الوقت- قبل بضعة أيام من الانتخابات البرلمانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، والتي ستحدد مصير حكومة الكيان الإسرائيلي على مدى السنوات الخمس المقبلة، حط ّبنيامين نتنياهو الرحال في "سوتشي" للقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين.
من ناحية أخرى، تأتي هذه الزيارة قبل قمة الدول الثلاث، إيران وروسيا وتركيا، المقرر عقدها في 16 سبتمبر في تركيا.
لذلك، كان هدف نتنياهو من الزيارة هو التركيز على هاتين المسألتين، بحيث يمكنه من خلال التأثير على المعادلات، تحسين وضعه غير المواتي في جبهة المنافسة المحلية.
وبناءً على ذلك، وصفت وسائل الإعلام الإسرائيلية زيارة نتنياهو بأنها جزء من حملته الانتخابية لجمع أصوات الإسرائيليين من أصل روسي، تماماً كما زيارته إلى "كييف" قبل ثلاثة أسابيع لطلب أصوات الإسرائيليين من أصل أوكراني.
مع ذلك، وبعد اجتماعاته في روسيا، تحدثت وسائل الإعلام مثل وكالة "يونايتد برس" الأمريكية عن عودة نتنياهو من موسكو بأيدٍ فارغة.
قبل ساعات فقط من وصول نتنياهو إلى روسيا، انتقدت وزارة الخارجية الروسية في بيان لها مواقف نتنياهو الأخيرة بشأن ضم أجزاء من الضفة الغربية إلى المناطق المحتلة، وحذّرت من أن مثل هذه الخطوة ستؤدي إلى تفاقم الأزمة واستئناف جولة جديدة من العنف.
وكان هذا البيان هو مجرد مقدمة لتذكير نتنياهو بالمحادثات الصعبة التي تنتظره مع بوتين، والتي لم تكن توحي بإمكانية التوصل إلى أي تفاهم أو اتفاق بين الجانبين، وكان الشأن السوري هو الموضوع الرئيس بالنسبة لنتنياهو.
لقد التقى نتنياهو وبوتين بانتظام في السنوات الأخيرة لتنسيق الأنشطة العسكرية في سوريا، وكان الجهد الرئيس لتل أبيب هو إحداث ثغرة في التحالف الموجود بين طهران وموسكو، وخاصةً حول القضية السورية، ولكن ماذا كان تأثير هذه الاجتماعات العديدة؟ هو سؤال يطرحه منتقدو نتنياهو بجدية.
في هذا السياق، أفاد موقع "المونيتور" الإخباري بأن نتنياهو قد طلب من بوتين عقد اجتماع ثلاثي آخر لمستشاري الأمن القومي الأمريكي والروسي والإسرائيلي بحضور رؤساء البلدان، لكنه واجه ردّاً سلبياً من بوتين.
تجدر الإشارة إلى أن القمة الثلاثية الأولى لمستشاري الأمن القومي للدول الثلاث قد عقدت في بداية هذا الصيف في الأراضي المحتلة، دون أي نتائج ملموسة.
لكن في المقابل، وبحسب وزير الخارجية الروسي "سيرجي لافروف"، أكد فلاديمير بوتين خلال المحادثات مع نتنياهو على ضرورة احترام السلامة الإقليمية لسوريا كون العقوبات الغربية ضد حكومتها الدستورية غير بناءة، وضرورة عودة الشعب السوري إلى الحياة الطبيعية.
هذا الطلب الروسي من نتنياهو ليس له أي معنى آخر سوى معارضة الكرملين للهجمات الصهيونية على الأراضي السورية بين حين وآخر.
وفي هذا الصدد، ذكرت صحيفة "الإندبندنت" نقلاً عن مصدر روسي، أن موسكو قد حذّرت نتنياهو من هجمات الكيان الإسرائيلي على القواعد العسكرية السورية، قائلاً إن مقاتلات الكيان سيتم إسقاطهم في لبنان وسوريا في هجمات لاحقة.
وأضاف المصدر: مثل هذا الحدث قد وقع مرتين في الآونة الأخيرة، بحيث في أواخر أغسطس منعت موسكو هجوماً على قاعدة للجيش السوري في "قاسيون"، لأن "إسرائيل" كانت تسعى لاستهداف الصواريخ وأنظمة التتبع والرادار لمنظومة إس 300 الروسية، لكن موسكو التي علمت بهذه الخطة الإسرائيلية، أطلقت مقاتلاتها لاستهداف وتهديد المقاتلات الإسرائيلية، كما تم تفعيل منظومة إس 400.
كذلك فإن التأكيد على الحفاظ على وحدة أراضي سوريا، قد يعني أيضاً دعم موسكو لدمشق للمطالبة بتحرير الجولان المحتل، تماماً كما عارضت موسكو اعتراف ترامب باحتلال الجولان من قبل الكيان الإسرائيلي.
من ناحية أخرى، كان تركيز موسكو على الحاجة إلى مواجهة الإرهاب، جزءاً آخر من عرض الخلافات في هذه الزيارة، التي كان نتنياهو يريد أن يستغلها في حملته الانتخابية.
حيث أشار بوتين إلى الأحداث التي وقعت في داغستان منذ عقدين من الزمن، وقال: "روسيا تعرف جيداً ما هو الإرهاب، وإسرائيل تعرفه مباشرةً أيضاً".
إن التأكيد على الحاجة إلى التعاون في مكافحة الإرهاب، في حين أن الكيان الإسرائيلي ليس فقط لم يلعب دوراً بسيطاً في مكافحة الإرهاب التكفيري أثناء الأزمة السورية، بل كان هو نفسه أحد أهم مؤيدي الجماعات الإرهابية سراً وعلناً، يذكِّر بطبيعة الحال بجزء آخر من الانقسامات العميقة بين موسكو وتل أبيب في القضايا الإقليمية.