الوقت- مع نهاية سباق الماراثون الذي انتهى بانتخاب رئيس للجمهورية العراقية ورئيس للوزراء، أثيرت العديد من القضايا الحساسة في هذا البلد وخاصة تلك التي سلّطت الضوء أكثر على أبرز العقبات التي تواجه رئيس الوزراء العراقي "عادل عبد المهدي" المكلّف بتشكل الحكومة العراقية واختيار الوزراء خلال فترة زمنية لا تتجاوز الأسبوعين ولهذا فإن هذا السياسي المخضرم والتكنوقراطي، يجب أن يقوم باختيار وزراء حكومته بحزم وذكاء من جميع الفصائل والحركات السياسية العراقية لتشكيل حكومة قوية يمكنها أن تتغلب على جميع الخلافات السابقة التي واجهها العراق في الماضي ولهذا فلقد قام موقع "الوقت" الإخباري، بإجراء مقابلة صحفية مع السيد "مهدي أفقهي"، خبير القضايا السياسية في منطقة الشرق الأوسط، لتسليط الضوء أكثر على أبرز الخطط والتحديات التي تواجه الحكومة المستقبلية في العراق.
أعرب السيد "أفقهي" بأن حركة الأحزاب السياسية في هذه الدورة الانتخابية لم تكن مبنية على الطائفية من أجل كسب الكثير من المقاعد والآراء الناخبة التي ستشارك في عملية التصويت، وهذه الحركة قد شوهدت عند العديد من المجموعات الشيعية مثل جماعة السائرون والحكمة والفتح، وعند حركات سياسية أخرى وبالنظر إلى هذا التغيير الحاصل في النهج والنظرة الواسعة النطاق للأحزاب والتيارات السياسية، فإنني أعتقد بأن العراق سينتقل من مرحلة العشيرة إلى الإجماع الوطني وتشكيل حكومة وفاق وطنية وهذا الأمر يؤكده إعلان رئيس الحكومة العراقية "عادل عبد المهدي"، بأنه يريد إنشاء حكومة تتكون من جميع الفصائل والأحزاب السياسية العراقية، لكي لا يشعر أيُّ منها بأنها مهمّشة ومن أجل معالجة كل الخلافات بين السنّة والشيعة والأكراد، ولهذا فلقد أعلن أيضاً بأنه يجب على كل حزب سياسي تقديم أربعة مرشحين لكل منصب وزاري لكي يقوم هو باختيار الوزير المناسب تمهيداً لتحقيق حكومة الوفاق الوطنية.
وفيما يخص التحديات الرئيسية التي تواجه حكومة "عادل عبد المهدي"، لفت الخبير السياسي في القضايا العراقية السيد "أفقهي"، إلى أن تلك التحديات يمكن تصنيفها إلى تحديات داخلية وأخرى خارجية وبالنسبة للتحديات الداخلية، فالقضية الأولى التي يواجهها "عادل عبد المهدي" هي انتشار الفساد في العديد من الدوائر والوزارات الحكومية والتي تعتبر مسألة بالغة الخطورة والقضية الداخلية الثانية، هي احتياج العراق لإعادة الإعمار والبناء وهنا يمكن القول بأن العراق حالياً قد دُمّر على أيدي العديد من الجماعات الإرهابية، كتنظيم "داعش" الإرهابي الذي احتل ودمّر ثلاث محافظات كبرى واستراتيجية خلال السنوات الماضية والقضية الداخلية الثالثة التي تواجه الحكومة الجديدة، هي خلق فرص العمل للشباب العاطلين وبالنظر إلى عائدات النفط العراقي، التي تكفي فقط لدفع مرتبات القوات المسلحة والموظفين الحكوميين، فإن الحكومة الجديدة لن تكون قادرة على خلق فرص العمل للعاطلين وفي نفس الوقت العمل على إعادة الإعمار والبناء.
وفي السياق نفسه، أشار السيد "أفقهي" إلى قضية داخلية رابعة تواجه الحكومة الجديدة وهي وجود القوات الأمريكية في العراق ولفت إلى أنه وفقاً للعديد من المصادر الإخبارية، هناك حوالي 7000 جندي أمريكي في العراق، يعملون على تدريب القوات العراقية ويقومون بالمساعدة في تنظيم الجيش الوطني لهذا البلد.
وحول مستقبل العلاقات بين بغداد والأكراد في حكومة "عادل عبد المهدي"، أفاد هذا الخبير السياسي بأنه على الرغم من أنه في الماضي كانت توجد علاقات طيبة بين الجانبين، إلا أن استمرار هذه العلاقة الطيبة مرتبط بشكل كبير بالامتيازات التي ستقدمها بغداد لهذا الإقليم وعلى سبيل المثال، طلب "مسعود بارزاني"، الرئيس السابق لإقليم كردستان العراق من بغداد إعادة حق السيطرة على مدينة "كركوك" الغنية بالنفط مرة أخرى لحكومة "أربيل" الكردية إلا أن حكومة بغداد لم تتخذ أي قرار حول هذه القضية حتى اللحظة.
ومن وجهة نظر السيد "أفقهي"، فإن التحديات الخارجية التي تواجه حكومة "عبد المهدي"، تتمحور حول وجود أمريكا في الساحة السياسية العراقية وتأثيرها على المراكز السياسية والعسكرية والمالية والثقافية العراقية وبالطبع، أثناء الانتخابات البرلمانية التي عقدت خلال هذه الفترة أصبح من الواضح أن الثقل الأمريكي في تحديد المعادلات السياسية في العراق قد تضاءل إلى حد كبير، بحيث يمكن القول بأن النفوذ الأمريكي انخفض من المستوى الاستراتيجي إلى المستوى التكتيكي في العراق.
وفي الجزء الأخير من هذه المقابلة الصحفية، أعرب الخبير السياسي السيد "أفقهي"، بأنه من الممكن أن تتفوق حكومة "عادل عبد المهدي" على جميع التحديات المرتبطة بالعديد من العوامل المختلفة، كالنضال الجدي من أجل القضاء على الفساد وتشكيل مجلس وزراء يمثل جميع الطوائف العراقية والابتعاد عن الشعارات الخداعة وخلق التعاون بين السلطة والناس وفي رأي هذا الخبير السياسي، يجب على الحكومة العراقية العمل على مرحلتين متتاليتين، لإيجاد حلول لجميع القضايا ولفت إلى أنه في المرحلة الأولى يجب على الحكومة العراقية البدء بمعالجة القضايا والمشكلات الأساسية مثل القضاء على البطالة والتعامل مع الاحتياجات الأساسية اليومية للمواطنين العراقيين وفي المرحلة الثانية يجب العمل على حلّ التحديات الأخرى الأكثر صعوبة وقال بأنه لو نجحت الحكومة العراقية في حلّ مشكلات الشعب العراقي، فمن الممكن أن تستطيع حلّ التحديات الأخرى الكبيرة وأعرب بأنه إذا اكتفى رئيس الوزراء الجديد بإعطاء شعارات وهمية للشعب العراقي، فإن الشعب العراقي سيصاب باليأس والإحباط أكثر مما هو عليه الآن.