الوقت - عرّج المخرج الأمريكي العالمي "أوليفر ستون" يوم الأربعاء 25 أبريل 2018 خلال مؤتمر صحفي له في مجمع تشارسو (موقع انعقاد مهرجان فجر السينمائي الدولي الـ36 في طهران) على مواضيع عدّة مهمة من قبيل صناعة الأفلام في الشرق الأوسط، حرب نظام صدام ضد إيران، فيلم "الاسكندر"، والقيود التي تعرّض لها في صناعة فيلمي "دبليو" و"اسنودن".
وعن وجوده في إيران تابع ستون قائلاً: "أولاً وقبل كل شيء، لا بدّ لي أن أشكركم على العمل العظيم الذي قمتم به، وأنا سعيد جداً لدعوتي"، ما أستطيع أن أقوله بأمان في تجربتي الأولى للسفر إلى إيران هو أن الإيرانيين هم الأشد حفاوة من المضيفين لي، وابتساماتكم الدافئة أمام وجهي على الدوام في الاجتماعات، سواء في الشارع أم في المؤتمرات.
إن ابتساماتكم وترحيبكم الحار هذا هما تشجيع كبير لي، ويذكرانني بأهمية صناعة السينما.
أشار ستون إلى الأفلام الإيرانية التي شاهدها قائلاً: "لقد شاهدت 10-20 فيلماً إيرانياً على مرّ السنين، لكن لا ينبغي أن أتوقّع أن يتم تسميتهم من بين آلاف الأفلام التي شاهدتها خلال مسيرتي.
خلال الأيام التي جئت فيها إلى إيران شاهدت حوالي 10 أفلام في دور عرض الفندق والسينما من العراق وألمانيا و... أهم شيء في هذه الأيام هو أنني أشعر براحة كبيرة في مشاهدة الأفلام لأنني لم أعد مشتركاً في نقد فيلمي.
أما عن وجهة نظره بإيران قال صاحب الأوسكارات الخمس: "تعتبر إيران واحدة من أكبر المراكز الثقافية والحضارية في العالم، ولها تاريخ يعود لأكثر من 2500 سنة، وداريوش وسيروس والإمبراطورية الفارسية.
قال "كنت دائماً مهتماً برؤية إيران، لكن الفرصة لم تأت، لقد قام ولدي "شون ستون" فيما سبق برحلة إلى إيران، وكنت أتوق لرؤية هذا البلد، والآن أتيت إلى إيران مع زوجتي من كوريا الجنوبية".
ستون: اللواء سليماني هو بطل الحرب ضد داعش الإرهابي
وأجاب هذا المخرج والمؤلف الهوليودي، رداً على سؤال: إن اللواء قاسم سليماني هو بطل المعركة ضد داعش الإرهابي في إيران، ويتساءل ستون هل سيتم صناعة فيلم سينمائي عن هذا القائد الإيراني.
وتابع: إن سليماني هو قائد عسكري ما زال على قيد الحياة، نحن نواجه مستقبلاً ساحقاً، وعلينا الانتظار لنرى ما يحدث، وفي الوقت نفسه، من المرجّح أن تقوم العديد من الجهات بمنع هذا المشروع (صناعة فيلم حول شخصية اللواء سليماني). هناك العديد من السيناريوهات حول داعش، وبعض الدول مثل أمريكا والسعودية وإسرائيل لا تقبل وجهات نظر إيران بشأن ذلك، ولكن لا تستطيع القول بأنه لا يمكنك صنع مثل هذا الفيلم.
وتابع معيداً للأذهان: انتقد "بيلي وايلدر" فيلمي (نيكسون) بسبب مدّته الطويلة، بينما أعتقد أن "نيكسون" كان على قدر كاف من التشويق، وعليّ القول بأنّ هذه التعليقات شخصية وطبيعية تماماً.
الوثائقيات تردّ لي الروح
كما تطرّق ستون في بداية مؤتمره إلى علاقته بالأفلام الوثائقية قائلاً: "أنا لا أعتبر نفسي صحافياً بل كاتباً، وعندما أتعب من كوني مسرحياً أتّجه إلى الفيلم الوثائقي لأنه يمنحني روحاً جديدة فالوثائقي يتفاعل مع أشخاص وقادة حقيقيين.
عملت أيضاً مع شخصيات مثل كاسترو وتشافيز وبوتين ونتنياهو وياسر عرفات، وهذه الأفلام الوثائقية سمحت لي بالعودة إلى العالم الحقيقي وجعل الحياة تبدو ملموسة.
وتابع مخرج فيلم "نيكسون" قائلاً: "ليس لديّ حالياً برنامج خاص لصناعة أفلام حول قائد سياسي إيراني، ويقول: "كانت هناك شائعات تقول إنني طلبت مقابلة محمود أحمدي نجاد الرئيس السابق لإيران، إنني لم أتخذ مثل هذا القرار أبداً، وبطبيعة الحال، عندما يصل شخص ما إلى قمة القصة سيتم إطلاق مثل هذه الشائعات حوله لكنني لست بهذا الطموح، وأضاف: إذا سنحت لي الفرصة يوماً ما سأجري مقابلة مع سياسي إيراني بارز.
