تقرير مُفصَّل حول الصفقات السعودية الأمريكية:
نقلت رويترز عن مصادر مطلعة أن السعودية تقوم حالياً بمباحثات مع الحكومة الأميركية لشراء فرقاطتين، مشيرة إلى أن النقاش وصل الى مراحل متقدمة. وأوضحت المصادر أن اللمسات الأخيرة على الصفقة قد يتم الإنتهاء منها بنهاية هذا العام، مشيرة إلى أن برنامج التحديث الأكبر سيشمل التدريب والبنية الأساسية ومعدات حربية مضادة للغواصات وقد يشمل طلبيات من بلدان اخرى. ويعتبر شراء السعودية لفرقاطتين، بقيمة تتجاوز المليار دولار، حجر الزاوية لبرنامج تحديث سيكلف مليارات الدولارات، يهدف لتطوير أسطول البحرية الملكية السعودية في منطقة الخليج الفارسي، سيشمل زوارق حربية أصغر حجماً. وتجرى المناقشات حول برنامج التوسع البحري السعودي الثاني منذ سنوات. فيما أشار أحد المصادر قوله: "لا نرى أن أي توترات في العلاقات بين الحكومتين الأميركية والسعودية تعرقل العلاقات الإقتصادية.. لا يزال السعوديون مهتمين للغاية بشراء التكنولوجيا الأميركية."
كما ويضع مسؤولون أميركيون وسعوديون اللمسات الأخيرة على تفاصيل صفقة بقيمة 1.9 مليار دولار لشراء عشر حوامات نوع (أم أتش 60 آر)، قد تُستخدم في العمليات الحربية المضادة للغواصات ولها مهام أخرى. فيما جرى إبلاغ المشرعين الأميركيين بالصفقة في أيار الماضي. وتقوم شركة "سيكورسكي إيركرافت"، وهي وحدة تابعة لـ"يونايتد تكنولوجيز كورب" و"لوكهيد" بتصنيع الحوامات. وفي حزيران الماضي، أفادت "سيكورسكي" بأن السعودية تدرس طلبية كبيرة إضافية من حوامات "بلاك هوك"، بينما تسعى لمضاعفة اسطولها الحالي الذي يضم 80 طائرة. وتعتبر إحدى أكبر الصفقات السعودية مع شركات مقرها أمريكا في السنوات الاخيرة، العقد الذي كانت قيمته 13 مليار دولار، والذي أعلن عنه في شباط العام 2014 لشراء مركبات مدرعة خفيفة، تقوم بتصنيعها الوحدة الكندية لشركة "جنرال داينامكس". كما وتصنع شركة "بوينغ" 84 مقاتلة "إف- 15" للسعودية، ضمن صفقة قيمتها 33.4 مليار دولار، تشمل عشرات من الطوافات التي تقوم بتصنيعها "سيكورسكي". وقال المتحدث باسم "بوينغ" تود بليتشر إن أولى هذه المقاتلات يجري اختبارها في قاعدة ادواردز الجوية في كاليفورنيا.
وفي وقتٍ إمتنع فيه مسؤولون في وزارة الخارجية الاميركية عن التعليق على مبيعات أسلحة محددة، قالوا إنهم على تواصل دائم مع المسؤولين السعوديين منذ أن تدخلوا في القتال ضد تنظيم داعش واتساع الإضطرابات في اليمن بحسب تعبيرهم. وفي سياقٍ متصل نقلت الصحف العربية والعالمية عن المحلل في "غوغنهايم سيكيوريتز" رومان شوايتزر، قوله، أن زيارة الملك السعودي المرتقبة قد "تمهد الطريق لعدد كبير من طلبات لشراء معدات عسكرية من مصنعين أميركيين"، مضيفاً أن المسؤولين الأميركيين سيُعطون على الأرجح اهتماماً أكبر لحلفاء واشنطن في المنطقة، في أعقاب الإتفاق النووي الإيراني.
تحليلٌ ودلالات:
لا شك أن العالم بأسره يعرف حقيقة العلاقة بين واشنطن والرياض والتي تقوم على أساس المصالح المشتركة. لكن يبدو أن العلاقة الإقتصادية هي أقوى وأمتن من العلاقة السياسية، بل يمكن القول أن العلاقة السياسية تقع في خدمة المصالح الإقتصادية والمالية بين الطرفين. وهنا لا بد من إيضاح التالي:
- على الرغم من أن السعودية تعاني من ركودٍ إقتصادي فإنها تمضي قدماً في صفقات شراء السلاح. وهو ما يُبرز دور الشركات الأمريكية في حالة الركود الإقتصادي الذي تعيشه السعودية. وهنا لا نقول أن المسؤولية تقع على واشنطن في ذلك، لكن يُعتبر المضي قدماً في الإنفاق على السلاح أمراً مُثيراً للريبة، في ظل وضعٍ إقتصاديٍ غير مُستقرٍ تعيشه الرياض. مما يعني أن أولوية الحروب وتأجيج الصراعات هي القاسم المشترك بين الطرفين أي السعودية وأمريكا.
- كما أن الأطراف الداعمة للصهيونية في أمريكا تقوم بدعم السعودية في مسألة شراء السلاح من باب وجود المصلحة المادية من جهة، إذ أن أغلب مصانع وشركات السلاح تعود لصهاينة يدعمون الكيان الإسرائيلي، ومن جهةٍ أخرى يُعتبر الترويج للحروب من الأمور التي تخدم مصالح هؤلاء السياسية. وهنا نُشير الى أنه لا مشكلة في بيع السلاح للسعودية طالما أن وجهته معروفة وبعيدة عن الصراع العربي مع تل أبيب أو دعم حركات المقاومة.
- لذلك يبدو أن الرياض وبعد توقيع واشنطن لإتفاقٍ نووي مع طهران، تسعى لزيادة قدراتها العسكرية التي تدخل في خانة ما يُسمى القدرات الردعية، لعلها تُعيد لنفسها بعضاً من الوزن العسكري الذي قد يُعوِّض تراجع هيبتها السياسية في المنطقة. وهو ما لا تجد فيه واشنطن أي مشكلة طالما أنه سيدخل بالنتيجة في خانة تأجيج الصراعات في الشرق الأوسط.
أثبتت الرياض أنه لا يمكن الرهان عليها في التعاطي مع المسائل التي تتعلق بمصالح الأمة الإسلامية والعربية. فالسعودية اليوم تقوم بصرف المليارات من الدولارات لتمويل صفقات سلاحٍ قد تقوم بإستخدامه ضد جارتها اليمن، محاولةً فرض معادلاتٍ جديدة. وهو الأمر الذي لن تكون نتائجه كما تظن السعودية. فيما يمضي سباق التسلح في العالم قدماً، لتصبح السعودية شريكة فيه ومساهمةً أولى في التأجيج للصراعات والحروب. في وقتٍ تتجه فيه أموالها لتقع في جيوب الصهاينة، عوضاً عن دعم شعوب الأمة ومقاوماتها.