الوقت- بعد مرور أكثر من شهر على بدء العمليات العسكرية التي شنّها الجيش الوطني الليبي، بقيادة اللواء "خليفة حفتر"، من أجل السيطرة على العاصمة الليبية "طرابلس" والإطاحة بحكومة الوفاق الوطنية برئاسة "فايز السراج"، لم يحدث أي تطوّر كبير على الساحة العسكرية.
وحول هذا السياق، أفادت العديد من المصادر الإخبارية بأن الجيش الوطني الليبي بقيادة اللواء "حفتر" فشل حتى الآن في تحقيق ما كان يصبو إليه وذلك نظراً لوجود الكثير من المقاومة.
ولفتت تلك المصادر إلى أن اللواء "حفتر" قام قبل عدة أيام بزيارة رسمية هي الثانية من نوعها للقاهرة استمرت ثلاثة أيام، وخلال تلك الزيارة التقى اللواء "حفتر" بالرئيس المصري "عبد الفتاح السيسي".
تعدّ مصر من أهم الدول التي قدّمت الكثير من الدعم العسكري للواء "حفتر" خلال السنوات الماضية، وحول هذا السياق صرّح السفير "بسام راضي" المتحدث الرسمي باسم الرئاسة في مصر، بأن الرئيس السيسي اطلع من اللواء "حفتر" على مستجدات الأوضاع على الساحة الليبية، مؤكداً دعم مصر لجهود مكافحة الإرهاب والجماعات والميليشيات المتطرفة لتحقيق الأمن والاستقرار في ليبيا.
ولفت "راضي" إلى أن الرئيس السيسي أكد دعمه دور المؤسسة العسكرية الليبية لتهيئة المناخ المناسب للتوصل إلى حلول سياسية وتنفيذ الاستحقاقات الدستورية، على نحو يلبّي تطلعات الشعب الليبي نحو الحياة الآمنة الكريمة وبناء المستقبل الأفضل".
ليبيا تعدّ ذات أهمية بالغة بالنسبة لمصر.. أبرز الأسباب
كانت ليبيا وما زالت تعتبر من أهم الدول بالنسبة لجارتها مصر، حيث تمتد الحدود المشتركة بين البلدين لحوالي 1000 كيلو متر وهذه الحدود المشتركة تعتبر من أبرز التحديات الأمنية في ليبيا التي كان لها تأثير كبير على الأمن في مصر، وحول هذا السياق أفادت العديد من المصادر الإخبارية بأن قلق مصر من دخول الجماعات الإرهابية تزايد خلال السنوات الماضية بشكل كبير نظراً لوجود الكثير من الجماعات الإرهابية المنتشرة في العديد من المحافظات والمدن الليبية، ويمكن رؤية هذا الأمر بشكل واضح في تحركات جماعة أنصار الشريعة التابعة للدولة الإسلامية "داعش" في شبه جزيرة سيناء المصرية، وهذه القضية دفعت السلطات المصرية إلى شنّ غارات جوية على عدد من المناطق الليبية، وخاصة على منطقة "دارنة" الواقعة شرق البلاد للقضاء على تلك الجماعات الإرهابية. ومن ناحية أخرى، وفي ظل غياب الحكومة المركزية القوية في ليبيا يتم تهريب الكثير من الأسلحة من الأراضي الليبية إلى مصر.
والسبب الآخر الذي تسعى مصر لتحقيقه من خلال تدخلها العسكري والانقلاب على حكومة الوفاق الوطنية الليبية المعترف بها دولياً، يتمثّل في الوجود الواسع للإخوان المسلمين في الهيكل السياسي لحكومة طرابلس الوطنية.
يذكر أن مصر أعلنت خلال الفترة الماضية بأن جماعة الإخوان المسلمين جماعة إرهابية، وبالإضافة إلى بذل حكومة "السيسي" الكثير من الجهود لقمع هذه الجماعة داخل مصر، فإنها تبذل أيضاً الكثير من الجهود لمواجهة الحكومات والبلدان التي تحمي هذه الجماعة في الخارج وهذا الأمر تؤكده التوترات في العلاقات بين القاهرة وتركيا وقطر.
وفي هذا السياق، لا بدّ من القول بأن القاهرة تعقد الكثير من الآمال على اللواء "حفتر" الذي قدّمت له الكثير من الدعم العسكري للسيطرة على العاصمة الليبية طرابلس، وذلك لأنه قدّم الكثير من الوعود للرئيس "السيسي" بأنه سوف يقوم بقمع الجماعات الإسلامية المنتشرة في ليبيا، ولا سيما جماعة الإخوان المسلمين، وسيقوم بإعادة النظام إلى ليبيا تحت الحكم الموحّد للحكومة المركزية.
من ناحية أخرى، تعدّ القضايا الاقتصادية أحد أهم الأسباب الرئيسة التي دفعت مصر للتدخل في التطورات الميدانية والعسكرية في ليبيا التي تعدّ بلداً غنياً بالنفط، ومصر في حاجة ماسة إلى واردات الطاقة وبطبيعة الحال، مصر تبحث عن موضع قدم لها في ليبيا إلى جانب كبرى شركات النفط الأوروبية المتخصصة في صناعة النفط والغاز. وتعدّ ليبيا أيضاً وجهة مهمة لإيجاد فرص العمل وتحقيق الدخل للعمال المصريين وتصدير المنتجات المصرية، وحول هذا السياق كتب موقع "بروكينجز" في عام 2017: " هناك حوالي 750 ألف مصري يعيشون ويعملون في ليبيا، وقبل سقوط القذافي كان هناك حوالي مليوني مصري يعملون في مختلف المدن الليبية".
بالنظر إلى كل هذه المعطيات، فإنه يمكن القول هنا بأن الجنرال الليبي "حفتر" يعلم جيداً بأن مصر لديها الكثير من المصالح في ليبيا التي لن تتنازل عنها بسهولة، ولهذا فإنه يبذل الكثير من الجهود في وقتنا الحالي للحصول على المساعدة من القاهرة للفوز في الساحة الليبية.
وفي هذا الصدد، أعرب موقع "العربي الجديد"، نقلاً عن مصادر بالجيش الوطني الليبي، أن دعم مصر لقوات اللواء "حفتر" لم يقتصر على مشاركة الضباط المصريين في قيادة العمليات العسكرية، بل إنه أكثر من ذلك حيث وصل إلى حدّ مشاركة وحدات الجيش المصري في بعض هذه العمليات العسكرية من أجل استعادة القواعد التي فقدتها قوات "حفتر" خلال الفترة السابقة.