الوقت- تمكّنت قوات الجيش واللجان الشعبية اليمنية خلال الأسابيع القليلة الماضية من تكبيد تحالف العدوان السعودي الكثير من الخسائر الإنسانية والمادية وتمكّنت أيضاً من تنفيذ العديد من الضربات الصاروخية الموجعة على عدد من المطارات والمراكز العسكرية السعودية.
وحول هذا السياق، كشفت العديد من المصادر الإخبارية غير الرسمية بأن ولي العهد السعودي الأمير "محمد بن سلمان" تقدّم باقتراح لوقف الحرب، ولقد كشف عن هذا الخبر حساب التوتير المعروف بـ"مجتهد"، الحساب الغامض الذي طالما قدّم نفسه كمصدر غير معروف من داخل العائلة الحاكمة في السعودية.
وفي هذا الصدد، قيل إن ولي العهد السعودي، قدّم اقترحاً لـ"أنصار الله"، بأن لهم حق السيطرة على شمال اليمن وألّا يكون لهم أي علاقة بالجزء الجنوبي من اليمن، وألّا يعارضوا بناء خط أنابيب النفط السعودي العابر من مدينة المهرة اليمنية إلى بحر العرب.
ومع ذلك، فلقد كشفت تلك المصادر غير الرسمية بأن "أنصار الله" رفضت ذلك الاقتراح، وطالبت بالسيطرة الكاملة على بلادهم وإنهاء الحرب بشرط أن تقوم السعودية بالاعتذار للشعب اليمني ودفع تعويضات لكل أبناء الشعب اليمني الذي عانى خلال السنوات الأربع الماضية من ويلات الحرب وهمجية العدوان السعودي.
طلب ولي العهد السعودي جاء بعد تكثيف العمليات العسكرية اليمنية على مطارات السعودية
بالنسبة لأولئك الذين يتابعون التطورات في اليمن، فإن ردّ فعل الجيش اليمني على استمرار الحرب، كان قاسياً على السعودية خلال الشهر الماضي ولم يسبق له مثيل.
وحول هذا السياق، أفادت العديد من المصادر الإخبارية بأن قوات الجيش واللجان الشعبية اليمنية "أنصار الله" نفذوا خلال الأسابيع القليلة الماضية، الكثير من الضربات الصاروخية على المطارات والقواعد العسكرية السعودية، وذلك ردّاً على الهجمات البربرية التي قامت بها قوات تحالف العدوان ضد أبناء الشعب اليمني خلال السنوات الأربع، ولفتت تلك المصادر إلى أن سلاح الجو اليمني المسيّر نفّذ خلال الفترة الماضية العديد من الهجمات الجوية على مطاري أبها وجيزان، مستخدماً الطائرات المسيّرة.
يذكر أن مصدراً بوزارة الدفاع اليمنية أكد في وقت سابق أن هذه العمليات التي تنفذها الطائرات المسّيرة تأتي تدشيناً لعمليات عسكرية قادمة تستهدف من خلالها القوات المسلحة بنك أهداف للعدوان السعودي الإماراتي يضم 300 هدف حيوي وعسكري.
وأوضح المصدر أن هذه الأهداف تشمل مقرات ومنشآت عسكرية وحيوية على امتداد جغرافيا الإمارات والسعودية وكذلك المنشآت الصناعية والمطارات والمقرات والقواعد العسكرية التابعة للعدوان في اليمن.
واعتبر المصدر بأن توقّف العدوان على اليمن يعتبر مقدمة حقيقية للوصول إلى مرحلة يسود فيها السلام، ويتحقق الأمن من الجميع وللجميع، فاليمن لا يشكّل أي تهديد على أحد ولم تكن لديه أي نوايا عدوانية ضد الجيران على الإطلاق.
لذلك، يمكن القول هنا بأن طلب ولي عهد السعودية للتفاوض مع "أنصار الله"، يرتبط ارتباط وثيقاً بالتطورات الأخيرة التي حدثت في اليمن وتكثيف الجيش اليمني لضرباته الموجعة داخل العمق السعودي.