ستون وفيلمه الجديد عن حروب الشرق الأوسط
عبّر هذا المخرج الأمريكي عن رغبته بصناعة فيلم حول حروب الشرق الأوسط وقال: "لا أعرف كيف أصنع دراما من هذه الحروب الخمس في الشرق الأوسط".
وقال في إشارة إلى ردود الفعل داخل بلاده على فيلم "سنودن" الذي كشف عن الخطط الإلكترونية للتجسس الأمريكي: كانت ردة فعل الأمريكيين حول هذا الفيلم غير مبالية، وأنا شعرت بالضيق عندما رأيت الناس في أمريكا قد وصلوا إلى هذه النقطة من عدم المبالاة.
وعن حرب أمريكا على العراق قال: لقد دمّرنا العراق وننشر الإرهابيين وهجّرنا الجميع، لكن للأسف، الجميع يقول ما الخطأ الذي ارتكبناه في الشرق الأوسط!
وقال ستون: "إنها مأساة هذه الأيام"، مشيراً إلى أن السياسة الأمريكية "مشينة" وإنها "دمار إبداعي". بغض النظر عن رئيس أمريكا، فهو في النهاية يقوّض أي معاهدة دولية ويشنّ هجومه، للأسف، نترك الكثير من النفايات في المنطقة ونعطيها اسماً للسلام.
وقال: إن عدداً من الجوائز الدولية منحت للسينما الإيرانية، بعضها كان لأسباب سياسية مناوئة لإيران، وأنا أرى أن الثورة الإيرانية بعثت الرقة والحياة الواقعية في البلاد أكثر من السابق، وهو أمر ساعد السينما كثيراً.
كما انتقد المخرج العالمي أوليفر ستون سياسات السعودية، وقال إنها مصدر تهديد كبير للاستقرار في منطقة الشرق الأوسط.
واستعاد مخرج فيلم الوجه المرعب بعض المحطات في حياته الفنية، وصناعة الأفلام التي أحدثت جدلاً كبيراً بسبب انتقادها السياسة الأمريكية.
وفي سؤال وجّه لنجم الإخراج السينمائي في هوليود حول قراءته للأحداث في منطقة الشرق الأوسط، قال ستون إنه يعتقد بأن السعودية هي أحد أكبر التهديدات للاستقرار في المنطقة.
وتابع ستون قائلاً لأحد المراسلين: "أنت تعرف بصفتك قطري كيف يمكن أن تكون السعودية خلّاقة إذا تعلق الأمر بالدمار".
واستذكر ستون الصعوبات التي واجهته أثناء إخراج فيلم "دابليو" (2000) الذي تناول الرئيس الأمريكي جورج والكر بوش، والفوضى التي أحدثها هو وفريقه بعد قرار غزو العراق دون أي مظلة أممية.
وفي هذا السياق، أشار أوليفر ستون إلى تحفظ الممولين على إنتاج الفيلم، قائلاً إن هناك توجهاً سائداً في أمريكا يرفض انتقاد السياسات الخارجية لواشنطن.
ستون اعترف بأنه شخص غير مرغوب فيه بأمريكا، وأنه أخرج الأفلام التي تزعج السلطات الأمريكية انسجاماً مع مبادئه وقيمه الإنسانية.
ومن بين أفلام ستون السياسية، برز فيلم "جي أف كي" (1991) الذي انتقد التحقيقات الرسمية التي تمت حول اغتيال الرئيس الأمريكي جون كيندي، والتلاعب الكبير بالأدلة، وإخفاء الحقائق الذي انتهجته مؤسسات أمريكية، على رأسها وكالة الاستخبارات المركزية (سي أي إيه).
وتحدث عن الشرق الأوسط وما يعتريه من تحوّلات، مشيداً بدول بينها لبنان موطن زوجته السابقة، حيث زار البلد عام 1974 وأعجب بأهله.
وعاد ستون إلى فيلمه الملحمي عن "ألكسندر" (2004)، وقال إن التعاقد مع شركة "وارنر بروذرز" لإنتاج الفيلم كان سيئاً، لأنهم أرغموه على تقليص حجمه واختزال مشاهد كان يرى أنها مهمة.
وأوضح ستون أنه أعاد إنتاج الفيلم بعد عشر سنوات -أي في 2014- وأصدر نسخة جديدة تفوق الثلاث الساعات، ومن أراد مشاهدة الفيلم كما يريده هو ويرغب فيه فليشاهد النسخة الجديدة.
وفي ندوة سابقة بالمهرجان، قال المخرج العالمي أوليفر ستون إن صناعة الأفلام انتهت في أمريكا، وانتقد السياسة الأمنية والاستخباراتية في بلاده.
وكان ستون قد اعترف بأنه شخص غير مرغوب فيه بأمريكا، وأنه أخرج الأفلام التي تزعج السلطات الأمريكية انسجاماً مع مبادئه وقيمه الإنسانية، وأنه لا يرضى بأي حال أن يكون بوقاً للدعاية التي تعارض معتقداته وقيمه.