الوقت- نشرت صحيفة واشنطن بوست مقالاً عن مواقف دونالد ترامب المزدوجة والمتناقضة تجاه كوريا الشمالية معتبرة هذه السياسات تشكّك في مصداقية أمريكا، وتحدثت صحيفة "واشنطن بوست" في مقال لها عن الآثار المترتبة على إلغاء القمة الأمريكية مع كوريا الشمالية، قائلةً: "لقد أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب يوم الخميس عن إلغاء اللقاء المرتقب مع الزعيم الكوري الشمالي "كيم جونغ -آون"، ويأتي هذا في الوقت الذي أعلن فيه ترامب إمكانية عقد اجتماع آخر بين رؤساء أمريكا وكوريا الشمالية في نفس التاريخ السابق، وذلك في تغريدة له نشرها على حسابه في تويتر الليلة الماضية، ما يشير إلى تغيير في موقفه.
وقال ترامب في هذه التغريدة: "نجري مباحثات بناءة ومثمرة للغاية مع كوريا الشمالية حول القمة، والتي إذا عقدت بالفعل، فمن المحتمل أن تكون في نفس التاريخ في 12 يونيو في سنغافورة، وإذا لزم الأمر، ستعقد بعد هذا التاريخ".
وأضاف المقال: إن قرارات ترامب المزدوجة حول إلغاء لقاء زعماء واشنطن وبيونغ يانغ والإعلان عن إمكانية عقدها مرة أخرى كان لها عواقب مدمّرة على الحكومة الأمريكية، فمثل هذه الإجراءات تقوّض السمعة الدولية الأمريكية وتشوّه مصداقيتها.
وقد شهد ترامب بالفعل نتيجة تصرفاته المتعجلة، فقد انسحب مؤخراً بشكل أحادي الجانب من الاتفاق النووي الإيراني، الذي تم توقيعه في عام 2015. إن قرار ترامب هذا لا يؤكد فقط عدم التزام حكومة واشنطن الحالية، بل يضع ترامب على مفترق طريق حول فرض عقوبات على إيران أم لا بسبب معارضة الحلفاء الأوروبيين لأمريكا، وتقول صحيفة واشنطن بوست إن قرارات دونالد ترامب تُعلن دون تفكير، وتأمل، وإن استمرار هذا النهج له عواقب سلبية على أمريكا.
أمريكا فقدت سمعتها السابقة
واحدة من أهم عواقب قرارات ترامب المفاجئة وغير المخطط لها هي فقدان المصداقية الأمريكية في الساحة الدولية، فقد قرر في البداية إجراء لقاء مع الزعيم الكوري الشمالي ثم ألغى اللقاء دون سابق إنذار، وكان قد هدّد كوريا الشمالية مراراً وتكراراً بضربة عسكرية، واصفاً زعيمها بأنه "رجل صاروخ" أو "مجنون".
يعتقد العديد من المحللين أن عقد قمة بين أمريكا وكوريا الشمالية سيكون أمراً إيجابياً لحكومة ترامب كما يمكن للقمة أن تقرّب الرئيس الأمريكي من جائزة نوبل للسلام، حيث يسعى ترامب للحصول عليها.
لكن تناقض آرائه حول عقد قمة مع بيونغ يانغ يشير إلى أنه قد يتّبع سياسة خادعة، لقد أظهر ترامب عدم التزامه بالاتفاق النووي الإيراني، ومن المرجّح أن السبب الوحيد لعقد قمة مع كوريا الشمالية هو إثارة قضية جائزة نوبل للسلام.
ربما ليس من المهم بالنسبة للعديد من الناس في العالم عقد قمة بين أمريكا وكوريا الشمالية؛ ولكن عندما أعلن ترامب إلغاء القمة، طرح سؤالاً يتردد في أذهان الرأي العام، "هل لدى الرئيس الأمريكي مستشار يثنيه عن اتخاذ قرارات لا يمكن التنبؤ بها؟" إنّ مثل هذه التصرفات تكشف عن شخصية غير عاقلة وغير متزنة لرئيس أمريكا وتقوّض شخصيته بين قادة الدول الكبرى الأخرى مثل روسيا والصين والاتحاد الأوروبي.
تناقض آراء ترامب يزيد من مصداقية الزعيم الكوري الشمالي
لقد قلّل الرئيس الأمريكي مصداقيته من خلال قراراته غير المتوقعة، ولكن في المقابل زادت مصداقية الزعيم الكوري الشمالي، إن الخطاب الغريب والمكرر لترامب في الرسالة التي وجهها إلى كيم جونغ أون بحاجة إلى تحليل، فقد ألغى اللقاء المرتقب بأسلوب مُضحك، ثم ينتظر بفارغ الصبر عقد قمة في وقت آخر، وينشر مرة أخرى تغريدة حول عقد قمة في نفس التاريخ، من ناحية أخرى، أعلن الزعيم الكوري الشمالي عزمه عقد القمة تنفيذاً للوعود التي تقدم بها، فقد أمر كقائد حقيقي، بتدمير موقع نووي وأطلق سراح سجناء أمريكيين، لكن ما فعله ترامب إزاء إجراءات زعيم كوريا الشمالية أدّى إلى تضاؤل مصداقيته الدولية.
من الصعب الحفاظ على عقوبات كوريا الشمالية على أمريكا
لقد أثبتت أمريكا أنها لاعبة غير متزنة في الساحة الدولية ولا يمكن الوثوق برئيسها بسبب وجود تناقض في آرائه، وهذا يجعل من الصعب إبقاء العقوبات الأمريكية على كوريا الشمالية، فالعقوبات هي أداة دبلوماسية، لقد قوّضت قرارات الرئيس الأمريكي غير القابلة للتنبؤ فرض العقوبات وشككت في مكانة أمريكا كجهة فارضة للعقوبات، وجاء في نهاية المقال، هذه المواقف تثیر الشكوك حول قرارات دونالد ترامب غير المتوقعة، وقصور مستشاريه بمن فيهم جون بولتون، مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض ومستشارين آخرين.