الوقت- قال موقع بلومبرغ الاقتصادي الشهير اليوم على لسان الكاتب والمحلل الاقتصادي البارز"نوح سميث" إن التعريفات الجمركية عموماً لا تعدّ حلاً جيداً لتشجيع الصناعة المحلية، وهذا من شأنه أن يجعل الشركات الأمريكية تفقد قوتها وتعتمد على الدعم الحكومي، وسط التركيز فقط على الأسواق المحلية بدلاً من البحث عن طريقة للتفوق من الناحية التجارية مقابل أصعب المنافسين في العالم، ومن ناحية أخرى، فإن إجبار المستهلكين الأمريكيين على استخدام إنتاج الصلب والألمنيوم في الداخل يمكن أن يؤدي في النهاية إلى انخفاض الإنتاج والجودة في هذه الصناعات.
بالإضافة إلى ذلك، قد تكون تكلفة الفولاذ والألمنيوم للإنتاج المحلي من خلال التعريفات الجمركية الجديدة أكثر ضرراً لقطاع التصنيع في الولايات المتحدة، مع ضرر كبير لقطاع البناء، وقد أصبحت الآن تكاليفه كبيرة ومرهقة للجميع وإذا كان التضخم الناتج عن الاستيراد يضاف أيضاً له الرسوم الجمركية لهذه التكاليف، سوف يكون في وضع صعب.
وتابع الموقع الاقتصادي الشهير بالقول: المصدرون الأمريكيون سيتأذون من قرار رئيسهم الجديد، حيث إن الكثير منهم، وخاصة في مجال صناعة الطائرات والسيارات والأجهزة المنزلية والآلات الصناعية، وما إلى ذلك يعتمدون بشكل كبير على الفولاذ والألمنيوم، وارتفاع الأسعار بسبب الزيادة في هذه المدخلات الإنتاجية، سوف يقلل من قدرتهم التنافسية في الأسواق الدولية، وﺑﺎﻟﻨﺴﺒﺔ ﻟﻠﻔﻮﻻذ، ﻻ ﺑﺪّ أن ﻧﻼحظ أن 70 بالمئة ﻣﻦ اﻟﻔﻮﻻذ اﻷﻣﺮﻳكي ﻳﺘﻢ إﻧﺘﺎﺟﻪ داﺧﻞ اﻟﺒﻼد، وﻟﻜﻦ ﻣﻦ اﻟﻮاﺿﺢ أﻧﻪ إذا ﺗﻢ ﺗﺤﺪﻳﺪ ﺗﻌﺮﻳﻔﺎت اﻟﻔﻮﻻذ اﻟﻤﺴﺘﻮردة، ﻓﺴﻮف ﻳﻨﻈﺮ اﻟﻤﻨﺘﺠﻮن اﻟﻤﺤﻠﻴﻮن ﻟﻬﺬا اﻟﻤﻨﺘﺞ على أنه فرصة سانحة لهم أيضاً ﻟﺮﻓﻊ اﻷﺳﻌﺎر، وبعبارة أخرى، فإن زيادة إنتاج وأرباح شركات الصلب الأمريكية ستنتهي بسعر الضغط المتزايد على الصناعات التي تستهلك الصلب وسيقوض موقف هذه الصناعات في الأسواق العالمية، حيث إن أسعار أسهم شركات مثل بوينغ وفورد وجنرال موتورز وفيردلولمابل وكاتربيلر ... شهدت انخفاضاً حادّاً في بورصة نيويورك للأوراق المالية في الأيام الأخيرة من الأسبوع الماضي وهي استجابة متوقعة تماماً وهذا كله بسبب قرار رئيس الولايات المتحدة.
