الوقت- على الرغم من فتور العلاقات الأردنية - الكويتية في مرحلة من المراحل وذلك إبان غزو صدام حسين للكويت، إلا أن الأوضاع لم تبقَ على حالها إذ بدأت العلاقات بين هذين البلدين العربيين تتحسن تدريجياً وخاصة في فترة تولي الملك عبد الله الثاني لحكم الأردن، وهكذا بدأت العلاقات تأخذ منحىً جديداً تقاربت من خلاله وجهات النظر بين البلدين، وما حصل في الشرق الأوسط خلال الفترة الماضية ساهم في تلاحم البلدين أكثر من السابق لمواجهة الإرهاب والمخططات الأمريكية الهادفة للنيل من القضية الفلسطينية.
العلاقات اليوم تمرّ بأحسن حالاتها وإن حاول البعض أن يصوّرها عكس ذلك، وما أكد ذلك هي الزيارة الأخيرة التي قام بها الملك عبدالله الثاني للكويت خلال الأيام القليلة الماضية والتي التقى خلالها أمير الكويت صباح الأحمد الصباح، وبحث الجانبان العلاقات الثنائية بين البلدين، والتطورات الإقليمية.
ووفق ما أوردته الوكالة الأردنية الرسمية "بترا"، فقد أكد الملك عبد الله وأمير الكويت "اعتزازهما بالعلاقات الأردنية الكويتية الراسخة، والحرص على تعزيز التعاون بينهما في شتى الميادين".
كما تم "التأكيد على مواصلة التنسيق والتشاور بين البلدين إزاء مختلف القضايا ذات الاهتمام المشترك، بما يحقق مصالح البلدين والشعبين الشقيقين، ويخدم القضايا العربية والإسلامية".
وتناولت المباحثات مجمل قضايا المنطقة وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، حيث أكد الملك عبد الله "أهمية دعم الأشقاء الفلسطينيين في نيل حقوقهم العادلة والمشروعة في قيام دولتهم المستقلة، على خطوط الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، على أساس حل الدولتين".
الأردن تفادى أزمة دبلوماسية مع الكويت
هتافات أطلقها أردنيون في استاد عمان الدولي، خلال مباريات جمعت فريقي الأردن والكويت، ضمن تصفيات آسيا المونديالية، كادت أن تسبب بأزمة دبلوماسية بين البلدين، وذلك بعد إطلاق بعض الأردنيين لهتافات لصدام حسين.
هذه الهتافات أثارت غضب الكويتيين وكذلك أغلب الأردنيين الذين استنكروا هذه الهتافات على مواقع التواصل الاجتماعي، واعتبر هؤلاء أن بعض الجماهير تجازوا التقاليد الرياضية والروح العالية بين الشقيقين.
ومباشرة وبعد انتهاء المباراة بالنتيجة السلبية بين المنتخبين الشقيقين، بادر الجمهور الكويتي بتنظيف مقاعده على المنصة في استاد عمان الدولي، فالتقط نشطاء مواقع التواصل الاجتماعي المبادرة الشبابية، معاودين نقدهم لـ"مندسين" بين الجمهور الكروي الأردني، أساؤوا التصرف بهتافاتهم، التي اعتبروها "غير مسؤولة".
من جانبه وزير الخارجية الكويتي الشيخ صباح الحمد الصباح، أجرى اتصالاً هاتفياً مع وزير خارجية المملكة الأردنية الهاشمية أيمن الصفدي، نقل إليه استياء الكويت واستهجانها لما صدر عن الجماهير الأردنية من إساءات للكويت من خلال الهتافات التي تمثل إقحاماً للرياضة بأمور لا تمت لها بصلة بل تشويهاً لمقاصدها.
وقالت وزارة الخارجية الكويتية، في بيان صحافي، إن الوزير الصفدي عبّر من جانبه عن أسفه واستيائه من هذه التصرفات، التي لا تعكس طبيعة العلاقات الأخوية، وما يكنّه الشعب الأردني من تقدير لأشقائه في الكويت، مؤكداً أن بلاده لن تقبل بمثل هذه الإساءات، وستباشر اتخاذ إجراءاتها لمعرفة من يقف خلفها ومحاسبته.
وشدد الصفدي، خلال الاتصال، على "أن أي إساءة لدولة الكويت الشقيقة وشعبها الأصيل إساءة للأردن ندينها ونرفضها".
وقال الصفدي "علاقاتنا الأخوية أقوى من محاولات البعض لاستهدافها، ولا يمثلون الأردن وقيمنا واعتزازنا بالكويت الشقيقة وما يجمعنا بها من روابط المحبة والاحترام".
وأكد الصفدي والشيخ الصباح أن الأردن والكويت ماضيان في تعزيز علاقاتهما الاستراتيجية الراسخة الصلبة المتجذرة في وجدان الشعبين الأردني والكويتي الأبيين وقيادتيهما الحكيمتين.
