الوقت- تشير كافّة الإجراءات التي إتخذها الكيان الإسرائيلي في اليومين الماضيين إلى خشيةٍ غير مسبوقة من أي إنتفاضة أو مواجهة فلسطينية قد تندلع بالتزامن مع يوم القدس العالمي.
قد يكون الوضع الإقليمي (عدم الإستقرار وداعش وأخواته) عاملاً مساعداً لإستقرار مرحلي لهذا الكيان إلا أن الوضع الدولي بدءاً من المقاطعة الأوروبية وليس إنتهاءً بالهجوم الأخير على سفن الحريّة 3 من ناحية، والوضع الداخلي الفلسطيني من الضفة إلى القطاع من ناحية أخرى أسباب عدّة باتت تؤرق المسؤولين في الکيان الإسرائيلي.
يوم القدس
يأتي يوم القدس هذا العام في مشهد ينذر إلى حد بعيد بإنتفاضة الأقصى، اذ يئس أبناء الشعب الفلسطيني سواءً في القطاع أو في الضفة الغربية من المفاوضات العقيمة التي لم تسمن ولم تغن من جوع، تماماً كما حصل في إنتفاضة العام 2000 بعد الطريق المسدود الذي وصلت إليه كامب ديفيد 2000 وملف القدس.
يوم القدس الذي بات واقعاً يؤرق قادة الكيان الإسرائيلي في كلّ عام، يتزامن هذه السنة مع الذكرى الأولى للحرب الإسرائيلية الثالثة على قطاع غزة (العصف المأكول)، والتي استمرت 51 يوماً وراح ضحيتها قرابة 2400 فلسطيني غالبيتهم الأطفال والنساء.
ثنائية القدس والحرب الثالثة تمرّ هذه المرّة في ظل حصار ظالم وخانق استمر لمدة 8 سنوات. قطاع غزة مازال محاصراً، والأوضاع الإقتصادية تزداد سوءاً، وكافة المؤشرات الإقتصادية الصادرة من المؤسسات الدولية والمحلية تحذر من الإنهيار القادم لقطاع غزة، فضلاً عن تحذير الجانب الإسرائيلي من "تجدد العنف" في القطاع بسبب سوء الأوضاع الاقتصادية، الأمر الذي دفع بسلطات الکيان الإسرائيلي لإتخاذ إجراءات إحترازية معتمدةً سياسة الترغيب والترهيب، فما هي بنود السياسة الإسرائيلية الجديدة عشية الثنائية الفلسطينية؛ القدس والحرب الثالثة؟
الترغيب والترهيب
تعبّر الإجراءات الإسرائيلية الأخيرة التي تميّزت هذه المرّة بأسلوبي الترغيب والترهيب، عن خشية تل أبيب من إندلاع إنتفاضة لا تحمد عقباها. ولم تقتصر السياسة الإسرائيلية الترهيبية على المناورات العسكرية على حدود قطاع غزة، بل أعلن منسق أعمال الحكومة الإسرائيلية في المناطق الميجور جنرال يؤاف مردخاى أن إسرائيليين اثنين موجودان حاليا في القطاع، وأن حركة حماس تحتجز أحدهما. وأوضح مردخاى أن أحدهما من مواليد إثيوبيا ويبلغ من العمر 29 عاما ومن سكان عسقلان، ويدعى أفراهام منجيستو، وقد اجتاز بمحض إرادته السياج الأمنى المحيط بقطاع غزة في السابع من سبتمبر من العام الماضي، دون أن يسمّي الإسرائيلي الآخر الموجود في قطاع غزة، فقد إكتفى بذكر أنه من أبناء الأقليات واجتاز عدة مرات الحدود إلى غزة.
الإعلان الإسرائيلي في هذا الوقت تحديداً رغم مرور حوالي 10 أشهر على القضية يثير الشكوك حول خشية الكيان الإسرائيلي من أي إجراءات فلسطينية عشية يوم القدس العالمي، إلا أن هذه الشكوك ما تلبث أن تتحول إلى يقين فيما لو نظرنا إلى مكان وزمان المناورات الإسرائيلية الأخيرة.
لم تقتصر السياسة الإسرائيلية على الترهيب هذه المرّة بل كان الترغيب بمثابة الجناح المقابل للطائر الإسرائيلي، حيث أوردت صحيفة هآرتس الإسرائيلية في تقرير صدر أمس الأربعاء أن قادة في الجيش الإسرائيلي قدموا توصيات لوزير الدفاع موشيه يعالون تتعلق بتخفيف القيود على قطاع غزة. وأوضحت الصحيفة أنه من بين التوصيات توسيع المعابر والسماح للبضائع الإسرائيلية بدخول غزة، وإصدار تصاريح للفلسطينيين للعمل في الأماكن القريبة من غزة. وأشارت الصحيفة الى ان "الضباط رفيعو المستوى يخشون من أن يؤدي تفاقم سوء الأوضاع الاقتصادية في قطاع غزة إلى تجدد العنف".
اذا كانت سياسة الترهيب الإسرائيلية موجّهة للداخل الفلسطيني وحده، وقطاع غزة على وجه الخصوص، إلا أن سياسة الترغيب أو تحسين صورة الكيان لو صحّ التعبير، تأتي بعد فترة وجيزة من الإعتداء السافر الذي شنّته القوات الإسرائيلية على أسطول الحرية 3 الذي أراد فك الحطار عن قطاع غزة، كذلك تتزامن مع المقاطعة الأوروبية حيث حذر تقرير لوزارة المالية الإسرائيلية، صدر أمس الأربعاء، من أن "مقاطعة دول الاتحاد الأوروبي الشاملة للبضائع الإسرائيلية، قد تكبد إسرائيل خسارة تصل إلى 88 مليار شيكل (أي نحو 23.3 مليار دولار أمريكي) من حجم صادراتها، فضلا عن خسارة ما يقرب من 36.500 فرصة عمل."
اذاً، يسعى الكيان الإسرائيلي حالياً لإمتصاص غضب الشارع الفلسطيني خشية قيام المقاومة الفلسطينية أو أبناء الشعب الفلسطيني(حالات فردية) بأي إجراء عسكري ضد جنود هذا الکيان.