الوقت- وصل الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" يوم الاثنين إلى العاصمة البريطانية لندن التي تشهد في وقتنا الحالي أزمة سياسية، في زيارة سوف تستغرق ثلاثة أيام ولم يتردد "ترامب" في التدخل بشؤون البلاد قبل وصوله، إذ انتقد الطريقة التي أدارت بها "تيريزا ماي" المفاوضات مع الاتحاد الأوروبي وقام بتزكية وزير الخارجية السابق "بوريس جونسون" الذي يؤيد "بريكسيت" بلا اتفاق، لتولي رئاسة الحكومة خلفاً لها، ووصف رئيس بلدية لندن صادق خان بـ"الفاشل" قبل دقائق من هبوط طائرته، ما أثار جدلاً، واستياء كبيرين داخل الأوساط الشعبية البريطانية، ولهذا السبب، دعا مسؤولو الأمن البريطانيون أكثر من عشرة ألف شرطي لضبط الأمن وحماية رئيس أمريكا أثناء إقامته في بريطانيا.
لماذا يريد "ترامب" من بريطانيا الانسحاب من الاتحاد الأوروبي بلا اتفاق؟
حثّ الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" في مقابلة صحيفة بريطانية نشرت يوم الأحد، بريطانيا على الخروج من الاتحاد الأوروبي بلا اتفاق وعلى رفض دفع 39 مليار جنيه استرليني متفق عليها كفاتورة الطلاق بين الطرفين.
وقال "ترامب": "يجب عليهم الانتهاء من ذلك ... عليهم إنهاء هذه الصفقة"، وأضاف أيضاً إن عدم إشراك حزب المحافظين لـ"فاراج نايجل" زعيم حزب بريكست في المفاوضات مع بروكسل خطأ بعد نجاحه في انتخابات البرلمان الأوروبي الشهر الماضي.
وصرّح "ترامب": "أحب نايجل كثيراً فهو لديه الكثير ليقدمه إنه شخص ذكي للغاية"، وتابع "إنهم لم يشركوه ولكني أعتقد بأنهم سيفعلون الصواب بإشراكه".
وبشأن تكاليف الانسحاب من الاتحاد الاوروبي، قال ترامب "لو كنت مكانهم لما دفعت 50 مليار دولار، هذا رقم ضخم".
وبتحليل كل هذه التصريحات، يمكن القول بأن الرئيس "دونالد ترامب" يسعى إلى تحقيق هدفين رئيسين، الهدف الأول يتمثّل في أن أمريكا تعتزم إضعاف الاتحاد الأوروبي، وتقويض الوحدة بين أعضائه وذلك لأن الاتحاد المتماسك والموحد والقوي لا يمكنه أن يخدم بأي حال من الأحوال مصالح قادة البيت الأبيض، والهدف الثاني يتمثّل في سعي واشنطن إلى التقرّب من أكبر قوة عسكرية في قارة أوروبا والمتمثلة في بريطانيا، ولهذا فلقد قدم الرئيس "ترامب" الكثير من الوعود للجانب البريطاني مثل إعفاء لندن من دفع الرسوم الجمركية التجارية ومنح بعض المزايا الاقتصادية لبريطانيا، وذلك من أجل تشجيعهم على الاقتراب أكثر لأمريكا والابتعاد والانسحاب من الاتحاد الأوروبي.
"ترامب" يزكّي "جونسون" من أجل الأخذ بزمام الأمور في بريطانيا وإحياء تبعّية لندن المطلقة لواشنطن
رشّح الرئيس "ترامب" وزير الخارجية السابق "بوريس جونسون"، الذي يؤيد "بريكست" بلا اتفاق، لتولي رئاسة الحكومة خلفاً لـ"ماي" التي ستغادر منصبها بعد أيام.
كما أشاد أيضاً بـ"نايجل فاراج" زعيم حزب "بريكست"، الذي فاز في انتخابات البرلمان الأوروبي، وأثارت تصريحات "ترامب" هذه جدلاً، حيث أدانها زعيم حزب العمال البريطاني، "جيريمي كوربن"، معتبراً أنها "تدخّل غير مقبول في ديمقراطيتنا".
