الوقت- بدأت فعاليات مسابقة الأغنية الأوروبية "يوروفيجن" في كيان الاحتلال الإسرائيلي يوم أمس "14/5/2019" وسط مخاوف إسرائيلية من حصول اختراقات أمنية، أو وصول صواريخ المقاومة إلى مكان إقامة الحفل الموسيقي، مع العلم أن الفلسطينيين أعلنوا عن هدنة قبل ما يقارب الأسبوع، إلا أن كيان الاحتلال الذي يقيم هذا الحفل على أنقاض قرية الشيخ مؤنس الفلسطينية يخشى من أن يعرقل هذا الحفل ناشطون يدعون إلى مقاطعة هذا الحدث، حيث تستخدم "إسرائيل" الموسيقى لتشتيت انتباه العالم عن سلوكها غير الأخلاقي والقانوني.
يتزامن هذا الحدث الموسيقي مع الذكرى الـ71 للنكبة، وكانت ترغب "اسرائيل" بإقامة الحدث في "القدس" لإعطاء المكان صبغة إسرائيلية خاصة بعد أن نقلت واشنطن سفارتها إليها، وكما نعرف فإن كيان الاحتلال يستغل مثل هذه الأحداث سياسياً لتبييض صفحته أمام المجتمع الدولي بأنه يدعم الفن، ويدعم كل شيء فيه رسالة سلام للعالم، إلا أن هذا الكيان الغاصب تناسى كما تجاهل العالم معه كيف قصف بطائراته مؤسسة سعيد المسحال للثقافة والفنون في غزة العام الماضي، ليتحوّل المبنى بالكامل إلى ذكرى لدى الفنانين الفلسطينيين في غزة، بعد أن كان الملجأ الذي يوفّر لهم معدّات موسيقية وآلات للتصوير ودورات تدريبية.
ولا نعلم إن كان ضيوف هذا الحفل - الذين يدّعون حرصهم ودفاعهم عن حقوق الانسان، ويريدون إيصال رسائل سلام من قدومهم - يعلمون أن المكان الذي تقام فيه المسابقة شهد حملة تهجير جماعي للفلسطينيين قبل 71 عاماً، وفي نفس اليوم الذي بدأت فيه المسابقة.
هذه القرى والأحياء هي من ضمن أكثر من 400 قرية تم تدميرها بالكامل عام 1948، حين قامت العصابات الصهيونية بطرد وتهجير أكثر من 800 ألف فلسطيني من قراهم ومدنهم الفلسطينية، لتعلن في 15 مايو 1948 عن إقامة دولة "إسرائيل" على أنقاض أكثر من ثلثي مساحة فلسطين التاريخية.
"إسرائيل" قلقة
نشر الجيش الإسرائيلي قبل يومين بطاريات للدفاع الجوي في جميع أنحاء البلاد حماية لمسابقة الغناء الأوروبية "يوروفيجن" من صواريخ قد تطلقها الفصائل الفلسطينية من قطاع غزة.
وبحسب صحيفة "هآرتس"، فإن منظومة "القبة الحديدية" نُشرت في جميع المناطق مع التركيز على المناطق الجنوبية والمناطق المحيطة بمدينة تل أبيب، علماً بأن فصائل المقاومة الفلسطينية في غزة كانت قد هدّدت بعدم السماح بإقامة مسابقة "يوروفيجن" في حالة عدم التزام الحكومة الإسرائيلية بتفاهماتها الأخيرة حول غزة.
وفي القطاع الجنوبي، أصدر الجيش تعليمات إلى القادة بالتصرف بحذر، مشدداً على أن كل ردّ على إطلاق نار، باستثناء ما يهدد الحياة، يتطلّب موافقة كبار الضباط في القيادة.
وأشارت الصحيفة إلى أن الجيش الإسرائيلي أبقى على جنود الاحتياط الذين استدعوا بأمر طوارئ خلال المواجهة الأخيرة مع غزة، في الخدمة حتى انتهاء فعاليات المسابقة الغنائية الأوروبية الأشهر.
