الوقت-أجرت الصين مناورة عسكرية حول حدود تايوان يوم الجمعة، في هذه المناورة، وللمرة الأولى، حلّقت الطائرات المقاتلة من طراز Su-35 حول قناة "Bashi"، التي تفصل تايوان عن الفلبين، وأعلن جيش التحرير الشعبي الصيني (pLAAF) رسمياً في بيان له أن قاذفات H-6K وطائراته تحلّق حول تايوان لعرض "قدراتها القتالية المعززة."
ولدى تايوان والصين انقسامات طال أمدها بدأت مع بداية الحرب الأهلية الصينية في عام 1949، والتي فاز بالسلطة فيها الحزب الشيوعي الصيني الذي أنشئ حديثًاً على كومينغتون أو (حزب الشعب الوطني)، الحزب الحاكم في الصين بعد الإطاحة بإمبراطورية أسرة تشينغ (1913).
ونتيجة لذلك، تشكّلت حكومة جمهورية الصين برئاسة تشيانغ كاي شيك في جزيرة تايوان على الساحل الشرقي للصين واعتبرت مدينة تايبي عاصمة مؤقتة للدولة في المنفى، واعتبرت نفسها الحكومة الشرعية لأراضي الصين ومنغوليا.
إلا أن حقبة جمهورية الصين الشعبية هذه، وصفت حكومة الانفصاليين التايوانيين بأنها غير شرعية وطالبت باسترجاع هذه الأرض إلى الصين. لكن الخلافات بين الصين وتايوان زادت مع حلول عام 2017، عندما وصل تاسا دزهانجتاو من الحزب الديمقراطي التقدمي إلى السلطة.
وتقوم بكين بزيادة التدريبات العسكرية منذ العام الماضي بهدف إرسال رسالة إلى تايوان تنص أن أي تحرك نحو الاستقلال يمكن أن يكون له عواقب وخيمة على هذه الجمهورية ذاتية الحكم. وفي السياق ذاته، قال شين جينك، وهو متحدث كبير باسم القوات الجوية الصينية: "سنستمر على السياق الحالي وعلى التحليق الجوي فوق تايوان".
وأظهرت التقارير أن الطائرات المشاركة في هذه المناورة تشمل قاذفات X-HK-6K، ومقاتلات Sukhoi-35 و Shenyang J-11، وطائرات نقل Shaanxi Y-8، وطائرات تحذير Kj-2000 وطائرات تجسس إلكترونيةTupolev Tu-154 لكن من غير الواضح كم من هذه الطائرات تم استخدامها خلال التدريبات، ويقال أيضاً إنه في هذه المناورة، تم استخدام الجيل الخامس من طائرات الشبح المتطورة J-20.
وتسعى الصين في ذروة برنامجها بعيد المدى لتحديث قواتها المسلحة من خلال التنافس للتوفق في مجال تكنولوجيا الطائرات من دون طيار، والطائرات الحربية والصواريخ المتقدمة، تماشياً مع خطة الصين لتحويل البلاد إلى "زعيم عالمي" و"أكبر قوة عظمى في العالم" بحلول عام 2050. وفي هذا السياق، تعمل الصين على تطوير وجودها العسكري وأنشطتها العسكرية في البحر الجنوبي منذ عدة سنوات.
أما الجزء الآخر من البرنامج هو التوصل إلى طريق ربط البحر الجنوبي بغرب المحيط الهادئ، وفي هذا السياق، قامت بكين مؤخراً بزيادة عملياتها الجوية حول مضيق مياكو (بين جزيرتي مياكوا وأوكيناوا اليابانيتين)، وهي أهم طريق لدخول القوات البحرية لجيش التحرير الشعبي إلى المحيط الهادئ، بالإضافة إلى تكثيف وجودها في قناة باشى (الطريق البحري بين الفلبين وجزر أوركيد التايوانية) الذي يربط بحر الصين الجنوبي بغرب المحيط الهادي.
وفي الوقت نفسه، تخشى تايوان بشدة من عملية تصاعد قوة الصين. فقد أعلنت وزارة الدفاع التايوانية، فيما يخص التوتر المتصاعد مع بكين، أنها ستقوم بمحاكاة الهجمات مثل الهجوم العدواني، وتعمير وإعادة بناء القواعد والمنشآت العسكرية الجوية واستخدام طائرات من دون طيار وذلك كجزء من التدريبات العسكرية المقرر بدؤها في بدايات شهر يونيو المقبل.
كما أعلنت وزارة الخارجية في تايوان أن الجزء الأكبر من التدريب سيكون من 4 إلى 8 يونيو، والذي سيشمل "إقصاء العدو من السواحل". وأكد المتحدث باسم وزارة الدفاع في جزيرة تشن تشانغ شي أن الهدف الرئيسي من التدريبات العسكرية القادمة هو "الاستعداد للتعامل مع أي عملية عسكرية صينية لمهاجمة تايوان".
ومن ناحية أخرى، نشرت القوات الجوية التايوانية طائراتها من طراز F-16 للإشراف على المناورات الصينية من أجل توفير "ضمان أمني" ردّاً على المناورات الصينية.
وكانت تايوان، على مدى العقود الماضية، تسعى للتحالف والتعاون مع أمريكا للحفاظ على توازن عسكري مع الصين، نتيجة لذلك، أصبحت تايوان الآن مزوّدة بأسلحة أمريكية في معظمها، لكن واشنطن خططت لبيع معداتها المتطورة، بما في ذلك المقاتلات الحربية الجديدة إلى حلفائها وتايوان من ضمنهم، لمواجهة تنامي قدرة الصين في شرق آسيا وذلك لجعلها أداة ضغط في يد أمريكا لدفع الصين لقبول الشروط الأمريكية في الحرب التجارية على البلدين.
تشعر بكين باستياء شديد إزاء تزويد واشنطن المتزايد لتايوان، وآخر مثال على ذلك، كان عندما عقدت هذه الجزيرة أول مؤتمر أعمال تايواني وأمريكي في الأيام الماضية (11 مايو)، تم تشكيل المؤتمر بهدف زيادة التعاون بين تايوان وأمريكا في مختلف قطاعات الصناعة الدفاعية، بما في ذلك بناء السفن والأمن السيبراني وصناعات الطيران، وشارك في المؤتمر شركات متعددة الجنسيات كبيرة مثل Lockheed Martin و Raytheon و Cubic و BAE Systems.
وقال روبرت هاموند تشامبرز، رئيس مجلس الأعمال الأمريكي التايواني، إن تايوان تتمتع بخبرة كبيرة في سلسلة توفير التكنولوجية العالمية، لذا "لا يوجد أي دليل يمنع تايوان من التمتع بنجاح ملحوظ في مجال توفير الأمن العالمي".
كما قال نائب وزير الشؤون الاقتصادية في تايوان، شين تشنغ من الصين، إن سياسة الحكومة لبناء معدات عسكرية مثل الطائرات النفاثة المتقدمة والغواصات المحلية، خلقت فرصاً تجارية لصناعة الطيران وصناعات بناء السفن المحلية بشراكات مع نظيراتها في أمريكا".
وقد أدّى هذا إلى تمكّن الصين من تعزيز قوتها العسكرية بفضل تطورها الاقتصادي المتسارع والمفاجئ في السنوات الأخيرة، لزيادة تحركاتها العسكرية في شرق آسيا لمنع خطط التدخل الأمريكية، وهذا الأمر من شأنه، وفقاً للخبراء، أن يعرّض مستقبل الاستقرار في شرق آسيا للخطر.