الوقت- يمكن اعتبار إجراء الانتخابات البرلمانية والرئاسية التركية في 24 يونيو 2018 نقطة محورية لخلق تغييرات على التطورات السياسية والاجتماعية في البلاد.
فبعد إعلان النتائج النهائية للانتخابات، فرض حزب العدالة والتنمية للسنوات الأربعة المقبلة سلطته السياسية في البرلمان على الأحزاب السياسية الأخرى، في حين ضمن أردوغان منصبه كرئيس لجمهورية تركيا بحصده 52 في المئة من أصوات الناخبين الأتراك.
بالإضافة إلى ذلك، فالحدث الأهم والأكبر الذي طرأ في هذه الانتخابات قياساً بالقضايا الأخرى، هو تغيير النظام السياسي في البلاد من برلماني إلى رئاسي إذ تمثل هذه نقطة تحوّل أساسية في الساحة السياسية التركية.
وعلى الرغم من كل هذا، فما يطرح نفسه حالياً يدور حول مستقبل الوضع الداخلي في تركيا بعد انتخابات 24 يونيو وإلى أين سيتجه الوضع الداخلي، وما هو تأثير فوز حزب العدالة والتنمية على سياسة تركيا الخارجية؟ وللإجابة على هذه التساؤلات، أجرى موقع "الوقت" مقابلة خاصة مع الدكتور "جعفر حق بناه"، الخبير في شؤون غرب آسيا.
وأكد "حق بناه" في بداية حديثه، أنه لا ينبغي المبالغة في تقدير الآثار المترتبة على الانتخابات التركية الأخيرة لأن انتخابات 24 يونيو 2018 لن يكون لها تأثير كبير على معادلات أنقرة السياسية وسيناريوهات السياسة الكلية لها.
انعدام وحدة المعارضة والثقة هما العاملان الرئيسيان وراء انتصار أردوغان وحزب العدالة والعدالة
يرى "جعفر حق بناه"، فيما يتعلق بأسباب فوز حزب العدالة والتنمية وأردوغان في انتخابات 24 يونيو، أن هذا النجاح يرجع إلى قسمين من العوامل السلبية والإيجابية.
العوامل السلبية مثل الانشقاقات والانقسامات والاختلافات بين الأحزاب السياسية المعارضة لحزب العدالة والتنمية، وعدم وجود إجماع للأحزاب السياسية حول تحديد استراتيجية المنافسة السياسية والانتخابية مع أردوغان، وغياب شخصية سياسية قوية بمستوى أردوغان على المستوى المحلي، هي أهم الأسباب التي أدت إلى فوز حزب العدالة والتنمية.
وعلى المستوى الدولي، دفعت الدعاية والعمل من جانب الدول الأوروبية تجاه تركيا، الأجواء نحو فوز أردوغان، وسهلت الأرضية لفوزه مرّة أخرى.
وأكد خبير شؤون غرب آسيا، أنه بالإضافة إلى بعض العوامل السلبية، فقد أثرت بعض العوامل الإيجابية أيضاً على فوز حزب العدالة والتنمية في انتخابات 24 يونيو.
لقد خلق حزب العدالة والتنمية برئاسة أردوغان قدرة له في السلطة، ودخل في تحالفات مع التيارات الوطنية والحديثة، وتصالح مع تيارات المحافظين الجدد والقوميين والتقليديين، في الواقع لقد خلق أردوغان مفهوم أنّ بإمكانه أن يمثل مصالح كل هذه الطبقات.
ويرجع ذلك إلى النجاح الاقتصادي نتيجة لأنشطة حكومة مُجدّة وتنموية استطاعت تحقيق إنجازات ملموسة لتركيا، كما خلق أردوغان للمواطنين الأتراك صورة تبين أن باستطاعته هو وحزبه حلّ المخاوف الأمنية لتركيا وقدّم نفسه كمنقذ يستطيع التعامل مع التهديدات الأمنية داخلياً وخارجياً على حد سواء.
ترسيخ مستوى من الديمقراطية في تركيا
ووفقاً للخبير في قضايا غرب آسيا في تتمة حديثه الذي أشار من خلاله إلى ميراث كمال أتاتورك عن طريق فرضيات، فقد أكد: "في العصر الجديد لتطورات الدولة التركية بعد انتخابات 24 يونيو، ستهيمن روح جديدة على تركيا قائمة على هيمنة روح التطور، البراغماتية واستكمال برامج ومشاريع حزب العدالة والتنمية التي لا تزال على جدول أعمالهم منذ عام 2002.
وأيضاً يمكن التنبؤ إلى حدّ كبير أن السلطة ستتجه إلى الشخصنة وستسود ظاهرة احتكار القدرة من قبل شخصية واحدة، ومع ذلك، تجدر الإشارة إلى أن عجلة الزمن لن تعود إلى الوراء وسيستقر مستوى الديمقراطية ويستمر في تركيا.
تركيا ستواصل نهجها البراغماتي تجاه السياسة الخارجية
في جزء آخر من حديثه حول تأثير انتخابات 24 يونيو 2018 على السياسة الخارجية التركية وعلاقاتها مع الجهات الفاعلة الأخرى، ذكر جعفر حق بناه، أن سياسة تركيا الخارجية يمكن تقييمها في الظروف الحالية وفي المستقبل القريب أنها تتأثر نسبياً من الآخرين، أي تتأثر بالجهات الفاعلة.
ومع ذلك، لا تزال روح البراغماتية تهيمن على السياسة الخارجية التركية. لديهم قدرة خاصة للتعامل في وقت واحد مع أمريكا وروسيا، كما يمكن القول أيضاً أنه بعد مرور فترة من موسم الإنفاق في أزمات غرب آسيا، فقد حان الوقت لخفض التكاليف الضخمة لأنقرة في المنطقة، الآن على سبيل المثال، يمكننا التحدث عن استمرار دور تركيا في العراق وسوريا.
العلاقات بين أمريكا وتركيا لن تتغير بشكل كبير
يعتقد خبير غرب آسيا هذا، فيما يخص مستقبل علاقات تركيا مع أمريكا بعد الانتخابات أنه من الناحية النفسية، فإن وجود أردوغان وترامب على رأس السلطة في البلدين لن يؤدي إلى الصراع، وأن ما يُقال حول انحياز الشخصيتين لليمين وما تجمعهما من علاقات مشتركة أمنية - سياسية، ستخلق أرضية لعلاقات أفضل بين البلدين.