يأتي ذلك بعد قرابة أسبوع من التصعيد في غزة، والذي استمر نحو 3 أيام، وشنّ خلاله الجيش الإسرائيلي غارات جوية ومدفعية عنيفة على أهداف متفرقة في القطاع، فيما أطلقت الفصائل الفلسطينية رشقات من الصواريخ على المستوطنات الإسرائيلية المحيطة بغزة.
تهديد بالمقاطعة
كان من المفترض أن تقام المسابقة في القدس، كما حدث عام 1979 بعد فوز يصهار كوهين، إلا أن عدة أسباب أدّت إلى نقل المسابقة إلى تل أبيب، منها احتجاج اليهود المتشددين على موعد إقامة نهائي المسابقة يوم السبت، الذي يعتبر يوماً مخصصاً للراحة بالنسبة لهم.
ومع ذلك، فإن اليهود الأرثوذوكس المتشددين مازالوا معترضين على إقامة النهائي يوم السبت، ولو في تل أبيب، ولذلك فقد علّق حزبهم "يهودية التوراة المتحدة" محادثات تشكيل الحكومة مع حزب بنيامين نتنياهو "الليكود" بشكل مؤقت.
وقد دعت "حركة المقاطعة وسحب الاستثمارات والعقوبات" العالمية المؤيدة للفلسطينيين إلى مقاطعة المسابقة، وقالت الحركة، التي تضمّ عشرات المنظمات الفلسطينية والمتضامنة معها، في بيان على موقعها على الانترنت: "نحن المغنين وكتاب الأغاني والراقصين والموسيقيين وغيرهم من الفنانين نحث جميع المتسابقين في مسابقة يوروفيجن 2019 على الانسحاب من المسابقة"، ووقع أكثر من 120 فناناً فلسطينياً هذا البيان.
وطالب العديد من الفنانين المؤيدين للقضية الفلسطينية مثل البريطاني روجر ووترز، وبيتر غابرييل بنقل المسابقة إلى دولة أخرى.
كما وقّع أكثر من 100 فنان فرنسي عريضة نددوا فيها بتنظيم مسابقة الأغنية الأوروبية (يوروفيجن 2019) في (إسرائيل) على أنقاض قرية الشيخ مؤنس الفلسطينية، مؤكدين أنهم لن يذهبوا إلى (إسرائيل) من أجل "تبرئة نظام التمييز القانوني والإقصاء ضد الفلسطينيين".
من جانبها وجّهت وزارة الخارجية والمغتربين الفلسطينية، رسالة إلى اتحاد البث الأوروبي دعته فيها إلى سحب أي مواد ترويجية للمسابقة تم تصويرها في مدينة القدس، احتراماً لحقوق الشعب الفلسطيني وقواعد القانون الدولي..
ووضعت منظمة "كسر الصمت" غير الحكومية الإسرائيلية المناهضة للاحتلال لوحة إعلانية ضخمة بجانب أحد الطرق الأكثر ازدحاماً في تل أبيب.
واغتنمت المنظمة استضافة "إسرائيل" لمسابقة "يوروفيجن" للأغاني هذا العام لتقديم جولات سياحية للزوار الأجانب، لاطلاعهم على واقع الحكم العسكري الذي يخضع له الفلسطينيون في الضفة الغربية تحت الاحتلال.
وأعادت المنظمة صياغة شعار المسابقة الدولية "تجرّأ أن تحلم"، ليصبح "تجرّأ أن تحلم بالحرية".
وسعت "إسرائيل" لاستخدام المسابقة كمكسب سياسي، إذ خططت في البداية لاستضافة الحدث في مدينة القدس ضمن مخططها في الترويج للقدس عاصمة لـ "إسرائيل"، وسط المجتمع الدولي، إلا أن منظمي المسابقة اختاروا تل أبيب كحل أفضل لاستضافة الحدث.
وتوالت الأصوات المعارضة لاستضافة "إسرائيل" مسابقة "يوروفيجن"، وكان من بينهم نشطاء حركة مقاطعة "إسرائيل" BDS، الذين اتخذوا من مسابقة الأغنية الأوروبية هدفاً لإظهار الوجه الحقيقي لـ"إسرائيل" التي تستغل الموسيقى لتبرّئ أفعالها العنصرية ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية وقطاع غزة.