الوقت- بالتزامن مع الإعلان عن سيطرة الجيش التركي ومرتزقته مما يسمى بالجيش الحر على المناطق الشمالية والحدود مع تركيا، أفادت القوات السورية ووسائل الإعلام الرسمية بحدوث التوافق مع الحكومة المركزية لدخول الجيش السوري إلى المناطق الشمالية.
مع الإعلان عن هذا الخبر، يجب القول إن التطورات في سوريا سوف تدخل مرحلةً جديدةً، وسيكون لتعاون الأكراد مع الحكومة المركزية آثاره الخاصة على التطورات في سوريا.
الترحيب بالجيش السوري في المناطق الشمالية
بعد هذا الاتفاق، ذكرت وسائل الإعلام السورية ليلة الأحد أن قوات الجيش بدأت في الانتقال إلى ساحات القتال في شمال شرق البلاد لمواجهة العدوان التركي.
ووفقاً لهذا التقرير، فإن إجراء الجيش السوري يهدف لمواجهة العدوان التركي على البلدات والمناطق الحدودية شمال محافظتي الحسكة والرقة.
وفي هذا الصدد، نقلت وكالة أنباء "سبوتنيك" عن مراسلها في الرقة بأن الجيش السوري وفي محاولة للانتشار على حدوده الشمالية مع تركيا، وصل في وقت مبكر من صباح الاثنين إلى مدينة "الطبقة" ومحيط مطارها العسكري في محافظة الرقة الشمالية، حيث تتمركز وحدات من القوات الكردية.
"بدران جيا كردي" وهو مسؤول في القوات السورية الكردية، قال لرويترز: "بعد أن غادر الأمريكيون المنطقة وأعطوا الضوء الأخضر للغزو التركي، كان علينا أن ننظر في الخيارات الأخرى، ومنها الحوار مع دمشق وموسكو، لإيجاد حل ومنع الهجمات التركية".
وأكد أن "هذا الاتفاق الأولي هو اتفاق عسكري، ولا يوجد نقاش حول الجانب السياسي منه، والذي سيتم مناقشته لاحقاً".
من ناحية أخرى، قال "عصمت شيخ حسن" المسؤول العسكري في قوات سوريا الديمقراطية: إن الإدارة الكردية الذاتية قد اتفقت مع روسيا على تسليم مدينة عين العرب (الكوباني) إلى الحكومة السورية.
وتوقع أن يتم نشر قوات الجيش السوري خلال 48 ساعة القادمة في مدينتي عين العرب ومنبج اللتين تسيطر عليهما قوات سوريا الديمقراطية.
بدورها أعلنت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) ليلة الأحد، أنه في أعقاب تحرّك الجيش العربي السوري شمالاً لمواجهة العدوان التركي على أرضه، احتفل أهالي الحسكة في مختلف أنحاء المدينة بوصول الجيش، كما أعلن رجال القبائل في تلك المناطق أنهم مستعدون لمساعدة الجيش في الوصول إلى أهدافه في منطقة شرق الفرات.
استمرار الخيانة الأمريكية للأكراد
لكن مع الإعلان عن الاتفاق بين الأكراد والحكومة المركزية، فإن أمريكا التي حاولت كثيراً أن تثبت أنها محايدة في الحرب، بل حتى تنتقد الهجوم التركي، وأنها لم تعطِ لتركيا الضوء الأخضر لهذا الهجوم، أقدمت على عمل من أعمال الخيانة للأكراد ولمصلحة الجيش التركي، حيث استهدفت بطائراتها الحربية قافلةً عسكريةً تابعةً للجيش السوري في منطقة "الرصافة" في جنوب غرب الرقة.
ووفقاً لـ "روسيا اليوم"، كانت القافلة متجهةً إلى بلدة الطبقة وإذا بها تتعرّض لهجوم من قبل الطائرات الأمريكية.
من ناحية أخرى، وبالتزامن مع تقدّم الجيش التركي للسيطرة على مدينة "تل أبيض"، قامت القوات الأمريكية بإخلاء قاعدتها للمراقبة جنوب عين العرب في محافظة حلب السورية.
لكن النقطة المهمة في إثبات خيانة أمريكا للأكراد، يمكن البحث عنها في تصريحات دونالد ترامب، ففي خطاب ألقاه الليلة الماضية لمؤيديه، نصح الميليشيات الكردية بالانسحاب من الحدود التركية مع سوريا، وقال للمجموعات الكردية "إذا لم يكن لديكم طائرات فمن الصعب جداً التغلب على قوة تمتلك طائرات".
هذا في حين أن أحد أهم توقعات الأكراد السوريين من أمريكا، كان إنشاء منطقة حظر طيران لدعم حلفائها، ولكن كشفت تصريحات ترامب أن واشنطن قد منحت تركيا ضوءاً أخضر لقمع الأكراد بشكل كامل.
