الوقت – لاتزال المصادر الإعلامية المختلفة تتحدث عن اتجاه هبوطي في وجود القوات الإماراتية في الحرب اليمنية خلال الأسابيع الأخيرة، على سبيل المثال نقل موقع "الإمارات 71" الإخباري صباح الاثنين عن العقيد "وضاح الدبيش" المتحدث باسم القوات المشتركة في عدن قوله: لقد تسلّمت قوات خفر السواحل اليمنية في الأيام الأخيرة جزيرة "زقر" المطلة على البحر الأحمر بين اليمن وإريتريا من القوات الإماراتية.
مع ذلك، فإن معظم المحللين في الأوساط السياسية والإعلامية لم يروا في هذه الخطوة إشارةً على قرار الإمارات بإنهاء حربها المستمرة منذ خمس سنوات على اليمن، بل يتحدثون عن تغيير شكل وكيفية مشاركتها المستمرة في الحرب.
في الواقع، حالياً وبعد مضي فترة على هذا الموضوع، تشير الدلائل إلى أن أبوظبي لا تزال تواصل الحفاظ على المواقع الاستراتيجية والمناطق التي احتلتها على مرّ السنين الماضية، ولم تتراجع عنها على الإطلاق.
وفقاً لموقع 21 الإخباري للمجلس الانتقالي الجنوبي، فإن قوات طارق صالح وغيرها من الجماعات المسلحة التابعة لدولة الإمارات مع حوالي 90 ألف من الجنود المدربين من قبل هذا البلد، مازالوا يقاتلون قوات أنصار الله، وأقدمت أبو ظبي في الفترة الأخيرة على توحيدها لتعزيز سيطرتها على هذه القوات ومنع أي اشتباكات عسكرية بينها.
وبحسب التقرير، فإن القوات التابعة للإمارات في غرب اليمن وفي مدينة الحديدة بقيادة طارق صالح، والكتائب المعروفة باسم أبو العباس في تعز والقوات الموسومة باسم حماة في جزيرة سقطری والتي تدرّبت في أبو ظبي، هي من المجموعات التي تدعمها الإمارات.
كما أشار التقرير إلى أن الإمارات قد دعمت قوات ما يسمى بحزام عدن الأمني، والتي كانت موضع نقاش واسع النطاق ووسّعت نفوذها خارج عدن، ليمتد إلى لحج وأبين.
لكن في محافظة شبوة الغنية بالنفط، فقد اتخذت القوات الشبوانية المؤيدة لأبوظبي مواقع داخل المدينة، ونشرت مركباتها المدرعة دون التنسيق مع لجنة الأمن في المحافظة، وسيطرت على المناطق الحساسة والمهمة ومواقع الإنتاج وموانئ التصدير، هذا في الوقت الذي تواصل فيه القوات الإماراتية استخدام شركة الغاز في "بلحاف" كقاعدة عسكرية لها، وهي لا تعترف أيضاً بحكومة عبد المنصور هادي وتمتثل لأوامر قيادة القوات الإماراتية في بلحاف مباشرةً.
على الرغم من أن سلطات الإمارات قد اعتمدت مثل هذا النهج بناءً على ضرورات مثل منع الضربات الجوية لأنصار الله، وبالتالي عواقبها غير المتوقعة على الاقتصاد الزجاجي لهذا البلد، فضلاً عن تخفيف الضغط الدولي عليها نتيجةً للجرائم اليومية التي ترتكبها في اليمن، ولكن فإن السؤال الذي يطرح نفسه هو، ما مدى فعالية مثل هذا النهج لتعزيز المصالح الاستراتيجية لدولة الإمارات في حربها على اليمن؟
الأهداف الاستراتيجية للإمارات في اليمن
يمكن تقسيم الأهداف الاستراتيجية لدولة الإمارات في دخول الحرب اليمنية إلى قسمين: المصالح السياسية والاقتصادية.
أبرز المصالح السياسية للإمارات في اليمن، هي جهودها المبذولة لتقسيم اليمن وفصل الجنوب عن الشمال، ومنع تشكيل حكومة مستقرة وقوية في اليمن، ومواجهة النمو المتزايد لجماعة الإخوان المسلمين في المنطقة، ومن ناحية أخرى، فإن أهم أهدافها الاستراتيجية في المجال الاقتصادي يرتبط بالسيطرة على الموانئ الاقتصادية الرئيسة في اليمن، ومنع نمو اليمن الاقتصادي على المستوى الإقليمي وتحوُّله إلى دولة مستقلة ومنافسة للإمارات في الاقتصاد، وذلك نظراً لموقعه الجيوسياسي بدءاً من ميناء عدن ووصولاً إلى ميناء المكلا والمخا.
وبهذا يمكن القول إنه على عكس السعودية التي تعدّ الخاسر الرئيس في الوضع الحالي، فإن الإمارات قد حققت جزءاً مهماً من أهدافها، وهي تركز الآن بشكل أساسي على جنوب اليمن بدلاً من اعتماد النهج الهجومي.
وفي هذا السياق، كانت القوى الجنوبية الانفصالية المعارضة للإمارات والمعروفة باسم "الحراك الثوري الجنوبي"، قد اتهمت أبو ظبي في وقت سابق بمحاولة تفجير المدن الجنوبية في اليمن، من خلال القوات الموالية لها بهدف تعزيز سيطرتها على حقول النفط والموانئ الحيوية والحساسة لهذه المناطق.
العوائق أمام استراتيجية الإمارات الجديدة
تواجه الاستراتيجية الجديدة لدولة الإمارات العديد من العقبات الرئيسة، لإنهاء دورها المباشر في الحرب، بهدف تقليص الحساسيات الدولية ومواجهة أنصار الله عسكرياً.
العقبة الأولى هي بالتأكيد وعي أنصار الله بالخطة الإماراتية الأصلية لتقسيم اليمن، والتدابير والقدرات المتزايدة التي يمكن أن تتخذها صنعاء لمنع تفكك اليمن وإنهاء العدوان الخارجي، كما أنها ستحافظ على أدوات الضغط ضد الإمارات كداعم رئيس لمثل هذا السيناريو.
من ناحية أخرى، تعارض بعض الجماعات السياسية في الجنوب، وكذلك الرأي العام اليمني، خطط الإمارات الاستعمارية للسيطرة على موارد المنطقة الاقتصادية المهمة، وقد نظّمت على مدار العام الماضي عدة مظاهرات ضد العدوان الإماراتي والسعودي الغاشم على بلدهم.