الوقت- خلال الاضطرابات الأخيرة التي شهدها جنوب العراق "البصرة"، لعب العديد من نشطاء وسائل التواصل الاجتماعي في العراق دوراً في تحريك الشارع العراقي، ولاسيما البصرة ما أوصل الأوضاع إلى مرحلة الشغب، وبرز من بين هؤلاء النشطاء أشخاص كان لهم أثر كبير في تأجيج أعمال الشغب في البصرة أمثال "رهام يعقوب" و "علي نجيم" وغيرهم، وكان لهؤلاء علاقات وثيقة بالدبلوماسيين الأمريكيين ضمن دورات تعليمية ممنهجة.
وأظهرت أعمال الشغب التي شهدتها مدينة البصرة العراقية وجود شبكة أمريكية الصنع هدفها الأساسي تشويه صورة إيران في المنطقة وتسعى إلى تقسيم الشرق الأوسط ولاسيما العراق، فوفقاً للمعطيات المتوافرة فإن الحرب الناعمة ضد الشعوب في الشرق الأوسط تدار الآن من قبل السفير الأمريكي في العراق "دوغلاس سليمان"، نفس الخطة التي وضعت من قبل وزير الخارجية الأمريكية آنذاك "كولن باول" بقيمة 29 مليون دولار تحت اسم "خلق عمل أمريكي للديمقراطية في العالم العربي" وذلك بهدف خلق أجواء في العراق ودول غرب آسيا تساعد في تقبّل المشاريع الأمريكية.
وكان واضحاً في المرحلة الماضية أن واشنطن تعمل على تحطيم أحلام الشعوب المستقلة في الشرق الأوسط، ولاسيما إيران عن طريق تنظيم الجماعات الإرهابية كداعش والنصرة، إلا أن هذه المحاولات باءت بالفشل، وتحوّل الحلم الأمريكي إلى كابوس مرعب لم يتوقف فقط على عدم قدرتها في إضعاف إيران بل بتحويلها إلى رمز للقوة غرب آسيا، القوة التي تعمل على التصدي للنفوذ الأمريكي في المنطقة، فبعد خسارة أمريكا على جبهات الحرب الساخنة، عادت لتستخدم الخطة القديمة وهي الحرب الناعمة في محاولة لتعميق نفوذها الإقليمي، الأمر الذي كشف مؤخراً بعد اضطرابات البصرة.
كيف بدأ التخطيط؟!
بدأت القصة في تموز عام 2017، عندما تولى "تيمي ديفيس" العضو السابق في دائرة الأمن والاستخبارات في البحرية الأمريكية، مسؤولية إدارة قنصلية أمريكا في البصرة.
بدأ "تيمي ديفيس" أنشطته الفتنوية في البصرة تنفيذاً لسياسة بلاده، الأمر الذي قاله بصراحة السفير الأمريكي في بغداد "دوغلاس سيلمان" في مقالة له مع "أسوشتيد برس": (يتوجب على أمريكا السعي لتقويض دور إيران في المنطقة وبغداد بعد نهاية الحرب مع داعش".
بحث "تيمي ديفيس" منذ وصوله إلى البصرة عن أفراد مؤثرين اجتماعياً لإقامة علاقات معهم، وتنظيم شبكة على هذا الأساس، فكانت أهم مشاريع وكالة الاستخبارات الأمريكية لـ "الإسلام المدني والديمقراطي، البحث عن شركاء ومصادر واستراتيجيات" الذي صدر عام 2004 من مؤسسة راند الأمريكية من قسم أبحاث الأمن القومي، وأهم خطوات هذا المشروع هو التعريف بأفراد علمانيين وإقامة اجتماعات معهم وبالنهاية تشكيل تنظيمات رسمية في المجتمع تنفذ بعدها مخططات "ديفيس" في البصرة وغيرها.
البحث عن أدوات لتنفيذ المشروع الجديد
النقطة الأهم كانت في العثور على هؤلاء الأشخاص الذين تتوافر فيهم المواصفات المطلوبة، حيث أقامت القنصلية الأمريكية في البصرة دورات تدريبية تحت عنوان "Maharat Mentorship" لمدة ثمانية أشهر بدعم مالي على مدار عامي 2017 و 2018.
من جهة أخرى فإن القنصلية الأمريكية لم توفّر فرصة أو مناسبة اجتماعية إلا ودعت النشطاء في مواقع التواصل الاجتماعي لعقد مؤتمرات وغيرها كيوم المرأة أو الإفطار في رمضان.
طبعاً هذه اللقاءات هي في العرف الدبلوماسي جزء من مهام القنصليات إلا أن الحقيقة كانت عبارة عن فرص للحصول على نفوذ أكبر، ووفقاً للمعلومات المتوافرة على شبكة الانترنت فإن بعض الأشخاص مثل "علي نجيم" و "هشام أحمد" و "رهام يعقوب" تم استقطابهم من قبل القنصلية الأمريكية في البصرة، حيث بدؤوا العمل على تشكيل شبكة واقعية لتنفيذ مصالح أمريكا.
"رهام يعقوب" إحدى الفتيات العراقيات الناشطات في مواقع التواصل الاجتماعي، وهي خريجة "علوم التغذية" ولديها العديد من المتابعين على حساباتها الاجتماعية، إلا أن منشوراتها لا تتعلق بأمور التغذية فقط بل تقود مظاهرات نسائية في المدينة تحت عناوين رياضية وتعليم وغيرها، إلا أنها في الواقع أثرت عن طريق العديد من الأوسمة على أحداث البصرة مثل #نساء - مدينتي و #فخر مملكتي.
و "هشام أحمد" الذي يعمل تحت اسمه المستعار "هشام شيرو" أحد الشخصيات الأخرى المؤثرة في مواقع التواصل الاجتماعي، وهو متخصص غرافيك وأفلام ولا نستبعد أن تكون هذه الأفلام المصوّرة في البصرة هي من تعديلاته.
بالطبع لم يتوقف عمل القنصلية الأمريكية في البصرة على تشكيل الشبكات للقيام باعتراضات البصرة، بل إن الهدف النهائي لها هو توجيه مثيري الفتنة لضرب ما يخدم مصلحة أمريكا ومن بينها: القنصلية الإيرانية في البصرة، مركز المحافظة، منزل رئيس مجلس المحافظة، منزل وزير الاتصالات العراقي حسن راشد، ومكاتب عدة فرق شيعية من بينها مكتب تنظيم بدر و عصائب أهل الحق والمجلس الأعلى وحزب الدعوة ومقر حزب حركة "إرادة" حنان الفتلاوي ومركز حزب الفضيلة ومكتب فالح الخزعلي وحتى مكاتب التلفزيونات العراقية مثل العراقية والغدير.
لم يسلم أحد من هذه الاضطرابات والهجمات حيث طالت مركز جعفر الطيار الطبي للجرحى في البصرة حيث يرقد في هذا المركز عدد من جرحى الحشد الشعبي كما تم الاعتداء على بعض جرحى الحرب.
من الواضح أن هذا المخطط يحمل أهدافاً عدة أهمها ضرب العلاقات بين إيران والعراق وتشويه اسم المقاومة في المنطقة، فكل يوم تزداد هذه الإشاعات ويقوم عملاء أمريكا بافتعال المزيد من المشكلات بين البلدين وكل ذلك بدعم مالي من السعودية وسفيرها الاستخباراتي عبد العزيز بن خالد الشمري، ويبدو أن المخطط الأصلي هو تقسيم العراق وفقاً لمشروع جوزيف دانفور إلى إقليمين أو مشروع جوزيف بادين لتقسيم العراق لثلاثة أقاليم.