الوقت- تعتبر جامعة الازهر في مصر احدى اهم المؤسسات الدينية في مصر وفي العالم الإسلامي ولم تقتصر اهمية هذه المؤسسة على الجانب الديني بل ان ما يزيد من اهمية الازهر في الحياة السياسية والاجتماعية المصرية هي علاقة هذه المؤسسة مع مراكز القوى السياسية في مصر، وقد اختار الازهر موقفا وسطيا مع بدء الثورات العربية والثورة في مصر ولم ينحاز الى الثوريين ولم يدع الى بقاء الحكم لكن ظهور الجماعات السلفية التكفيرية المتشددة في الوقت الحالي يطرح سؤالا حول مدى استطاعة واستعداد الأزهر للقيام بدور في مواجهة هذا التطرف ورفض اشاعة حالة استعداء المسلمين الشيعة.
ان الازهر ليس مؤسسة دينية مستقلة بل ان مواقف شيوخ الازهر كانت دائما مرتبطة بمصالح النظام السياسي والحكومة المصرية وعندما نرى الان بأن الحكومة المصرية تتعرض للضغوط من قبل التيارات الراديكالية السلفية فيمكن للأزهر ان يقوم بلعب دور الذراع الديني الذي يعارض العنف ويدعو الى الاسلام الوسطي وهكذا يمكن تفسير مواقف علماء الازهر في ادانة العنف وظهور التيارات التكفيرية في المنطقة بأنها تأتي في سياق مصالح الحكومة المصرية والسعي لاعادة الاستقرار الى هذا البلد بعد فترة حكم اخوان المسلمين.
وانطلاقا من ذلك يمكن تفسير دعوة شيخ الازهر لعلماء الشيعة والسنة للتعامل مع بعضهم البعض لادانة التطرف وقتل المسلمين فهذه الدعوة ورغم انها تأتي ضمن التعاليم الاسلامية لكنها تلبي طموح حكومة السيسي لاعادة الاستقرار الى مصر.
ان تتبع الازهر لسياسات الحكومة المصرية يعني ان دعم فكرة الوحدة الاسلامية سيكون موجودا فقط عندما لاتضر هذه الوحدة بمصالح مصر الجيوسياسية وسياسات الحكومة المصرية ولذلك يجب القول انه عندما ترى مصر نفسها منافسة لايران وسط ازمات الشرق الاوسط فيجب ان لانتوقع ان يتحول الازهر الى مصدر لدعم الوحدة بين الشيعة والسنة من اجل الوصول الى ترتيبات سياسية جديدة في العالم العربي.
ان الازهر لعب دورا هامشيا في الثورات العربية ولم يترك تاثيرا على مجريات الاحداث وهذا سببه ارتهان الازهر لسياسات الحكومات المصرية التي تريد دوما وضع الازهر ودوره في خدمة سياساتها وان صدور بعض الفتاوى من علماء الازهر وخاصة من الشيخ احمد الطيب حول ضرورة مواجهة التطرف يأتي في سياق خدمة سياسات الحكومة المصرية تجاه الاحداث التي تشهدها مصر حاليا ولايمكن اعتبار ذلك نابعا عن الاقتناع بفكرة الوحدة الاسلامية وتلبي الحاجات الفكرية للعالم الاسلامي في اوضاعه الراهنة.
ان تزايد نشاط الجماعات التكفيرية السلفية في مصر بعد اسقاط الاخوان المسلمين قد دفع حكومة السيسي نحو الاستفادة من مكانة الازهر كمؤسسة تروج للاسلام المعتدل في مواجهة التيارات السلفية ولذلك فإن الأزهر سيدعو الى الوحدة الاسلامية من اجل اضعاف التيارات السلفية التي تنافس الحكومة وهنا يمكن القول ان حدود هذه الوحدة في العالم الاسلامي كما يراها الأزهر هي المصالح السياسية لمصر وليس أكثر.
وكان بامكان الازهر ان يقوم بدور اكبر وأهم على صعيد الدول الاسلامية كافة ومنذ سنوات ويبادر الى التواصل مع المراكز الدينية السنية والشيعية الموجودة في باقي البلدان الاسلامية والعربية لتجفيف منابع التطرف والارهاب فالجميع كان يعلم بأن الارهاب والتطرف الذي ضرب في البداية العراق ومن ثم انتقل الى سوريا ولبنان فإنه سيصل في يوم من الايام الى مصر وليبيا وباقي بلدان الشرق الاوسط وشمال افريقيا.