واستطرد الموقع بالقول إن المدافعين عن خطة تعريفة الاستيراد الخاصة بالصلب والألمنيوم يجادلون بأن دعم الإنتاج المحلي لهذه المنتجات الاستراتيجية أمر ضروري للأمن القومي، ويجب أن يتم هذا الدعم بأي شكل من الأشكال، حتى على حساب الصناعات الأخرى، ولكن ينبغي أن يجيبوا على سؤال هنا وهو ما إذا كانت الصناعات التي تشارك في إنتاج السفن الحربية والدبابات والطائرات المقاتلة والأسلحة الفردية والذخيرة وغيرها من المعدات العسكرية لن تتأثر بزيادة أسعار الصلب والألمنيوم؟
وقال الموقع: ومن ناحية أخرى، لا يمكن فرض التعريفات التجارية على الصلب المستورد والألمنيوم لاستعادة الوظائف المفقودة في المصانع المحلية، منذ عام 1990، فحينها لن يشهد إنتاج المعادن الأساسية في الولايات المتحدة تقلبات كبيرة وظل ثابتاً تقريباً، ولكن عدد الموظفين في هذا القطاع انخفض من 688،000 في بداية التسعينيات إلى أقل من 377،000 في النهاية. وينبغي التماس سبب هذا الانخفاض في العمالة على الرغم من الاستقرار النسبي للإنتاج في تقدم التكنولوجيا، فاستيراد المعادن الأساسية في العقود الأخيرة أدى إلى التقدم التكنولوجي وتحسين الإنتاج ما يعني أن القوة العاملة الأقل يمكنها الحفاظ على مستوى الإنتاج السابق، ولا يغير نظام التعرفة الجديد لترامب هذه المعادلة، فإذا كان من المقرر خلق المزيد من العمالة في الصناعات المعنية بإنتاج المعادن الأساسية، فإن هذه الزيادة في العمالة ستتحقق على حساب خسارة المزيد من الوظائف في الصناعات الأخرى، وهذا ليس خياراً مرغوباً وحكيماً
وحتى لو افترضنا أن التعريفات التجارية الجديدة التي أصدرها ترامب لن تؤدي إلى الشعور بالانتقام من الدول الأخرى وتقوض المعاهدات التجارية المهمة التي تؤيدها الولايات المتحدة، فإن اقتصاد الولايات المتحدة سوف يتضرر أيضاً بسبب هذا القرار غير المدروس.
وتابع الموقع: إذا كانت شركة ترامب تعتزم دعم صناعة الفولاذ والألمنيوم في الولايات المتحدة، فهناك طرق أفضل للقيام بذلك؛ حلول أكثر حكمة من فرض العبء على الصناعات الرئيسية الأخرى، فصناعة المعادن الأساسية في الولايات المتحدة لم تشهد الكثير من النمو في العقود الأخيرة ولم تتطور هذه الصناعات بشكل جيد وكانت أسواقها مقتصرة على الولايات المتحدة ولم تكن قادرة على القيام بدور نشط في الأسواق الدولية، ولتوفير الدعم الحقيقي لهذه الصناعات ينبغي على الحكومة مساعدتهم على تعزيز قدراتهم التصديرية.
ويعتبر الاقتصاد الأمريكي اقتصاداً معقداً حيث يتم العثور على المباني والبنية التحتية والمركبات بكثرة، وبالتالي يكون معدل النمو في استهلاك المعادن الأساسية منخفضاً وفي المقابل، تحتاج البلدان الآسيوية والإفريقية إلى مزيد من المعادن لتسريع نموها الاقتصادي، ويمكن للولايات المتحدة أن تتحمل حصة السوق في هذه البلدان، نظراً لمنتجاتها عالية الجودة.
واختتم الموقع بالقول: وفي الوقت الحالي، يبلغ نصيب شركات الصلب الأمريكية من صادرات الصلب العالمية 2 في المئة فقط، وهو رقم صغير للغاية، مقارنة بحصة الصين البالغة 24 في المئة، ومن أجل تغيير هذا الوضع، تستطيع حكومة ترامب اتباع سياسات مثل تشجيع المصدرين بطرق مختلفة، لتطوير القدرة الإنتاجية، ودعم الشركات الصغيرة التي تسعى لدخول الأسواق العالمية، وما إلى ذلك، ولكن النقطة الأساسية هي أن ترامب يفكر في حرب تجارية مع دول أخرى، لكن خسائر أفعال ترامب ستعود بشكل رئيسي على الشعب الأمريكي.