الوقت- بعد أسبوع من الرد العسكري الذي نفّذه "حزب الله" اللبناني على عدد من المناطق داخل "إسرائيل"، لا تزال هناك هزّات ارتدادية لهذه العمليات العسكرية على الساحة السياسية والاجتماعية الإسرائيلية، حيث انتقدت العديد من وسائل الإعلام والمستوطنات الإسرائيلية، عمليات الفبركة والدعاية الكاذبة التي قام بها الكيان الصهيوني وفشله في التنبؤ ومعرفة وقت ومكان هجوم قوات "حزب الله"، الذي أسفر عن مقتل وجرح العديد من القوات الإسرائيلية، ولكن مع نشر شريط فيديو للهجوم الذي شنه "حزب الله"، أصبحت الحقيقة واضحة.
وبالتزامن مع زيادة موجة الانتقادات الداخلية على رئيس الوزراء الإسرائيلي "نتنياهو"، نقلت صحيفة "اللواء" اليومية اللبنانية عن مصادر دبلوماسية قولها، إن "إسرائيل" تقدّمت بطلب للجانب الروسي من أجل الضغط على "حزب الله" وحثّه على الالتزام بقواعد الاشتباكات العسكرية السابقة، والالتزام بالقرار الأممي رقم 1701.
لقد تبنّى مجلس الأمن الدولي بالإجماع القرار 1701، في 11 اكتوبر 2006 والذي يدعو إلى وقف كامل للعمليات القتالية في لبنان.
جاءت هذه التطورات في وقت كانت فيه استراتيجية "نتنياهو" وحزب الليكود تسعى للفوز في الانتخابات عن طريق إرساء الأمن الداخلي وذلك من خلال خلق العديد من التوترات الخارجية.
ومع ذلك، فإن نتيجة الطلب الذي تقدّم به "نتنياهو" للجانب الروسي ستكون هي الحاسمة لمستقبله السياسي، وهنا يطرح هذا السؤال نفسه، ماذا يدور خلف كواليس طلب "نتنياهو" الذي تقدّم به لـ"حزب الله" للعودة إلى الاتفاق الأممي رقم 1701؟
القرار الأممي رقم 1701
تبنّى مجلس الأمن الدولي بالإجماع القرار 1701، في 11 اكتوبر 2006 والذي يدعو إلى وقف كامل للعمليات القتالية في لبنان ويطالب القرار حزب الله بالوقف الفوري لكل هجماته، و"إسرائيل" بالوقف الفوري لكل عملياتها العسكرية الهجومية وسحب كل قواتها من جنوب لبنان.
ودعا القرار الحكومة اللبنانية لنشر قواتها المسلحة في الجنوب بالتعاون مع قوات الطوارئ الدولية التابعة للأمم المتحدة "يونيفيل" وذلك بالتزامن مع الانسحاب الإسرائيلي إلى ما وراء الخط الأزرق. كما يدعو "إسرائيل" ولبنان لدعم وقف دائم لإطلاق النار وحلّ بعيد المدى.
وتضمّن هذا القرار عدة بنود والتي من أبرزها، إيجاد منطقة بين الخط الأزرق ونهر الليطاني تكون خالية من أي مسلحين ومعدات حربية وأسلحة عدا تلك التابعة للقوات المسلحة اللبنانية وقوات "يونيفيل".
والتطبيق الكامل لبنود اتفاق الطائف والقرارين 1559 و 1680 بما فيها تجريد كل الجماعات اللبنانية من سلاحها وعدم وجود قوات أجنبية إلا بموافقة الحكومة، ومنع بيع وتوفير الأسلحة والمعدات العسكرية إلى لبنان إلاّ تلك التي تسمح بها الحكومة، وتسليم "إسرائيل" الأمم المتحدة خرائط حقول الألغام التي زرعتها في لبنان، وتمديد مدة عمل قوة الطوارئ الدولية في لبنان حتى 31أغسطس/آب 2007.
