لماذا القضية معقدة؟
تقول مجلة فورين بوليسي الامريكية ان انابيب النفط التي فجرها حزب العمال الكردستاني تعتبر الشريان الرئيسي لاقتصاد الاكراد العراقيين الذين يصدرون النفط عبر هذه الانابيب الى السواحل التركية، وتعتبر هذه الانابيب الطريق الوحيد لتصدير النفط بحجم كبير والذي يسمح لحكومة كردستان العراق بأن تكون لديها ايرادات مالية تستخدمها لتسيير شؤونها ودفع رواتب قوات البيشمركة الذين يحاربون تنظيم داعش، فصحيح ان الهجوم استهدف انبوبا للنفط في داخل تركيا لكنه يضر ايضا بأكراد العراق.
وتضيف المجلة ان رئيس منطقة كردستان العراق مسعود بارزاني قد قام ببناء علاقات جيدة مع تركيا التي تعتبر العدو التاريخي لحزب العمال الكردستاني وذلك من اجل تحقيق حلم استقلال منطقة كردستان العراق وقد اصبحت العلاقات بين منطقة كردستان العراق وتركيا اقوى من السابق خاصة بعد الاتفاق على تصدير النفط من هذه الانابيب التي سمحت لأول مرة بأن تكون منطقة كردستان مستقلة اقتصاديا عن بغداد لكن هذا لم يرق لباقي الاكراد.
وفي هذا السياق يقول الخبير في شؤون الشرق الاوسط متيو ريد ان حزب العمال الكردستاني لديه اسباب مهمة ليهاجم اردوغان وبارزاني في آن معا لأن هذا الحزب يعتقد ان بارزاني قد قايض العلاقة مع تركيا بالعلاقة مع الحكومة المركزية في بغداد وهذا ما يعتبر خيانة.
ولم تتسبب الهجمات التي شنت على خطوط نقل الطاقة في تركيا بشل البنى التحتية التركية في قطاع الطاقة حيث يتوقع مسؤولو قطاع الطاقة في تركيا والعراق ان تستأنف عملية تصدير النفط عبر هذه الانابيب حتى يوم الخميس القادم لأن تجارب تركيا في الترميم السريع لهذه الانابيب التي تعرضت مرارا وتكرارا للهجمات تمكنها من التغلب بسرعة على تداعيات هذه الهجمات لكن ما يخشاه المراقبون هو ان تؤدي هذه الهجمات الى الانخفاض الشديد لصادرات النفط من كردستان العراق.
ويقول ميتو ريد في هذا الصدد "ان السؤال الرئيسي ليس هل يمكن ترميم هذه الانابيب بسرعة أم لا بل ان السؤال الرئيسي هو كم مرة يجب ترميمها في الاسبوع؟"
ان منطقة كردستان العراق تعاني من مشاكل مالية وان خط الانابيب الذي ينقل النفط من هذه المنطقة الى تركيا تستطيع نقل 400 الف برميل في اليوم كحد اقصى الى تركيا رغم ان التصدير الحالي هو اقل من هذا بكثير وهذا يعني مدخولا قدره 20 مليون دولار في اليوم نظرا للسعر الحالي للنفط في الاسواق الدولية والذي يعتبر مصدر دخل مستقل لكردستان عن بغداد.
وتقول مجلة فورين بوليسي ان التهديدات ضد خط انابيب النفط الممدودة بين كردستان وتركيا اذا استمرت طويلا فانها يمكن ان تنال من علاقات السلام السائدة حاليا بين اربيل وبغداد ايضا، وقد كان هناك اتفاق بين منطقة كردستان والحكومة العراقية يسمح بان يقوم الاكراد بتصدير النفط بانفسهم ويقسموا الموارد المالية لهذا التصدير مع الحكومة العراقية لكن الاكراد قد قاموا بعمل آخر ايضا خلال الفترة الاخيرة وهو السماح بتصدير نفط باقي المناطق العراقية الى تركيا بواسطة الصهاريج وهو ما كان يدر مئات الملايين من الدولارات على الحكومة العراقية التي تعاني من انخفاض حاد في الايرادات، واذا استمرت هجمات حزب العمال الكردستاني وتأثرت عمليات صادرات نفط كردستان عبر الانابيب الى تركيا فإن حجم صادرات النفط سيتقلص بالتأكيد وسيتسبب هذا الامر بتعكير العلاقات بين اربيل وبغداد اكثر مما هي متدهورة الآن.
ويقول ميتو ريد: اذا تقلص حجم صادرات النفط فهناك سؤال يطرح نفسه وهو هل سيظل نفط بغداد يصل الى الصهاريج أم أن الاكراد سيعطون الأولوية لحاجاتهم؟ واذا كان الجواب هو الخيار الثاني فإن الاوضاع ستتدهور بشكل اكبر بكثير من الاوضاع الحالية.