سد طريق العدوان التركي في سوريا
لكن بالتزامن مع خيبة أمل الأكراد الكاملة تجاه أمريكا، نقلت وكالة "سكاي نيوز" العربية للأنباء عن مسؤول كردي قوله، إن روسيا قد أعلنت منطقة حظر طيران في شمال سوريا.
إذا كان هذا الخبر صحيحاً فيمكن القول إنه سيكون من الصعب جداً بالنسبة للجيش التركي التقدم في المستقبل، خاصةً أن الحكومة السورية أعلنت أن الجيش السوري مستعد لمواجهة أي تحدٍّ.
يبدو أن مواجهة الجيش السوري للجيش التركي، جزء من الاتفاق بين الأكراد ودمشق، كما جاء في البيان الذي أصدره الأكراد: أنه بالنظر إلى أن حماية حدود البلاد والحفاظ على سيادة سوريا الوطنية وسلامة أراضيها هي واحدة من مهام الحكومة السورية، وفقاً لذلك، سينتشر الجيش السوري على طول الحدود السورية التركية.
ووفقاً لهذا البيان، سوف يدعم الجيش السوري ما يسمى بـ "قوات سوريا الديمقراطية" التي يقودها الأكراد، لمواجهة الهجمة العسكرية للجيش التركي ومرتزقته، في إشارة إلى الجماعات الإرهابية المدعومة من تركيا والتي تعرف باسم "الجيش الحر".
وذُكر أيضاً في جزء آخر من البيان، أن الاتفاق بين الأكراد ودمشق سيمهّد الطريق لتحرير المدن السورية الأخرى مثل عفرين التي دخلها الجيش التركي.
ومع ذلك، حاولت السلطات السياسية التركية في مواقفها تصوير الظروف بأنها لا تزال لمصلحة مواصلة العملية.
حيث قال أردوغان قبل السفر إلى "باكو" عاصمة جمهورية أذربيجان: "حالياً، وبالنظر إلى النهج الإيجابي لروسيا، لن تكون هناك مشكلة في كوباني (عين العرب)، وبالنسبة إلى منبج نحن سننفذ القرار الذي اتخذناه".
كذلك، قال "إلينور تشفيك" أحد كبار مستشاري الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، لـ"بي بي سي": لم يتم التوصل إلى مثل هذا الاتفاق، والجيش السوري ليس على الحدود مع تركيا".
من المسؤول عن هروب سجناء داعش؟
لكن واحدة من أهم القضايا خلال الحرب بين الأكراد السوريين والجيش التركي، هي مصير سجناء داعش لدى الأكراد، حيث وردت أنباء في الأيام الأخيرة عن فرار بعض عائلات ومسلحي داعش الإرهابيين من المخيمات.
تقول قوات سوريا الديمقراطية إن سيارةً مفخخةً قد انفجرت في أحد السجون في ريف الحسكة والذي كان تحت سيطرتهم، ثم بدأ مقاتلو داعش بإطلاق النار على السجن.
وتضيف هذه القوات إنه عليهم الآن القتال على جبهتين، الأولى مع داعش، والثانية مع الجيش التركي والمتمردين الذين يدعمهم. ويتّهمون تركيا باستخدام قوات داعش السرية والنشطة تحت عنوان "الجيش الوطني" السوري ضد الأكراد.
بعد الغزو التركي لشمال شرق سوريا، شنّ داعش حملةً ضد القوات التي يقودها الأكراد، وأعلن مسؤوليته عن انفجار قاتل في مطعم في "القامشلي"، وهي بلدة كردية في سوريا.
ومع ذلك، فإن تركيا تتهم الأكراد بالإفراج عن عناصر داعش للضغط على أمريكا وأوروبا.
لكن من ناحية أخرى، انتقد ترامب في تغريدة هروب سجناء داعش، وقال: "يجب ألّا تسمح تركيا والأكراد لسجناء داعش بالهروب، يتعيّن على أوروبا أن تستلمهم، وعليهم القيام بذلك الآن، لن نسمح لهم (عناصر داعش) أبداً بالقدوم إلى أمريكا".
مع ذلك، ما يبدو مؤكداً هو أنه مع معرفة أمريكا بإمكانية هروب داعش من سجون الأكراد، فإن إعطاء الضوء الأخضر لتركيا لمهاجمة شمال سوريا، يجعل المسؤولية الرئيسة عن هذا الحدث على عاتق أمريكا، بحيث يمكن اعتبار ذلك إجراءً متعمّداً من قبل البيت الأبيض لعودة الانفلات الأمني إلى سوريا مرةً أخرى، والحيلولة دون حل الأزمة في هذا البلد.