الوقت- كشف تقرير لصندوق البنك الدولي بأن الصين تمنح قروضاً ماليّة للدول الأخرى خصوصاً النامية تفوق كثيراً ما تقدّمه أمريكا في هذا المجال.
وذكر التقرير أن المشاريع الإنمائية التي تنفذها الصين في أكثر من 140 دولة في مختلف القارات وصلت إلى حدود 4300 مشروع بين عامي 2000 و2014.
في هذا السياق أشار مركز "AIDDATA" العالمي للبيانات الاقتصادية ومقرّه "ولاية فرجينيا الأمريكية" إلى أن القروض الماليّة التي قدّمتها الصين للدول الأخرى بين عامي 2014 و2017 فاقت بكثير القروض الأمريكية في نفس الفترة.
وتحصل الصين على فوائد ماليّة من تسديد هذه القروض تتراوح بين 10 و 15 بالمئة خلال خمس سنوات، بينما تصل الفوائد التي تفرضها أمريكا على قروضها إلى الدول الأخرى أكثر من 25 بالمئة، وهذا الأمر بحدّ ذاته قد شجّع الدول المختلفة للتوجه نحو الاقتراض من الصين بدلاً من أمريكا في السنوات الأربع الأخيرة.
ووصل مجموع القروض التي قدّمتها الصين لدول أخرى بين عامي 2014 و2017 إلى أكثر من 394.6 مليار دولار في حين وصل مجموع القروض الأمريكية خلال نفس المدة إلى 354.3 مليار دولار.
ومن الدول التي تحصل على القروض الصينية يمكن الإشارة إلى كل من كوبا (6.7 مليارات دولار)، اثيوبيا (3.7 مليارات دولار)، زيمبابوي (3.6 مليارات دولار)، الكاميرون (3.4 مليارات دولار)، نيجيريا (3.1 مليارات دولار)، تنزانيا (3 مليارات دولار)، كمبوديا (3 مليارات دولار)، سريلانكا (2.8 مليار دولار) وغانا (2.5 مليار دولار)، روسيا (36.6 مليار دولار)، باكستان (16.3 مليار دولار)، أنغولا (13.4 مليار دولار)، لاوس (11 مليار دولار)، فنزويلا (10.8 مليارات دولار)، تركمانستان (10.1 مليارات دولار)، الاكوادور (9.7 مليارات دولار)، البرازيل (8.5 مليارات دولار)، كازاخستان (6.7 مليارات دولار).
وأكثر هذه القروض يتم استثمارها في قطاع الطاقة واستخراج المعادن وتطوير شبكات النقل والمواصلات وتعزيز البنى التحتية في الكثير من المجالات في أراضي الدول المستقرِضة.
وفي الفترة الأخيرة شاعت تعبيرات مختلفة بين وسائل إعلام غربية وسياسيين غربيين حول "نظرية التهديد الصيني" بما فيها "التغلغل الصيني". ونالت مبادرة "الحزام والطريق" نصيبها من التشويه أيضاً، حيث تم وصف التعاون "الصيني - الإفريقي" بـ"الاستعمار الجديد"، في حين ظلّت الصين تتمسك بمفاهيم المنفعة المتبادلة والفوز المشترك خلال مسيرة تطوير التعاون التجاري والاقتصادي مع الدول الأخرى.
وتختلف الصين عن القوى التقليدية في مواقفها تجاه الدول النامية، فهي تحترم سيادة شركائها ولا تتدخل في شؤونهم الداخلية وتقوم بالتعاون الاقتصادي مع هذه الدول دون شروط سياسية، وتهتم بمصالح الأطراف الأخرى مع ضمان مصالحها الذاتية.
وقد تسارع التعاون بين الصين والدول النامية خاصة في تشييد البنى التحتية وحصل تقدم كبير في هذا المضمار بالسنوات الأخيرة، وهذا إن دلّ على شيء فإنّما يدل على الاستراتيجية السليمة والمنطقية التي تنتهجها الصين مع الدول الأخرى، على عكس أمريكا التي تضغط على الدول النامية من خلال القروض والمساعدات الاقتصادية التي تقدمها لها للحصول على امتيازات سياسية وعسكرية.
ويعتقد المراقبون والخبراء الاقتصاديون بأن العلاقات بين الصين والدول النامية تمرّ الآن بمرحلة ذهبية من التنمية السريعة والمستدامة متمثلة بالإنجازات الكثيرة والكبيرة التي تحققت في هذا المجال، وبفضل هذه السياسة الناجحة أصبحت الصين أكبر شريك تجاري لإفريقيا على مدى تسع سنوات متتالية، حيث ساعدت في بناء 6500 كيلومتر من السكك الحديدية و6000 كيلومتر من الطرق السريعة و200 مدرسة و80 ملعباً وعشرات البنايات الحكومية ومقرات البرلمانات والكثير من المطارات في العديد من دول القارة الإفريقية.
وتتهم واشنطن بكين بأن سياستها تؤدي إلى أزمة ديون في إفريقيا، وهو اتهام ليس صحيحاً على الإطلاق. لأن الصين تشجّع الاستثمار وتدعم الهيئات الماليّة لتقديم الدعم والتمويل للدول الإفريقية في مجالات بناء المنشآت التحتية والمناطق الاقتصادية والكثير من المشاريع الإنتاجية.
ويمكن القول بأن الصين لا تخشى التشويه والاتهامات المزعومة من قبل الدول الغربية وعلى رأسها أمريكا، فهي تواجه هذه المزاعم بحكمة وهدوء وعقلانية من خلال الدعوة إلى تعزيز التعاون بين أعضاء المجتمع الدولي، في حين تسعى أمريكا وحلفاؤها الغربيون إلى الهيمنة على الدول الأخرى وفرض إملاءاتها عليها في شتى المجالات، وهذا بحسب المراقبين يعتبر السبب الحقيقي والمباشر لتفوق الصين اقتصادياً على المعسكر الغربي والذي من المتوقع أن يستمر لسنوات طويلة وربّما يصل الفارق بين الجانبين إلى حدّ تصعب معه المقارنة، خصوصاً في حال واصلت بكين انتهاج ذات السياسة التي تعتمد على التفكير بالربح المتقابل مع الدول الأخرى كما حصل خلال العقدين الماضيين، حيث تمكنت من تحقيق إنجازات باهرة في هذا الميدان المهم والحيوي على مستوى العالم.