وأكد الصفدي أن العلاقات الأردنية الكويتية الأخوية "عصية على كل من يحاول الإساءة لها وبث الفتنة بين الأشقاء".
ورفض الاتحاد الأردني لكرة القدم "وبشدة"، ما صدر من هتافات خارجة عن الأطر الرياضية والأعراف والمبادئ المعززة لقيم الاحترام والحفاوة، "والتي خرجت عن فئة غير مسؤولة ودخيلة على قيم مجتمعنا الأردني الأصيل المحب لأشقائه والحريص على عكس كل صور الترحيب والتقدير لضيوفه الأعزاء"، مبدياً أسفه المقترن بالاستغراب والاستهجان من هتافات غير مسؤولة صدرت على مدرجات استاد عمان الدولي خلال مباراة منتخبنا الوطني وشقيقه الكويتي.
العلاقات الأردنية - الكويتية
بغض النظر عن بعض التفاصيل التي ذكرنا أنموذجاً منها إلا أن العلاقات بين الأردن والكويت هذه الأيام راسخة وتينة، وتحرص قيادة البلدين على تعميق العلاقات بينهما وتقوية جسر التعاون بينهما لما فيه مصلحة الشعبين ومصلحة شعوب المنطقة خصوصاً بعد تنامي الأفكار والمنظمات الإرهابية التي باتت تشكّل خطراً كبيراً على أمن واستقرار الوطن العربي الذي يشهد اضطرابات غير مسبوقة تستدعي الوعي والحذر.
قيادتا البلدين تتفقان على قراءة مشتركة لمبادرة السلام العربية بما فيها إعادة إطلاق عملية السلام وصولاً إلى إنهاء النزاع العربي الإسرائيلي وإيجاد حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية التي تشكل جوهر الصراع في المنطقة.
ولا شكّ أن العلاقات الكويتية - الأردنية تسير في الاتجاه الصحيح بفضل إصرار قيادة البلدين على تكريس نهج التنسيق والتعاون والتشاور في مختلف المجالات وعلى جميع الصعد.
أمنياً وعسكرياً
فرض الإرهاب ضرورة التعاون الأمني الوثيق بين البلدين، لا سيّما بعد تمدّد تنظيم "الدولة الإسلامية" وتوسّعه في مناطق الشرق الأوسط.
وفي هذا الإطار، وخلال جلسة مباحثات بين ملك الأردن وأمير دولة الكويت صباح الأحمد الجابر الصباح، في فبراير من العام الحالي، والتي تناولت آخر المستجدات على الساحة الإقليمية، تم التشديد على "ضرورة تكثيف التعاون والتنسيق بين مختلف الدول العربية، في سبيل التعامل مع التحديات التي تواجهها دول المنطقة، خصوصاً خطر التطرف والإرهاب، الذي يهدد أمن واستقرار الجميع".
الجانبان أكّدا "ضرورة توحيد الجهود العربية والإسلامية ضد الإرهاب والتطرف، وأهمية دور المؤسسات الدينية في العالم العربي والإسلامي في نشر منهج فكري مستنير، استناداً إلى مبادئ الإسلام السمحة واعتداله وتسامحه ووسطيته".
التعاون العسكري
شاركت الكويت بـ 67 عسكرياً إلى جانب 17 دولة عربية وأجنبية في تمرين "الأسد المتأهب 2015" الذي نفّذته القيادة العامة للقوات المسلحة الأردنية بالتعاون مع الجانب الأمريكي في أيار الماضي.
وبزر في قراءتنا الخاصة لطبيعة العلاقات الثنائية الأردنية الكويتية، أن البلدين الشقيقين تربطهما علاقات أخوية وطيدة وشراكة استراتيجية أرسى دعائمها قيادتا البلدين، وأصبحت العلاقات الأردنية الكويتية نموذجاً للعمل العربي المشترك، ويرتبط الجانبان باتفاقيات ثنائية تعزز مسيرة التعاون المشترك فيما بينهما في شتى المجالات، السياسية، والبرلمانية، والثقافية، والاقتصادية، والتعليمية، والصحية، والإعلامية، والعسكرية.
وتحتضن الكويت جالية أردنية كبيرة تقدر بأكثر من (50) ألف مواطن أردني، يعملون في شتى المجالات، فيما ينتظر أن يتم التعاقد مع أعداد إضافية للعمل في الشقيقة الكويت خلال الفترة القريبة، فيما تحتضن الهيئات التعليمية الكويتية المختلفة من مدارس ومعاهد تطبيقية وجامعات عدداً كبيراً من الطلبة الأردنيين، وبذات الوقت تحتضن الجامعات الأردنية الحكومية والخاصة الآلاف من الطلبة الكويتيين الدارسين في المملكة.