الوقت- منذ بداية عام 2017 ، وبعد الانتصار الكبير الذي حققه الجيش السوري وحلفاؤه في تحرير مدينة حلب، كانت أولوية الجيش ومحور المقاومة هي إنهاء وجود الجماعات الإرهابية في المناطق المحاصرة في المحافظات الوسطى والجنوبية من البلاد. وهذه المناطق هي الرستن وتلبيسة في شمال محافظة حمص ، والقلمون الشرقي والغربي، والغوطة الشرقية في محافظة ريف دمشق، والمناطق المحتلة في محافظتي درعا والقنيطرة. ففي يوليو2018 دفع التقدم السريع والمذهل للجيش السوري في شمال درعا، الإرهابيين في وسط المدينة إلى طلب وقف إطلاق النار والمصالحة، وبالتالي استعاد الجيش دون الحاجة الى اي اشتباك مدينة درعا باعتبارها واحدة من المناطق الأولى التي احتلها الارهابيون عام 2012.
مصير الجماعات الإرهابية والمعارضة في محافظة درعا
بعد أن وافق الجانبان على المصالحة وتسليم المدينة إلى الجيش السوري ، قدم مسؤولو الحكومة السورية بحسن نية مقترحات سخية للجماعات المسلحة الموجودة في هذه المنطقة: العفو العام وإمكانية البقاء في المدينة مع عائلاتهم وحتى العودة الى الجيش السوري. كما قرر جميع الأشخاص الذي لم يكونوا من أهالي جنوب سوريا (مثل الإرهابيين الأجانب في تحرير الشام) مغادرة المنطقة والانتقال إلى محافظة إدلب.
وعلى عكس العمليات السابقة للمصالحة بين الجانبين التي قرر فيها معظم الإرهابيين في مناطق مثل الغوطة الشرقية أو شمال حمص الانتقال إلى محافظة إدلب، كان الوضع في محافظة درعا والقنيطرة مختلفاً تماماً، وباستثناء عدة آلاف من القوى التكفيرية والمتطرفة، قرر معظم الأعضاء السابقون في الجيش الحر وعائلاتهم البقاء في المنطقة والعودة إلى حضن الحكومة السورية.
الغضب الشديد من قرار أهل المنطقة يكتنف التكفيريين
شكلت هذه الحادثة صفعة مؤلمة جداً لمتزعمي الإرهابيين والقوى الداعمة لهم لأنهم كانوا يعتبرون درعا البلد هي قلب الثورة وكانوا يصرون على المقاومة حتى اسقاط الحكومة السورية. لذلك بعد تحرير المدينة وارساء الهدوء والأمن بعد 6 سنوات من الحرب وإراقة الدماء، وضعوا خطة جديدة لزعزعة الاستقرار الأمني في هذه المدينة. فاطلقوا حركة جديدة تسمى "المقاومة الشعبية" التي أعلنت عن اهدافها في اغتيال جنود الجيش السوري وأعضاء الجيش الحر السابقين الذين انضموا إلى الجيش السوري، وقادة المعارضة السابقين الذين قاموا بالمصالحة مع الجيش السوري.
الخلايا الإرهابية النائمة تبدأ عمليات الاغتيال في درعا
في شهر نوفمبر عام 2018، بدأت هجمات هذه المجموعة على القوات السورية. ففي الثاني من نوفمبر، استشهد اثنان من جنود الجيش السوري برصاص مجهولين في بلدة جاسم غرب درعا.
وأصبحت الهجمات تدريجياً أكثر تنظيماً، حيث كان يتم زرع مفخخات في مسارات قوافل الجيش السوري أو مهاجمة نقاط التفتيش. ففي 5 فبراير من العام الحالي أسفر انفجار مفخخة قرب نقطة تفتيش عسكرية في بلدة نمر عن استشهاد ثلاثة جنود سوريين.
وفي تاريخ 5 مارس ، تم اغتيال سامر الناصر الذي كان عضوا في المعارضة وانضم إلى قوات الدفاع الوطني السوري، على أيدي خلايا إرهابية خفية في مدينة الصنمين في محافظة درعا.
وفي ليلة 11 أبريل عام 2019، استهدف منزل اللواء "محمد رامي تقلا" قائد شرطة محافظة درعا بقذيفة آر بي جي ، ولكن لحسن الحظ لم يتعرض لأي أذى. ففي هذه المرة تعرضت شخصية كبيرة في القوات الأمنية السورية الى عملية اغتيال فاشلة.
وفي أبريل من هذا العام ايضاً، قُتلت الجماعات الإرهابية أربعة من قادة الجماعات المسلحة السابقين، بمن فيهم القائد السابق المشهور في الجيش الحر "محمد بردان" الذي لعب دورا في المصالحة في بلدة طفس. وقبل هذا الهجوم كان محمد بردان قد تعرض في اكتوبر 2018 وفي فبراير 2019 الى محاولتي اغتيال ولكنه نجا منهما سالماً.
وفي أحدث هذه الهجمات، في نوفمبر من العام الحالي، تم إطلاق الرصاص على النقيب "ميلاد غسان تفوح" من محافظة اللاذقية واستشهد عند حاجز أمني على طريق "أم المياذن – غرز".
عدد الخسائر الناجمة عن الهجمات في درعا
منذ بدء هجمات الخلايا الإرهابية النائمة في هذه المنطقة، تم اغتيال 79 شخصاً من قوات الجيش السوري. كما أسفرت الهجمات عن مقتل 13 من أعضاء المعارضة السابقين الذين انضموا إلى الجيش و17 شخصاً من الاشخاص الذين قرروا الاستمرار في وجودهم في المناطق الخاضعة لسيطرة الجيش السوري.
حيث يظهر تحليل عدد الهجمات في كل شهر على حدة أن شهر أكتوبر كان أكثر الشهور دموية بسبب هجمات خلايا الاغتيال حيث قتل جراءها 23 شخصاً.
كما تجدر الإشارة إلى أن هذه الأرقام تتعلق فقط بخسائر الجيش السوري وميليشيات المعارضة سابقاً وأن العشرات من المواطنين في المنطقة قد قتلوا في هجمات إرهابية خلال العام الماضي.