الوقت- لا شك أن الإتفاق النووي سيطال بإيجابياته الكثير من الدول لا سيما المُحيطة بإيران. وتعتبر باكستان إحدى تلك الدول التي طال إنتظارها لرفع العقوبات عن طهران، من أجل الإستفادة من فرصة التعاون بين البلدين لا سيما في مجال الطاقة. وهنا يأتي الحديث عن توقيع باكستان لإتفاقياتٍ كانت عالقة، كمشروع تابي الذي وقعته باكستان مؤخراً. فماذا في آخر ما يتعلق بملف الطاقة الباكستاني؟ وكيف سينعكس الإتفاق على التعاون بين إيران وباكستان؟
تقرير حول باكستان فيما يخص أخبار الطاقة:
أعلنت الحكومة الباكستانية أن وضع الحجر الأساس لمشروع بناء أنبوبٍ عملاق للغاز بين تركمانستان والهند مروراً بأفغانستان وباكستان سيتم في كانون الأول المقبل، وذلك في بيان صدر الإثنين في ختام زيارة وفد تركماني الى اسلام أباد. وقال البيان إن "حفل افتتاح اليوم الأول من أعمال بناء مشروع أنبوب غاز تابي (تركمانستان، افغانستان، باكستان والهند) سيتم في كانون الأول من هذا العام". ولم يجد المشروع، البالغة كلفته عشرة بلايين دولار والمقرر منذ أمد بعيد، طريقه الى التنفيذ بسبب الإضطرابات السياسية التي تهز بعض مناطق آسيا الوسطى. والأنبوب العملاق يفترض أن ينقل الغاز التركماني الى الهند مروراً بأفغانستان، ومروراً أيضاً بمقاطعة بلوشستان الباكستانية المضطربة.
وكانت قد قالت صحيفة "واشنطن تايمز" الأمريكية نهاية شهر تموز المنصرم، إن رفع العقوبات الإقتصادية عن إيران سيفتح فرصاً تجارية ضخمة أمام باكستان ومن الممكن أن يغير أسواق الطاقة في جنوب آسيا عبر تمهيد الطريق لخط أنابيب الغاز الذي طال انتظاره على الحدود بين إيران وباكستان، وذلك وفقاً لدبلوماسي باكستاني، عبَّر عن أمل بلاده في دخول الإتفاق النووي الإيراني حيز التنفيذ في أقرب وقت ممكن. ونقلت الصحيفة ذاتها عن "سيد طارق فاطمي" المساعد الخاص لرئيس الوزراء الباكستاني نواز شريف قوله إن بلاده مهتمة بعدم التحرك حتى ترفع الأمم المتحدة بشكل رسمي العقوبات عن إيران، لكنه أكد على وجود اتصالات مع إيران بشأن خط أنبوب الغاز ومسائل أخرى تخدم النمو التجاري والإقتصادي بين البلدين.
باكستان بعد الإتفاق: تحليلٌ ودلالات:
يجري الحديث اليوم حول سعي الدول الكبرى للإستفادة من مشاريع الغاز العملاقة التي تمر عبر باكستان. وهو الأمر الذي أتى نتيجةً للإتفاق النووي الذي سيُغير الواقع الإقتصادي الذي كان مفروضاً على منطقة آسيا الوسطى والشرق الأوسط. وهنا نقول التالي:
- إن رئيس الوزراء الباكستاني كان ومنذ انتخابه عام 2013، متأملاً في إيجاد مخرجٍ لأزمة الطاقة، التي تخنق الشعب الباكستاني البالغ تعداده 200 مليون نسمة. ولأن إيران تمتلك أكبر احتياطي من الغاز في العالم، تم تدشين مشروع "آي بي" بين باكستان وإيران عام 2013. إلا أن العقوبات الإقتصادية حالت دون القدرة على تنفيذ الإتفاق من الجانب الباكستاني لعدم قدرته على تأمين الأموال اللازمة لتنفيذ المشروع. لكن الإتفاق النووي سيؤدي الى رفع العقوبات، مما سيتيح لباكستان الوفاء بالتزاماتها وتلبية حاجات الشعب الباكستاني من الطاقة.
- كما أن للدول الكبرى كالصين وروسيا مصالح أيضاً في باكستان، سيؤدي الإتفاق النووي الى إيجاد أرضيةٍ لتنفيذها. فالطرف الروسي الساعي للتقرب من باكستان، يدعم فرص التعاون في مجال الطاقة هناك. مما يساهم في إيجاد سوقٍ للشركات الروسية في المجال العسكري والطاقة. وهو الأمر الذي قد يُكمل التعاون الحاصل بين روسيا وباكستان في المجال العسكري بعد توقيع اتفاق شراء الطائرات العسكرية الروسية العام الماضي.
- وكانت الصين قد أعربت مؤخراً عن التخطيط لمشروع يهدف لإقامة ممر إقتصادي، كلفته 46 مليار دولار بين غرب الصين والشرق الأوسط مروراً بباكستان. مما سيؤدي لوجود مصالح مشتركة بالنتيجة بين طهران وبكين أيضاً، وهو الأمر القائم أساساً.
إذن سيكون للإتفاق النووي مع إيران إنعكاساتٌ إيجابية ضخمة على الصعيد الإقتصادي لاسيما فيما يخص منطقة آسيا الوسطى. وهو ما سيُغير معادلات الطاقة عالمياً. مما يعني أن باكستان المستفيدة من الإتفاق، ستكون ساحةً للإستثمارات بين الدول مستقبلاً. وهو الأمر الذي سيُشكل واقعاً إقتصادياً جديداً على الصعيدين الإقليمي والعالمي.
لقد استطاع الإتفاق النووي إيجاد أرضيةٍ لبناء جسورٍ تربط المنطقة بالعالم أجمع، في وقتٍ كان الغرب يحتكر فيه الأسواق. ولعل ذلك سيعود بخيراته على الشعوب كافة لا سيما في منطقة الشرق الأوسط