الوقت – يشهد البيت الأبيض الأمريكي تغييرات جمّة في الآونة الأخيرة، منها وصول اثنين من أشد المتطرفين والساسة المعادين لإيران إلى مناصب عليا من ضمنها وزارة الخارجية ومستشار الأمن القومي، وفيما تدفع هذه التغييرات الجميع نحو الاعتقاد بأن أمريكا ستنسحب حتماً من الاتفاق النووي الموقّع مع إيران، في شهر مايو القادم، أطلق وزير الخارجية الأمريكي السابق جون كيري تحذيراً جدياً موجهاً إلى ترامب والبيت الأبيض فيما يخصّ تبعات هذا الانسحاب.
وحذّر كيري أنه في حال الانسحاب من الاتفاق فإن إرغام إيران مجدداً على قبول بعض القيود على برنامجها النووي عبر مفاوضات جديدة سيستغرق عقوداً من الزمن.
كيري الذي كان يتحدث في "جامعة فيلانوفا" في ولاية فيلادلفيا الجنوبية أثناء مؤتمر الشؤون العالمية المنعقد هناك ذكّر الجميع بأجواء انعدام الثقة التي كانت سائدة أثناء المفاوضات النووية وخاصة بين إيران وأمريكا بسبب تاريخ طويل من العداء بين البلدين، قائلاً: إن حلفاء أمريكا في المنطقة كانوا يطلبون من إدارة أوباما قصف إيران وليس التفاوض معها، لكن على الرغم من هذه الضغوط اتفقت الدول الست على وضع مراقبة دولية على المنشآت النووية الإيرانية مقابل إلغاء العقوبات المفروضة على إيران.
وأضاف كيري أمام هذا المؤتمر إن الاتفاق النووي مع إيران هو أقوى اتفاق للحد من التسليح والأكثر شفافية ومسؤولية على وجه الأرض على الاطلاق، وتابع: إذا انسحبنا مما قمنا به فسنحتاج 30 سنة أخرى لكي يستطيع رئيس أمريكي آخر الجلوس مع الإيرانيين على طاولة واحدة والتفاوض معهم، وإذا حصل أي خطأ فإننا سنصبح مباشرة على خط المواجهة مع إيران.
وأضاف وزير الخارجية الأمريكي السابق: من المحتمل أن تقوم إيران باتخاذ إجراءات فورية لرفع مستوى تخصيب اليورانيوم واستعادة نشاطاتها التي جمدت بموجب الاتفاق النووي لمدة 15 عاماً وذلك فور إعلان انسحاب أمريكا من الاتفاق النووي في 12 مايو كما وعد ترامب.
وتساءل كيري "لماذا يريد شخص ما رفع القيود التي كانت طوال 15 عاماً ويتسبب بوقوع ذلك الآن؟"
كما هاجم سياسات ترامب منذ بدء دخوله إلى البيت الأبيض قائلاً: "بدلاً من تلبية حاجاتنا الملّحة بشكل مناسب نقوم بترجيح أنفسنا وحزبنا ومصالحنا الايديولوجية على المصالح الوطني، إن الجيل السابق من الأمريكيين كان لهم قادة وقفوا وقادوا البلاد، لكننا اليوم لا نرى مثل هؤلاء الأشخاص، نحن نستيقظ في الصباح الباكر بعاصفة من التويتر بشكل ينافي الواقع ويجافي الحقيقة، ما أراه اليوم هو تجاهل صادم للحقائق".
وهذه ليست أول مرة يقوم فيها جون كيري بإطلاق تحذيرات منذ بدء إعلان رغبة ترامب في الانسحاب من الاتفاق النووي، فقد قال كيري في شهر اكتوبر عام 2017 أثناء كلمة ألقاها في معهد متخرجي جنيف " إذا كنتم تريدون التفاوض مع كيم جونغ أون (زعيم كوريا الشمالية) بهدف تجنب الحرب وإيجاد حل دبلوماسي فإن أسوأ ما يمكنكم القيام به هو التهديد بتدمير هذا البلد في قاعة الأمم المتحدة، وإن الخطأ الثاني هو تخريب اتفاق (الاتفاق النووي) قد أبرم، لأنكم بذلك ترسلون إشارة إلى الآخرين كي لا يبرموا اتفاقاً مع أمريكا أبداً لأنها لا تلتزم بكلامها".
وكان الوزير الأمريكي السابق قد أكد في ذلك الحين أيضاً "أن الاتفاق النووي يفرض قيوداً صارمة على إيران، وإذا أراد الإيرانيون صنع قنبلة نووية فذلك سيستغرق 10 إلى 15 عاماً وربما 25 عاماً من الآن، وإن إنهاء الاتفاق النووي يمكن أن يؤدي إلى قيام إيران بإخفاء منشآت إنتاج المواد النووية في عمق الجبال وفي مكان لا نستطيع رؤيته ومراقبته بأي شكل من الأشكال.
كيري كان قد وصف كلام ترامب حول الانسحاب من الاتفاق النووي بأنه خطير وسيؤدي إلى انتشار الأسلحة النووية.