الوقت- بعد اغتيال العالم الفلسطيني فادي البطش في ماليزيا، إثر أوامر مباشرة من رئيس الموساد يوسي كوهن لمنعه من تطوير أسلحة مقاومة حماس في غزة، عادت الأوساط الأمنية لتتكلم عن دور وحدة " كيدون " المعروفة بذراع الموساد الخارجية لتصفية ما تسميه "أعداء إسرائيل" في عملية اغتيال البطش الأخيرة، هذه الوحدة المعروفة بدسّ السمّ وقتل الأبرياء دون ترك أي أثر وراءها بدأت العمل في بداية السبعينيات حين أصبحت المقاومة الفلسطينية محاصرة تماماً، وانتقال تل أبيب لملاحقة الفدائيين الفلسطينيين خارج الأراضي المحتلة، وبالأخص في جنوب لبنان، ومع توسع نطاق عمليات اليد الطولى لجهاز استخبارات رئاسة الوزراء الإسرائيلية "الموساد"، تم إنشاء وحدة كيدون التي تهدف إلى تحقيق أهداف تل أبيب بأي ثمن كان.
ما هي وحدة كيدون؟
إن قمنا بترجمة كلمة "كيدون" في المعاجم العبرية نرى أنها تعني "الخنجر الذي يغمد في البندقية" أو بالمعنى الدارج في اللغة العربية "الحربة"، كما أنها معروفة باسم "قيساريا" وهي عبارة عن وحدة ضمن قسم العمليات الخاصة في الموساد "ميتسادا" والمسؤولة عن الاغتيالات في جهاز الموساد، وتعتبر "كيدون" الوحدة الوحيدة في العالم المجازة رسمياً من حيث تنفيذ الاغتيالات، تتكون من فرق كل فرقة تضم اثني عشر شخصاً.
وبحسب مصادر أمنية إسرائيلية، إنّ "كيدون"، تضم 40 منفّذ قتل، منهم 5 نساء، في العشرينات من أعمارهن، وإنّ كلّ عملية تصفية في العالم تتم نسبتها لهذه الوحدة السريّة.
وكشف المصدر الإسرائيلي أنه من بين العمليات المنسوبة لـ "كيدون " اغتيال القيادي في كتائب القسام محمود المبحوح وحتى علماء الذرّة الإيرانيين، إلّا أنّ هذه العمليات بقيت طيّ الكتمان، على حدّ تعبيره.
وكشفت مصادر أخرى أن الشهيد التونسي المهندس "محمد الزواري"، متخصص في صناعة الطائرات من دون طيار، وصناعة السفن البحرية من دون قائد، والتي تستطيع مهاجمة الأهداف في البحر، ما يجعله يمثّل تهديداً صريحاً لتل أبيب يفتح باب مهاجمة حقول الغاز خاصتها في المتوسط، لذلك قامت هذه الوحدة باغتياله في الخامس عشر من (ديسمبر/كانون الأول) الماضي حين أطلق مجموعة من المهاجمين المجهولين النار عليه وهو يقود سيارته بالقرب من منزله في صفاقس بتونس، ما تسبب في وفاته على الفور، وسرعان ما اختفى المهاجمون وتركوا وراءهم هواتف خلوية وكواتم للصوت وسيارة مؤجرة، ولم تكن هناك أي أدلة أخرى قد تساعد السلطات التونسية على تحديد هويتهم، لكن المعلومات الأمنية التونسية أكدت فيما بعد أن وحدة كيدون متورطة في الأمر، لتأتي من بعدها عملية اغتيال "مازن فقهاء"، وهو مسؤول عسكري بارز في حركة حماس، وأسير محرر، اغتيل بإطلاق الرصاص مباشرة عليه داخل قطاع غزة ما فتح باباً للتساؤلات حول توسّع دور هذه الوحدة باستلام ملف الاغتيالات داخل وخارج فلسطين بعد تأكيد الإسرائيليين مسؤوليتهم عن اغتيال فقهاء.
وبعد عقد تقريباً من توقف موجة الاغتيالات المتتابعة، عادت عملية اغتيال البطش لتفتح الباب مجدداً عن عودة عمل هذه الوحدة على الساحة العالمية، وفي هذا السياق يرى رونين بيرغمان، مُحلل الشؤون الاستراتيجية في صحيفة (يديعوت أحرونوت) العبريّة، أنّ وحدة "كيدون" في هذه الأيام قد أصبحت موساداً داخل موساد، حيث تتدرّب الوحدة في مكانٍ معزولٍ، وحتى باقي عناصر الموساد لا يعرفون الأسماء الحقيقيّة لعناصرها وهي اليوم أكثر قوة، وإن عودة عملها بعد مشكلات داخلية أثرت عليها.
من أشهر عمليات الاغتيال التي نفذتها:
- في عام 1972 قامت وحدة كيدون باغتيال الشهيد وائل زعيتر في إيطاليا بواسطة إطلاق اثني عشر رصاصة في أماكن مختلفة في جسده.
- بعد عام واحد قامت باغتيال الشهيد حسين البشير في قبرص عبر زرع شحنة ناسفة تحت سريره في الفندق الأوليمبي بنيقوسيا.
- في عام 1973 قامت باغتيال الشهيد الدكتور ياسر القبوسي في باريس عبر إطلاق 12 رصاصة عليه.
- في عام 1977 قامت باغتيال الشهيد محمد الهمشري في فرنسا وذلك بواسطة شحنة متفجرة زرعت تحت مكتبه، بعد انتحال عضو من كيدون شخصية صحفي لإجراء حديث صحفي تليفوني معه ليعطي إشارة لمفجر القنبلة بالتفجير حين وصول الهمشري مكتبه.
- في عام 1990 قامت الوحدة باغتيال "جيرالد بول" العالم الكندي الذي قام بتطوير البرنامج العسكري الشهير (الأسلحة المدمرة) لمصلحة العراق وذلك بغرفته في مدينة بروكسل.
- وفي عام 1995 قامت باغتيال الدكتور فتحي الشقاقي الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي في فلسطين في مالطا، الذي تم تصفيته برصاصتين اخترقتا رأسه.
ختاماً إن اغتيال البطش أعاد اليوم إلى الأذهان أن كيدون قد عادت من جديد للعمل على الساحة العالمية ولتبرهن أيضاً قدرة أصابعها الخفية على العمل العابر للحدود دون ترك آثار، والأهم أنها ترسل اليوم رسالة للمقاومة في لبنان وقطاع غزة وفي كل أنحاء العالم، مفادها أن أشباحها قد عادوا للعمل، لذلك على قادتنا أخذ هذه التهديدات على محمل الجد والعمل على تصفية قادتها وتكبيدها خسائر كبيرة قبل أن نتكبد بخسائر نحن بغنىً عنها.