الوقت- على الرغم من محازاة الأردن لحدود الأراضي الفلسطينية المحتلة والكيان الاسرائيلي، إلا ان العلاقة بين الأردن والاحتلال الاسرائيلي بقيت هادئة لأكثر من عقدين من الزمن، بفضل معاهدة السلام التي تم توقيعها بوادي عربة في 26 أكتوبر/ تشرين الأول من العام 1994، إلا أن رئيس الوزراء الاسرائيلي بنيامين نتنياهو لم يرق له أن تبقى الأجواء هادئة على الحدود مع الأردن، وأراد أن يقدم للشعب الاسرائيلي انتصارا وهميا او بالأحرى أراد أن يحصل على دعم الصهاينة له في الانتخابات الأولى والتي اقيمت في أيلول الماضي، من خلال طرحه مسألة ضم غور الأردن إلى إسرائيل واعتباره الحدود الشرقية لها، إلا ان ما قاله كان بمثابة صب الزيت على النار، لأن الأردن اتخذت مجموعة من الخطوات الاحترازية والتي تؤكد ان العلاقة بينها وبين كيان الاحتلال لم تعد كما كانت عليه في السابق وان التوتر وصل إلى أعلى مداه.
أولى خطوات الاردن كانت من خلال استعادة "الباقورة والغمر" من قبضة العدو الصهيوني ورفض تأجيرها له، اذ جاء هذا القرار بناء على ضغوط من الشعب الاردني نفسه، ناهيك عن وقاحة نتنياهو فيما يخص موضوع ضم غور الاردن التي أغضبت القيادة الاردنية، حيث حذر حينها العاهل الأردني الملك عبد الله الثاني، من تداعيات "كارثية" حال إعلان إسرائيل ضم غور الأردن بالضفة الغربية المحتلة.
نتنياهو أعاد فتح هذا الملف قبل ايام، وطرح مسألة ضم غور الأردن، مشيرا إلى أنه بحث هذه القضية مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في اتصال هاتفي الأحد. وقال نتنياهو، للصحفيين في عسقلان:" تحدثت أمس مع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فكانت هذه مكالمة مهمة جدا لأمن إسرائيل، تحدثنا عن إيران ولكن تحدثنا أيضا بشكل موسع عن الفرص التاريخية التي ستأتينا خلال الأشهر المقبلة، بما فيها غور الأردن بصفته الحدود الشرقية المعترف بها لدولة إسرائيل، وحلف الدفاع مع أمريكا".
الرد الاردني جاء من خلال تدريبات عسكرية حملت "رسالة غضب" موجهة للجانب الاسرائيلي، حيث علت أصوات مدافع أردنية قبل أيام، قرب حدود الأردن مع الأراضي الفلسطينية. هذه الأصوات -التي لا يزال صداها مسموعا في إسرائيل- حملت، حسب مراقبين، رسائل سياسية وعسكرية غاضبة من عمّان إلى تل أبيب.
ونفذ الجيش الأردني بحضور الملك عبد الله الثاني ومسؤولين سياسيين وعسكريين كبار، مناورات عسكرية تحاكي سيناريوهات التصدي لغزو مفترض للسعودية من الخاصرة الغربية لحدودها مع إسرائيل.
وكشفت مصادر سياسية أردنية أن تلك المناورات التي أطلق عليها "سيوف الكرامة" حملت معها رسائل واضحة لصانع القرار الإسرائيلي، مفادها أن عمّان تتوجس سياسيا وعسكريا من أخطار محتملة.
وأضافت المصادر أن الأردن يرى في غرب النهر تهديدا حقيقيا للأراضي الأردنية، في إشارة إلى إسرائيل وخطواتها الاستفزازية الأخيرة، لا سيما فيما يتعلق بتهديدات ضم غور الأردن من الطرف الفلسطيني واعتبار السعودية وطنا بديلا.
آثار الإعلان الإسرائيلي المتوقع عن ضم غور الأردن
في حال قام كيان الاحتلال بإعلان ضم غور الاردن، فذلك سيكون بمثابة حرب معلنة على الجانب الاردني، وسيكون لمثل هذا القرار نتائج سلبية حجدا على العلاقة مع الاردن، حتى لو كانت اسرائيل تستغل وجود الرئيس الامريكي دونالد ترامب حاليا في السلطة، لكن من الأكيد أن بدء العد التنازلي لقيام رئيس الحكومة بنامين نتنياهو بضم غور الأردن سيثير احتجاجات شعبية عارمة في الأردن، ربما تدفع الملك عبد الله الثاني لاتخاذ خطوات دراماتيكية، سيترتب عليها أضرارا كبيرة على إسرائيل.
أولى الخطوات التي سوف يتخذها الاردن ستكون تجميد اتفاقية السلام مع اسرائيل، انطلاقا من بندها الثالث المتضمن الذي ينص على عدم قيام البلدين بأي خطوات من شأنها تهديد أمن واستقرار الطرف الآخر، وهو ما أوضحه الملك الأردني مؤخرا لدى إجرائه محادثات خاصة في أمريكا، وفيها توقع من إدارة الرئيس دونالد ترامب ألا تمنح نتنياهو غطاء سياسيا في حال توفرت نوايا جدية لديه لتحقيق وعوده بضم الغور.
وقبل يومين حذر مسؤولون أمنيون في إسرائيل، رئيس الوزراء المنتهية ولايته بنيامين نتنياهو، من إعلان فرض سيادة تل أبيب على غور الأردن، لأن ذلك قد يشكل خطرا على معاهدة السلام بينهما.
وحسب قناة "12" الإسرائيلية الخاصة، فإن المسؤولين حذروا نتنياهو من موجة غضب فلسطينية، ستثير موجة احتجاجات موازية في الأردن، وتجبر الملك عبد الله الثاني، على تعليق معاهدة السلام بين الدولتين، الموقعة عام 1994.
ووفقا للمسؤولين، فإن الملك عبد الله، لن يستطيع تحمل الضغوطات، ولن يكون قادرا على مواجهة تلك الاحتجاجات. وقالت القناة إن نتنياهو يسعى إلى استغلال وجود الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، في منصبه من أجل ضم غور الأردن. وأشارت إلى أن مسؤولين أردنيين، حذروا سابقا، من رد فعل الشارع بالسعودية إذا أعلنت إسرائيل ضم الغور.
وحتى لو اعلنت اسرائيل ضم غور الاردن فإن المجتمع الدولي لن يعترف بهذا الامر، وسيكون بمثابة تحريض أحمق من نتنياهو تجاه الاردن، وسيؤثر لا محالة على العلاقة مع مصر وبقية الدول الخليجية، ومن المؤكد أن الكيل قد طفح مع عمّان، وأن العلاقة بين الطرفين مرشحة للتصعيد، فمشكلة الأردن ليست فقط مع سياسات نتنياهو، وإنما مع المجتمع الإسرائيلي كله بسبب انزياحه الخطير إلى اليمين المتطرف.