ودعا مجلس الأمن الأمين العام للأمم المتحدة "كوفي أنان" إلى دعم الجهود الرامية لتأمين الحصول على موافقات من حيث المبدأ من حكومتي لبنان و"إسرائيل" على مبادئ وعناصر حل طويل الأجل سالفة الذكر.
وأعرب المجلس عن اعتزامه المشاركة في ذلك بشكل فعّال وقرر أن يسمح بزيادة عدد قوات "يونيفيل" إلى حد أقصى قدره 15 ألف جندي وأن تتولى القوة إضافة إلى تنفيذ ولايتها عدة مهام من بينها رصد وقف الأعمال القتالية وتقديم مساعدة لضمان وصول المساعدة الإنسانية إلى السكان المدنيين والعودة الطوعية والآمنة للنازحين.
وفيما يتصل بمنطقة مزارع شبعا يطلب القرار من الأمين العام أن يقدّم إلى المجلس اقتراحات خلال ثلاثين يوماً بعد مشاورات مع الفرقاء المعنيين بشأن إجراء ترسيم دقيق للحدود اللبنانية.
استرجاع أوراق المعادلات السياسية
لم يمض وقت طويل على التهديدات الإعلامية التي صرّح بها رئيس الوزراء الإسرائيلي حول قدرة سلاح الجو الصهيوني على شنّ غارات جوية في أي مكان في المنطقة يهدد الأمن والأمان في "تل أبيب".
ولقد تحدث صراحة عن لبنان والعراق وسوريا، وقال بأن جيشه لن يظل صامتاً على تحركات أعدائه من قوات محور المقاومة في سوريا وفي ذلك الوقت وصف البعض إعلان "نتنياهو" هذا بأنه بمثابة إعلان حرب على طهران وحلفائها في المنطقة.
لكن بعد أسابيع قليلة من إطلاقه تلك التهديدات، أدرك "نتنياهو" أخيراً أنه يعيش في حالة من التهديد، والآن أصبحت هجمات محور المقاومة تشكل تهديداً كبيراً لأمن "إسرائيل".
لطالما تحدث "نتنياهو" حول مسألة الأسلحة والمعدات المتطورة التي استخدمها أبطال محور المقاومة خلال السنوات الماضية في سوريا وطالب "نتنياهو" المجتمع الدولي بإيجاد حلول عاجلة لمنع نقل تلك الأسلحة إلى لبنان.
إن العدوان الأخير الذي نفّذته قوات الاحتلال الصهيوني على لبنان، ساعد السيد "حسن نصر الله" على الكشف عن تحقق الكابوس الذي كان يطارد "نتنياهو".
حيث أعلن السيد "نصر الله" عن امتلاك حزب الله لصواريخ موجهة بالليزر ويمتلكون أيضاً تكنولوجيا صنعها الحزب، بل تحدث السيد "نصر الله" عن سلاح استراتيجي جديد لا يريد "حزب الله" استخدامه في الوقت الحالي.
إن تصريحات السيد "حسن نصر الله" والهجوم الذي نفّذه أبطال المقاومة، أكدت بأن التطورات الميدانية والتغييرات الحاصلة في المعادلات العسكرية تصبّ في مصلحة "حزب الله" اللبناني.
وهنا تجدر الإشارة إلى أن هدف "نتنياهو" من اللجوء إلى القرار 1701، يتمثل في إثارة مسألة نزع سلاح "حزب الله"، وذلك لكي يتمكن، أولاً من التعامل مع الشكوى التي تقدّمت بها الحكومة اللبنانية ضد "إسرائيل" بسبب قيامها بانتهاكات شبة يومية للمجال الجوي اللبناني، وثانياً إعادة إطلاق الضغوط الداخلية والدولية على "حزب الله" حتى ينزع سلاحه.
لكن الأمر الواضح في هذه المحاولات التي يبذلها "نتنياهو"، تؤكد بما لا يدع مجالاً للشك بأن "نتنياهو" يحاول الهروب من الهزيمة العسكرية ويحاول إعادة أوراق المعادلات السياسية لمصلحته حتى يتمكّن من الفوز في نهاية المطاف في الانتخابات.