اقتراح التفاوض السعودي بعد الانسحاب الإماراتي
يتزامن الاقتراح السعودي لعقد صفقة للتفاوض مع "أنصار الله" مقابل أن تتنازل هذه المجموعة عن جنوب اليمن مع التطورات الاخيرة والضغوطات التي تواجهها الرياض بعد رحيل جيش الإمارات من اليمن.
وحول هذا السياق، كشفت العديد من المصادر الإخبارية، بأن الإمارات أعلنت قبل حوالي أسبوعين أنها ستسحب قواتها من اليمن، وستركز على الحلول السياسية، ولفتت تلك المصادر إلى أنه بعد هذا الإعلان الإماراتي، سارعت السعودية بتقديم طلب التفاوض مع "أنصار الله".
وهذا الأمر بالطبع لا يعني أن وجود الإمارات، كان مانعاً للسعودية من التقدم بطلب للتفاوض مع الجيش اليمني واللجان الشعبية، ولكن اقتراح ولي عهد السعودية، جاء بعد حدوث تطورات ميدانية كثيرة وتمكن القوات اليمنية من توجيه ضربات موجعة للسعودية خلال الفترة الماضية.
وهنا يمكن القول بأن الأسباب الرئيسة الكامنة وراء سعي السعودية إلى إبرام صفقة للتفاوض مع القوات واللجان الشعبية اليمنية هي:
1) زيادة الضغوط والاتهامات على السعودية: ليس هناك شك في أنه بعد رحيل الإمارات من اليمن، ستتمكن السعودية من الهيمنة على تحالف العدوان بمفردها، وفي الآونة السابقة تعرضت الإمارات والسعودية إلى اتهامات وضغوط دولية بسبب جرائمهم في اليمن، ولكن نظراً لانسحاب الإمارات من اليمن، فإن كل تلك الضغوط وتلك الاتهامات سوف تكون من نصيب السعودية وحدها وفي هذه الحالة فإنه من الطبيعي أن تحدث المزيد من الهجمات الإعلامية والحقوقية على قادة الرياض.
لذلك، يبدو أن ولي عهد السعودية فهم هذا الشيء وسارع بتقديم اقتراح للتفاوض مع "أنصار الله".
2) اليد العليا لـ"أنصار الله" في الجبهة الحربية الموحدة ضد السعودية: لقد نفذت قوات الجيش اليمني واللجان الشعبية حتى الآن، الكثير من الهجمات الصاروخية على السعودية والإمارات ولقد بذلت الكثير من الجهود لإلحاق خسائر فادحة في العدو خاصة وأنها تحاربهم في جبهتين مختلفتين ولكن بانسحاب الإمارات من اليمن، فإن القوات اليمنية "أنصار الله" سوف تتمكّن من تركيز ضرباتها الموجعة ضد السعودية فقط، وهنا يمكن القول بأن اليد العليا في الحرب سوف تكون من نصيب قوات "أنصار الله" اليمنية.
3) سهولة تقدّم القوات اليمنية إلى جنوب اليمن وداخل العمق السعودي: لقد ركّز الجيش الإماراتي على الحروب البرية ضد القوات اليمنية منذ بدء العدوان على اليمن في مارس 2015. في الواقع إن جزءاً كبيراً من المعارك البرية وقعت نتيجة للوجود العسكري للإمارات في اليمن.
ولكن الآن، مع انسحاب هذه القوات من اليمن، فإنه يمكن للمرء أن يتوقع أن إمكانية تقدّم الجيش اليمني داخل المناطق الجنوبية اليمنية وداخل العمق السعودي ستكون سهلة وبسيطة، لأن الفراغ الذي سيحدثه خروج القوات الإماراتية من مناطق اليمن الجنوبي، لن تتمكن السعودية من ملئه بسهولة.