الوقت- نقاط القوة التي باتت بحوزة الحكومة السورية تكفيها لتحرّر كل شبر من أرض هذه الدولة التي عانت الكثير على مدى 8 سنوات، شهد خلالها الجيش السوري مراحل مختلفة بين كرّ وفرّ، وخسارة مناطق، وكسب أخرى لتعود أغلبية الأراضي بعد سلسلة من المعارك إلى كنف الدولة السورية، ليتبقى أجزاء منها كانت تفضل سوريا أن تعيدها عبر الحوار والتسوية السياسية ولهذا السبب منحت الحكومة السورية كل هذه الأهمية لمحادثات "أستانا" إلا أن الطرف التركي الضامن للمعارضة المسلّحة لم ينجح في تحقيق ما تم التوصل إليه في "أستانا".
تحرير إدلب
لم يعد يستطيع الجيش السوري تحمّل المزيد من استفزازات المسلحين في ريف حماة الشمالي وريف إدلب الجنوبي، لذلك بدأ منذ أكثر من شهر بإرسال التعزيزات العسكرية الواحدة تلو الأخرى إلى خطوط الجبهة تمهيداً لعملية وشيكة، هذه التعزيزات وصفتها صحيفة "الوطن" السورية بأنها "الأضخم في تاريخ الحرب السورية".
معركة "إدلب" ستكون المعركة الأكبر بعد معركة "حلب" وستكون المعركة الأخيرة من دون أدنى شك وينحصر وجود المسلحين حالياً في محافظة إدلب (شمال غرب) وبعض المناطق المحاذية لها، وعلى ريف حلب الشمالي حيث تنتشر قوات تركية.
في الـ26 من تموز 2018، قال الرئيس السوري بشار الأسد "هدفنا الآن هو إدلب على الرغم من أنها ليست الهدف الوحيد"، متابعاً "سنتقدم إلى كل هذه المناطق، والعسكريون سيحددون الأولويات، وإدلب واحدة منها".
الفصائل المقاتلة هناك وجلّها ينتمي إلى هيئة تحرير الشام الواجهة الحالية لتنظيم "جبهة لنصرة" الموالي لتنظيم "القاعدة" الإرهابي، تسيطر على جميع مدن وبلدات محافظة إدلب، وتعمل حالياً على تحضير نفسها للحصن الأخير.
روسيا حذّرت الجانب التركي وطلبت منه مراراً إيجاد حل لهيئة تحرير الشام لتتفادى من خلاله هجوماً واسعاً على المحافظة، إلا أن تركيا لم تستجب للطلب الروسي أو أنها فعلاً لا تمتلك نفوذاً أو قدرة على ردع المسلحين.
الوضع الراهن
بدأ الجيش العربي السوري، منذ صباح الاثنين الماضي، بإرسال تعزيزات عسكرية كبيرة إلى جبهات القتال في ريف حماة الشمالي، ونقل مراسل "سبوتنيك" عن مصدر عسكري سوري تأكيده أن الجيش السوري لن يبقى في موضع الرد على استفزازات المسلحين واعتداءاتهم وأن عملية تطهير المنطقة منزوعة السلاح (كمرحلة أولى) باتت ضرورة لا يمكن تأجيلها.
وأكد قائد ميداني في الجيش السوري مطلع الشهر الحالي أن قوات الجيش تستعد لإطلاق عملية عسكرية خلال أيام قليلة، من شأنها تحرير ريف حماة الشمالي من الفصائل الإرهابية المسلحة كمرحلة أولى بعد أن استكملت القوات انتشارها على طول الجبهة.
من يوجد في ريف حماة الشمالي
إلى جانب هيئة تحرير الشام "جبهة النصرة"، تنتشر في ريف حماة الشمالي عدة تنظيمات إرهابية تتقاسم معها النفوذ على المنطقة كـ"حراس الدين"، والحزب الإسلامي التركستاني (الصيني)، و"أنصار التوحيد" المبايع لـ"داعش"، وفصائل أخرى من جنسيات عدة.
وحالياً تجري معارك هناك، حيث يستهدف الطيران الحربي السوري والروسي مواقع المسلحين، كما قصف الجيش السوري بالمدفعية نقاطاً أمنية للمسلحين يوم أمس قالت تركيا إنها تعود لها، ما تسبّب في سقوط جرحى من الجيش التركي.
وسقطت القذائف السورية على عناصر الجيش التركي الموجودين في النقطة التركية في شير مغار بريف حماة الشمالي فيما قالت أنباء إن الجنود الأتراك أصيبوا إصابات مباشرة في تطوّر هو الأول من نوعه منذ تدخّل تركيا في الميدان السوري.
واتهمت أنقرة الجيش السوري بقصف استهدف موقعاً قرب نقطة مراقبة للجيش التركي في محافظة إدلب، وقالت وكالة "الأناضول" التركية الرسمية إن الضربة السورية طالت موقعاً قرب نقطة المراقبة 10 للجيش التركي، الخاصة بمتابعة سير وقف إطلاق النار والواقعة جنوب محافظة إدلب.
كما أشارت الوكالة إلى أن الضربة نفذت بواسطة سلاح مدفعية، وأسفرت عن تدمير تحصينات أمنية حول نقطة المراقبة، مضيفة إن 3 مروحيات هبطت في الموقع إثر الحادث.
وهناك رواية أخرى نقلتها قناة الميادين عن الإعلام الحربي الذي صرّح أن مجموعات موالية لتركيا أطلقت مجموعة قذائف وصواريخ من مواقع بمحيط قرية مرعناز بريف حلب على نقاط تابعة للجيش التركي داخل الأراضي السورية في محاولة خلق ذرائع للجانب التركي من أجل مهاجمة مواقع الجيش السوري
وأوضح المصدر بأن الجماعات الإرهابية تقدّمت بعد ذلك باتجاه نقاط الجيش السوري تحت غطاء ناري من قبل مدفعية الجيش التركي وتمكنت من إحداث خرق عند قرية مرعناز لكن وحدات الجيش السوري تمكّنت من محاصرتهم وأوقعتهم بين قتلى وجرحى.
وأضاف إن المجموعات الإرهابية استغاثت بالقوات التركية لإنقاذها، فتقدمت وحدة من الجيش التركي لسحب الجرحى من أرض المعركة لكنها وقعت في حقل ألغام ما أدّى إلى وقوع أفرادها بين قتيل وجريح .
في الختام.. هذه الاستفزازات التي تقوم بها تركيا ما هي إلا محاولات حثيثة من قبل الجانب التركي لردع الجيش السوري ومنعه من بدء معركة إدلب لأن أنقرة تدرك جيداً أن هذه المعركة محسومة لمصلحة الجيش السوري، ولن تستطيع تركيا ولا ميليشياتها أن توقف تقدّم الجيش السوري عندما يأخذ الأمر ببدء المعركة.
الهستيريا التركية طبيعة لكون آخر قلاع المسلحين ستتهدم وبالتالي آخر ورقة ضغط تمتلكها تركيا ستذهب أدراج الرياح، فلننتظر ونرى ماذا سيحصل خلال الأيام القليلة القادمة.