الوقت- لم يستطع الكيان الإسرائيلي في يوم من الأيام أن یبعد العالم الإسلامي عن قضية فلسطين كما هي الحال علیه منذ أربعة أعوام وبالتحديد بعد مهب رياح التغيير في العالم العربي التي أدت الی إنهيار بعض الانظمة العربية العميلة. وبدل أن يستيقظ العالم الإسلامي بعد هذه الأحداث ليجعل القضية الفلسطينية محور جميع تحركاته وبوصلته للصداقة والعداء، للأسف تمكن الكيان الإسرائيلي من ركوب موجة الثورات الشعبية، لیقوم بتوجيهها ضد الذين كانوا ولايزالون يدعمون الشعب الفلسطيني وقضيته العادلة.
وبعدما إصطدمت ثورة 25 ینایر 2011 المصرية بالخلافات الداخلیة، تمکن الكيان الإسرائيلي من تبدید جمیع الآمال والأحلام التي بنیت علی هذه الثورة لدعم القضیة الفلسطینیة، وتمکنت تل أبيب من إشعال نار الفتنة بين الشعب المصري وجعله يقتل بعضه بعضا بدل أن يطالب بقطع العلاقات مع تل أبيب أو إلغاء معاهدة كامب ديفيد، أو أن ینتصر لفلسطین التي طال إنتظارها للخلاص من نظام مبارك. ومن هنا نبدأ حیث کانت مصر وفلسطین بدایة المؤامرة الإسرائیلیة علی العالم الإسلامي بعد أحداث عام 2011.
وإكمالا للمؤامرة علی العالم الإسلامي لابعاده عن القضية الفلسطينية، أوجد الكيان الإسرائيلي فتنة قل نظيرها داخل سوريا التي بقيت لعقود طويلة الجبهة القتالیة الاولی في مواجهة الكيان الإسرائيلي، من خلال تاسيس مجموعات إرهابية تم اطلاق إسم "المعارضة" علیها (دون أن ننكر أنه توجد في سوريا معارضة). هذه الجماعات الإرهابية التي جاء عناصرها من 80 دولة، مازالت تستهدف الجيش السوري منذ أكثر من أربعة أعوام، وأدخلت سوريا في حرب إستنزافية، دمرت معظم البنی التحتیة في البلاد بالاضافة الی سفك دماء مئات الآلاف من الابرياء وتشريد الملايين منهم.
في هذا السياق إيران ايضا لم تسلم من هذه المؤامرة الإسرائيلية التي تهدف الی إبعاد الأمة عن القضية الفلسطينیة، حيث أن هذه الدولة التي يعترف القريب والبعيد بدعمها الإستراتيجي لجميع فصائل المقاومة في المنطقة، خاصة في لبنان وفلسطين ضد الكيان الإسرائيلي، باتت تتهم من كل صوب وحدب بانها تسعی الی بسط نفوذها في المنطقة وتشييع دولها!، دون أن تكون إيران تسعی الی مثل هذه القضايا التي لا تتماشی مع سياساتها الداعمة للوحدة في العالم الإسلامي.
الحرب علی المقاومة الإسلامية في لبنان (حزب الله) ايضا إشتد سعیرها من قبل القوی الإرهابیة التي سعت لإبعادها عن حليفتها سوريا التي دعمتها طيلة حروبها ضد الكيان الإسرائيلي، وأصبح حزب الله يحارب داخل وخارج لبنان الجماعات الإرهابية التي تتلقی دعمها مباشرة من تل أبيب وتعددت أسمائها بدءاً من النصرة ووصولا الی داعش.
العراق ايضا الذي يشكل حلقة من حلقات محور المقاومة، تم ضربه علی يد الإرهاب الداعشي، وسقط جزء من أراضيه بيد داعش المدعوم من قبل الكيان الإسرائيلي وتركيا وقطر والسعودية، وفي هذا السياق دعمت تل أبيب تطلعات أكراد العراق للإنفصال عن هذه الدولة، حتی یفتت العراق الی دويلات صغيرة لضمان أمن الكيان الإسرائيلي.
إضافة الی جميع هذه المؤامرات من قبل الكيان الإسرائيلي وأجهزته الأمنية والإستخباراتية لإشغال العالم الإسلامي بصراعات هامشية علی حساب القضية الفلسطينية، تم تغذية الصراعات الطائفية والمذهبية من قبل الجهات المرتبطة بالكيان الإسرائيلي في جمیع دول المنطقة، وشحن الشعوب العربية ضد محور المقاومة خاصة إيران وحزب الله وسوريا. حيث أصبحت المئات من الفضائيات والآلاف من المواقع الإخبارية تشن حملات إعلامية يومية ضد هذه الجهات، متهمة إياها بالسعي الی بسط نفوذها في المنطقة علی حساب أتباع المذهب السني!
الشعب الیمني أيضا كان له نصيبه من المؤامرة الإسرائيلية علی العالم الإسلامي بعد أن شعرت تل أبيب أن حركة أنصارالله التي ترفع شعار «الموت لامريكا، الموت لإسرائيل واللعنة علی الیهود» تشکل خطرا علیها، والشعب الیمني الذي من المحتمل أن يشكل خطرا علی أمن الكيان الإسرائيلي في باب المندب، تم إعلان الحرب علی هذا الشعب، من قبل السعودية وحلفائها بمباركة إسرائيلية. ومن خلال هذه المؤامرة الإسرائیلیة بات العالم الإسلامي يتصارع مع بعضه البعض طائفیا ومذهبیا، وأصبحت تل أبيب تقتحم في كل يوم المسجد الاقصی وتقتل الفلسطینیین بدم بارد.
وختاما لهذا الحديث من المفترض أن لا يكون خفيا علی أحد أن عالمنا الإسلامي بات أمام مؤامرة إسرائيلية بامتياز، بدأت من فلسطین وترید أن تنتهي بضرب محور المقاومة الذي تقوده إیران، فهل تصحو شعوبنا من سباتها التاریخي أم أن المؤامرة الإسرائیلیة ستصل الی محطتها الأخیرة وهي ضیاع فلسطین، علینا الانتظار!.