وأُطلقت هذه المرّة دعوات عديدة إلى التظاهر ضد زيارة "ترامب"، كما حدث خلال زيارته الرسمية العادية السابقة في يوليو 2018، والتي نزل خلالها عشرات الآلاف من الأشخاص إلى شوارع لندن تنديداً بها.
إن الدعم العلني الذي قدّمه الرئيس "ترامب" لمرشح واحد من بين 12 مرشحاً لمنصب رئيس الوزراء البريطاني، يثير هذا السؤال المتمثل في، ما هي الأهداف التي يسعى "ترامب" لتحقيقها؟ وردّاً على هذا السؤال، يمكننا القول هنا بأن الرئيس "ترامب" يسعى إلى إحياء وتكرار معادلة "بوش – بلير".
يذكر أنه في أوائل عام 2000، كان رئيس وزراء بريطانيا "توني بلير"، يوافق على جميع سياسات "جورج دبليو بوش" دون قيد أو شرط.
وفي وقتنا الحالي يأمل الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" أنه إذا تمكّن "جونسون" من الوصول إلى السلطة مرة أخرى، فإن بريطانيا ستعود مرة أخرى إلى حضن أمريكا وستدعم مصالحها وخططها على مستوى العالم.
انتقادات السياسيين البريطانيين من تدخّل "ترامب" في شؤون بلادهم الداخلية
هاجم الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب"، رئيس بلدية لندن، "صادق خان"، قبل دقائق من هبوط طائرته الرئاسية في العاصمة البريطانية، في مستهل زيارة دولة تستمر 3 أيام وقال "ترامب" في تغريدة عبر تويتر: "إن خان يذكرني كثيراً بعمدة مدينة نيويورك بيل دي بازيو، الأبله وغير الكفء، فقد أدّى عملاً مريعاً، اتطلع إلى أن أكون صديقاً عظيماً لأمريكا"، وفي تغريدة أخرى كتب "ترامب": "خان أدّى عملاً مريعاً باعتباره رئيساً لبلدية لندن.
أدلى بتصريحات سيئة بصورة حمقاء عن زيارة الرئيس الأمريكي، الذي يعدّ إلى حدّ بعيد أهم حلفاء بريطانيا".
لطالما كانت العلاقة بين الرئيس الأمريكي، وعمدة لندن متوترة، فـ"خان" أعرب عن رفضه لزيارة "ترامب" في المرة الأولى وكذلك للزيارة الحالية، وقارن اللغة التى استخدمها "دونالد ترامب" لحشد مؤيديه بتلك التي استخدمها "فاشيو القرن العشرين" في تعليق شديد اللهجة قبل زيارة الرئيس الأمريكي بيوم واحد.
وحذّر عمدة لندن من أن هذه القوى اليمينية تحقق مكاسب، وتصعد إلى السلطة في مختلف المناطق، الأمر الذي كان من الصعب تصوّره قبل سنوات قليلة.
واتهم خان "ترامب" بمحاولة "التدخل بلا خجل" في السباق الحالي داخل حزب المحافظين من أجل كرسي رئيس الوزراء، خلفاً لتيريزا ماي التي ستترك منصبها الأسبوع المقبل، وجاء ذلك تعليقاً على إبداء سيد البيت الأبيض دعمه لترشح وزير الخارجية البريطاني السابق بوريس جونسون لهذا المنصب.
وفي السياق نفسه، توقّع منظمو الاحتجاجات أن تنظّم في العاصمة البريطانية لندن يوم الثلاثاء، مظاهرات واسعة النطاق وبمشاركة 250 ألف شخص على الأقل ينتمون إلى منظمات وقوى مختلفة، بمن فيهم معارضو "بريكست" وغيرهم بالتزامن مع زيارة الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" إلى بريطانيا، احتجاجاً على سياسات إدارته في مختلف المسائل وسيحتشد المتظاهرون بالتزامن مع استقبال رئيسة الوزراء تيريزا ماي لترامب في مقرّها بشارع داونينغ ستريت.