الوقت- بعد نجاح مجلس النواب العراقي في تسمية هيئة رئاسة البرلمان وانتخاب محافظ الأنبار السابق محمد الحلبوسي رئيساً جديداً له، يبرز اسم عادل عبد المهدي كالمرشح الأوفر حظاً لتولي منصب رئاسة الحكومة العراقية، بل إن مصادر عراقية قالت - وفقاً لشبكة الميادين الإخبارية - بأن الأحزاب العراقية توصلت إلى اتفاق شبه نهائي على تسمية عبدالمهدي رئيساً لوزراء العراق.
من هو عادل عبد المهدي؟
ولد عادل عبد المهدي المنتفكي عام 1942 في بغداد لعائلة متنفّذة، وشغل والده منصباً وزارياً في عهد الملك فيصل الأول في عشرينيات القرن الماضي، نال شهادة البكالوريوس في الاقتصاد من جامعة بغداد عام 1963، ثم حصل على الماجستير في العلوم السياسة من المعهد الدولي للإدارة العامة بباريس عام 1970، كما نال الماجستير في الاقتصاد السياسي في جامعة بواتيه بفرنسا أيضاً عام 1972.
عمل عبدالمهدي في عدد من مراكز البحوث الفرنسية، آخرها كرئيس للمعهد الفرنسي للدراسات الإسلامية، كما ترأس تحرير عدد من المجلات باللغتين العربية والفرنسية فضلاً عن تأليفه العديد من المؤلفات والكتب في السياسة والاقتصاد، وقد حُكم عليه بالإعدام في ستينيات القرن الماضي بسبب نشاطه السياسي.
عاش في إيران لمدة من الزمن وانضم للمجلس الأعلى للثورة الإسلامية في العراق فأصبح قيادياً وممثلاً له في كثير من المحافل، عاد إلى العراق بعد سقوط نظام الرئيس صدام حسين، وشغل منصب وزير المالية في حكومة إياد علاوي عام 2004 ممثلاً عن المجلس الأعلى للثورة الإسلامية، وشارك مع الإدارة الأمريكية في المفاوضات الخاصة بشطب الديون الخارجية العراقية، وأقنع عدداً من المانحين الدوليين بإسقاط جزء كبير منها، ثم أصبح أحد نائبَي الرئيس العراقي عام 2005، بعد أن كان مرشحاً أساساً لمنصب رئيس الوزراء قبل أن يتنازل لمصلحة إبراهيم الجعفري، وقد ساهم عبدالمهدي في صياغة الدستور العراقي الجديد، وكان آخر منصب تولاه وزارة النفط التي استقال منها في مارس/آذار 2016.
مواقفه السياسية:
ينطلق عبدالمهدي في مواقفه السياسية من مبدأ حفظ الوحدة الوطنية للعراق والدفاع عن مصالحه، ومعروف عنه النزعة الاستقلالية وعدم انخراطه في التنظيمات الحزبية، وحتى خلال فترة حضوره في المجلس الإسلامي الأعلى، كان يتبنى قرارات مستقلة، كما أنه لم يترشح على أي لائحة انتخابية، وقدّم نفسه على الدوام كمرشح مستقل عابر للتحالفات والتكتلات، مع إبداء حرصه على أن يحصل المكوّن الشيعي على مكانته التي يستحقها في العراق.
وقد شارك في كل الحكومات العراقية بعد سقوط نظام صدام البائد، وأثبت مرونته وقدرته على العمل مع الجميع، دون أن يتخلى عن شخصيته الناقدة في سبيل تحقيق مصالح العراق، وهو قريب من قادة الحشد الشعبي ومن أشد المدافعين عنه، ويمتلك علاقات ودية عالية مع الأحزاب والمكونات الكردية.
يُعرف عن عادل عبدالمهدي مناهضته للاحتلال الإسرائيلي، وتأييده لمحور المقاومة، وقد أدان الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على الأراضي العربية، كما أبدى موقفاً رافضاً لحصار قطاع غزة، وأعلن رفضه استخدام العراق للعدوان على دمشق أو طهران، كما كان من أبرز الداعين لانسحاب القوات الأمريكية من العراق، ورفض تقسيمه على أساس عرقي أو طائفي أو فئوي.
وفي العلاقة مع الجيران، ينادي عبدالمهدي بعلاقات طيبة مع الجوار، خاصة إيران، التي صرّح في أكثر من مناسبة أن أمن ونمو العراق من أمن ونمو إيران.
محل اجماع وطني:
يحظى عادل عبدالمهدي بدعم من الكتلة البرلمانية الأكبر المتمثلة في تحالف "الإصلاح والبناء"، كما أكد زعماء كتلتي "سائرون" و"الفتح" تأييدهما لتوليه رئاسة الوزراء، وقد التقى عبدالمهدي بمرجعيات العراق التي لم تعترض على ترشيحه لرئاسة الحكومة، ويحظى بشبه إجماع من الأوساط العراقية بلغت 95 بالمئة.
في الوقت الذي أعلن رئيس قائمة "دولة القانون" البرلمانية نوري المالكي عن عدم رغبته ترشيح نفسه للمنصب التنفيذي الأعلى في البلاد، ومع تضاؤل فرص رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي للفوز، خاصة مع ضعف أدائه في ملف احتجاجات البصرة الأخيرة، وتوصيات المرجعية الدينية للناخبين بـ "عدم تجريب المجرب"، يبرز اسم عادل عبدالمهدي كمحل إجماع في هذه المرحلة من حياة العراق.
من ناحية أخرى أعلن صباح اليوم الثلاثاء رئيس تحالف البناء هادي العامري، سحب ترشيحه من رئاسة الحكومة المقبلة، لإفساح المجال أمام شخصية "مستقلة أو محل توافق" وفقاً لتوصيات المرجعية، مؤكداً على "اختيار مرشح يتوافق مع متطلبات المرجعية الدينية، لتشكيل حكومة وطنية، وأن تكون له مقبولية من الجميع".
هذه الظروف تعزز من حظوظ عبدالمهدي الذي يقع موضع احترام من جميع التيارات العراقية، وترى الأوساط العراقية فيه شخصية مناسبة لتولى منصب رئاسة الوزراء في المرحلة القادمة.