الوقت - كتب المحلل السياسي والعسكري الأمريكي "مایكل کریغر" مقالاً في موقع "راشا اینسایدر" للدراسات الاستراتيجية جاء فيه:
هذه ليست المرة الأولى التي يدفع بها رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" أمريكا لشنّ حرب على بلدٍ في منطقة الشرق الأوسط.
وقال کریغر إن الكيان الإسرائيلي لعب دوراً واضحاً في إقناع واشنطن بشنّ الحرب على العراق عام 2003 بذريعة امتلاك هذا البلد لأسلحة دمار شامل، وهو ما لم تثبت صحته فيما بعد باعتراف وكالة الاستخبارات الأمريكية الـ"سي آي أيه".
وأشار کریغر إلى المسرحية التي افتعلها نتنياهو قبل عدّة أيام والتي زعم فيها بأن جهاز المخابرات الإسرائيلية "الموساد" تمكّن من السيطرة على وثائق سريّة تتعلق ببرنامج إيران النووي، وزعم فيها أيضاً أن هذه الوثائق تثبت أن طهران تسعى لحيازة أسلحة نووية، مؤكداً أن هذه المسرحية كانت تهدف في الحقيقة إلى تحريض الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" على الخروج من الاتفاق النووي المبرم بين إيران ومجموعة (5+1) في صيف عام 2015.
ووصف هذا المحلل الأمريكي تورط واشنطن في شنّ الحرب على العراق بأنه كان خطأً استراتيجياً فادحاً، لافتاً إلى أن هذه الحرب تسببت بإلحاق هزيمة سياسية واستخباراتية بأمريكا تجسدت فيما بعد بظهور الجماعات الإرهابية في عموم الشرق الأوسط ولاسيّما تنظيم "داعش".
وأضاف إن الخطأ الاستراتيجي الذي ارتكبته أمريكا في غزو العراق والذي حرّضت عليه تل أبيب كان السبب الرئيس في إزهاق أرواح الآلاف من الأبرياء خلال السنوات التي أعقبت هذا الغزو.
وأشار کریغر إلى أن تل أبيب تسعى في الوقت الحاضر لتهيئة الظروف لشنّ الحرب على إيران مستخدمة ذات الأسلوب الذي لجأت إليه في التحريض لشنّ الحرب ضد العراق، محذّراً من أن الاندفاع وراء مزاعم نتنياهو سيجرّ إلى حروب مدمّرة وواسعة النطاق في الشرق الأوسط نهاية المطاف.
وأعرب کریغر عن اعتقاده بأن أي خطأ عسكري قد ترتكبه واشنطن وحلفاؤها ضد إيران سيعجّل في نهاية الوجود الأمريكي بعموم المنطقة.
وأشار إلى أنه لا يمكنه تحديد وقت معيّن لاحتمال ارتكاب أمريكا حماقة عسكرية واسعة النطاق في الشرق الأوسط إلّا أنه قال في الوقت نفسه إنه يتوقع أن يحصل ذلك خلال السنوات السبع القادمة.
ومن الجدير بالذكر أن جميع المراقبين يؤكدون بأنه ليس في وسع أمريكا التورط بمواجهة عسكرية مع إيران لما تمتلكه طهران من عناصر قوة تمكّنها من إلحاق خسائر كبيرة بالجانب الأمريكي خصوصاً وأنها قد أثبتت قدرتها على إجهاض المشروع الأمريكي الرامي لتمزيق الشرق الأوسط وذلك من خلال دعمها الواضح والمؤثّر جداً لمحور المقاومة في العراق وسوريا ومناطق أخرى.
وفي وقت سابق ذكرت صحف غربية بينها "وول ستريت جورنال" الأمريكية أن التجييش ضدّ إيران أصبح الشغل الشاغل لإسرائيل، لكن وبما أن تل أبيب تعلم جيداً بأن مهاجمة إيران عسكرياً ستكلفها الكثير بدأت تضغط على الإدارة الأمريكية للقيام بهذا الدور مستفيدة من تهوّر "ترامب" الذي أعلن الثلاثاء خروج واشنطن من الاتفاق النووي مع طهران.
وأعربت هذه الصحف عن اعتقادها بأن المناخ الذي أوجدته تل أبيب للتحريض ضد إيران لا يمكن أن يقنع حلفاء واشنطن خصوصاً الترويكا الأوروبية "ألمانيا وفرنسا وبريطانيا" التي مازالت تعتقد بضرورة تنفيذ الاتفاق النووي حفاظاً على مصالحها في الشرق الأوسط التي باتت مهددة بسبب السياسية المتهوّرة والمتخبّطة للإدارة الأمريكية التي تراجع أداؤها كثيراً بعد تسلم ترامب زمام الأمور في البيت الأبيض في يناير/كانون الثاني 2017.
إلى جانب ذلك يعتقد الخبراء العسكريون بأن القوة الصاروخية البالستية الإيرانية التي تطوّرت كثيراً وبشكل لافت في السنوات الأخيرة كافية لردع أمريكا والكيان الإسرائيلي عن التفكير بشنّ الحرب على إيران، فضلاً عن الرفض الذي تصرّ عليه الكثير من الدول الأوروبية باللجوء إلى القوة العسكرية لحل الأزمات الإقليمية والدولية خصوصاً وأن هذه الدول تربطها علاقات اقتصادية وسياسية مفيدة مع إيران التي أكدت الوكالة الدولية للطاقة الذرية التزامها بالوفاء بتعهداتها في إطار الاتفاق النووي، ما يعني فشل أي محاولة للتحشيد ضدّ إيران من قبل أمريكا والكيان الإسرائيلي وحلفائهما في المنطقة ولاسيّما النظام السعودي.