمجتمع المدنيّ (C20) بالسعوديّة، واعتبرت هذا الامر هزليًا ومدعاةً للسخرية لأنّ المملكة تنتهِك بشكلٍ فظٍ حقوق الإنسان.
وقالت منظمة العفو الدولية في بيانٍ رسميٍّ إن منتدى مجموعة العشرين للمجتمع المدني العالمي الذي تستضيفه السعودية هذا العام هو محاولة هزلية من جانب مضيفي مجموعة العشرين الجدد للتستر على سجلّهم المزري لحقوق الإنسان.
وأشارت منظمة العفو الدولية إلى أنّها أصدرت بيانًا مشتركًا، إلى جانب منظمة الشفافية الدولية ومنظمة سيفيكوس، يوضح سبب عدم مشاركتها في عملية مجموعة العشرين للمجتمع المدني لهذا العام، وهي دورة من الاجتماعات التحضيرية الممهدة إلى قمة مجموعة العشرين السنوية، التي بدأت أمس الأوّل باجتماع استهلالي لمدة ثلاثة أيام، على حدّ تعبير البيان.
وقال نتسانيت بيلاي، مدير البحوث وكسب التأييد في منظمة العفو الدولية، قال إنّه من المفترض أنْ يوفر اجتماع مجموعة العشرين للمجتمع المدني منصة لأصوات المجتمع المدني من جميع أنحاء العالم للتأثير على أجندة مجموعة العشرين. وبما أن السعودية قامت بسجن معظم نشطائها المستقلين، فإن المنظمات المحلية الوحيدة الموجودة ستكون متحالفة مع الحكومة – الأمر الذي يعد مدعاة للسخرية من العملية برمتها.
وساق المسؤول قائلاً إنّ اجتماع مجموعة العشرين للمجتمع المدني في الرياض اجتماع صوري زائف. ولا يمكننا المشاركة في عملية يُساء استخدامها من قبل دولة تقوم بمراقبة حرية التعبير، وتجرم النشاط من أجل حقوق المرأة والأقليات، والمثلية الجنسية، وتعذب وتعدم المنتقدين، كما شدّدّ في أقواله.
ولفتت المنظمة إلى أنّ السعودية تولّت رئاسة مجموعة العشرين في ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي 2019. وقد استثمرت مؤخرًا في حملات العلاقات العامة الباهظة الثمن لتحسين صورتها، واستضافت العديد من الفعاليات الرياضية البارزة التي تجذب الزوار الدوليين. ولكن خلف هذه الواجهة الموضوعة بعناية، فإنّ سجل حقوق الإنسان في السعودية مروع كما كان دائمًا، كما قالت منظمة (أمنستي) في بيانها.
وأردفت قائلة إنّ السعودية مسؤولة عن إعدام الصحفي والناقد السلمي، جمال خاشقجي، خارج نطاق القضاء. وبعد أكثر من عام من مقتله في أكتوبر (تشرين الأول) 2018، لم تحقق العدالة ولم يُحاسب أحد على مقتله.
تداعيات مقتل خاشقجي
قُتل جمال خاشقجي بطريقة بشعة في قنصلية المملكة باسطنبول في أكتوبر/تشرين الأول 2018، ومنذ ذلك الوقت حاول ولي العهد الفرار والتنصل من الجريمة البشعة مع أن كل الأدلة تثبت تورطه وتورط السلطات في تلك الجريمة الوحشية التي لا تعني السعودية فقط بل الضمير الإنساني العالمي.
إطاعة الأوامر: حسب الأمم المتحدة فإن المتهمين الـ18 بقتل جمال خاشقجي كانوا يكررون في التحقيقات أنهم كانوا يطيعون الأوامر، بمعنى أنهم كانوا يتبعون تسلسلاً يصل إلى أعلى قيادة في السلطة وهم من "الحلقة الضيقة" التابعة لولي العهد محمد بن سلمان لذلك فإن من المفترض أن يخضع ولي العهد إلى التحقيق والمحاكمة أسوة بالجميع، لا أن يخرج أبرز تابعيه ويحكم على الأخرين بالإعدام.
حملة شرسة ضد النشطاء والمعارضين
قالت "هيومن رايتس ووتش" قبل امس في تقريرها العالمي 2020، إن السلطات السعودية نفذت حملة قمع شاملة ضد المعارضين والنشطاء المستقلين، بما فيها موجتين من الاعتقالات الجماعية، في 2019.
تزامنت الاعتقالات والمضايقات مع أهم التطورات المتعلقة بالنساء السعوديات في السنوات الأخيرة، بما فيها إلغاء القيود المفروضة على سفر النساء فوق 21 سنة، ومنح النساء سيطرة أكبر على مسائل الأحوال المدنية.
وقال مايكل بَيْج، نائب مديرة قسم الشرق الأوسط في هيومن رايتس ووتش: "الإصلاحات المتعلقة بالنساء السعوديات لا تمحو المضايقات والاعتقالات المتفشية للنشطاء والمفكرين السعوديين، بمن فيهم نشطاء حقوق المرأة، الذين عبَّروا عن آرائهم سرا أو علانية. إذا كان لدى السعودية أي أمل في إعادة تلميع صورتها الملطخة، على السلطات الإفراج فورا عن جميع المحتجزين فقط لانتقاداتهم السلمية".
لم يواجه قادة السعودية، بمن فيهم ولي العهد محمد بن سلمان، أي عدالة حقيقية خلال 2019 بالنسبة للانتهاكات التي ارتكبها عناصر أمن الدولة خلال الأعوام القليلة الماضية، بما فيها مقتل الصحفي جمال خاشقجي في أكتوبر/تشرين الأول 2018 والتعذيب المزعوم للمدافعات عن حقوق المرأة.
ما زال عشرات المعارضين والنشطاء السعوديين، بمن فيهم أربع مدافعات بارزات عن حقوق المرأة، رهن الاحتجاز يواجهون مع غيرهم محاكمات جائرة بتهم مرتبطة فقط بانتقادهم العلني للحكومة أو العمل الحقوقي السلمي. استهدفت اعتقالات جماعية في أبريل/نيسان ونوفمبر/تشرين الثاني أكثر من 20 مفكراً وكاتباً سعودياً.
باعتبارها قائدة للتحالف الذي بدأ عملياته العسكرية ضد قوات "انصار الله" في اليمن في 26 مارس/آذار 2015، ارتكبت السعودية انتهاكات عديدة للقانون الإنساني الدولي. في 20 يونيو/حزيران 2019، قضت محكمة استئناف بريطانية بأن رفض الحكومة البريطانية النظر في انتهاكات السعودية لقوانين الحرب في اليمن قبل ترخيص مبيعات الأسلحة غير قانوني، ما أدى إلى تعليق المبيعات الجديدة للأسلحة البريطانية إلى السعودية حتى تتخذ الحكومة قرارا قانونيا جديدا بشأن تراخيص الأسلحة، أو حتى تحصل على أمر قضائي جديد.