الوقت - ذكرت مجلة "The New Yorker" الأمريكية أن العلاقات بين روسيا وإيران، آخذة بالتعمق في سبيل مواجهة أمريكا، حول العديد من القضايا الإقليمية، خاصة بعد تولي الرئيس "دونالد ترامب" الحكم في أمريكا في كانون الثاني/يناير 2017.
وقالت المجلة في مقال بقلم الكاتبة "روبن رايت" إن لقاءً سرياً جمع بين وزير الخارجية الأمريكي السابق "جون كيري" ووزير الخارجية الإيراني "محمد جواد ظريف" على هامش مؤتمر ميونخ للأمن الشهر الماضي، كانت خلاصته أن حثَّ كيري طهران على عدم التخلي عن الاتفاق النووي مع مجموعة (5+1) أو انتهاك شروطه مهما فعلت إدارة ترامب.
وأضافت الكاتبة: بعد ذلك بأيام، التقى ظريف نظيره الروسي "سيرغي لافروف" في مؤتمر "نادي فالداي للحوار حول الشرق الأوسط" الذي عقد في موسكو، حيث أكد ظريف أنَّ مواقف إيران وروسيا حول العديد من القضايا الإقليمية متقاربة للغاية.
وقالت الكاتبة إن سعي الرئيس الروسي "فلاديمير بوتين" الحثيث لجعل روسيا قوةً عظمى مرة أخرى هو جزء من دوافع التقارب مع إيران، مشيرة إلى أنه ومنذ تولي ترامب الحكم في 2017، تعززت العلاقات بين موسكو وطهران في كل المجالات السياسية والاقتصادية والعسكرية، ما أدّى إلى تصاعد حدّة التوتر بين موسكو وواشنطن، وهو ما ظهر جليّاً من خلال سعي كل منهما لتوسيع نطاق نفوذه في الشرق الأوسط.
وأشارت "روبن رايت" إلى زيارة الرئيس الروسي إلى إيران في نوفمبر/تشرين الثاني ولقائه بقائد الثورة الإسلامية آية الله السيد علي الخامنئي ورئيس الجمهورية حسن روحاني، وقالت: أكد الخامنئي لبوتين أن تعاون إيران وورسيا بإمكانه عزل أمريكا، فيما وصف بوتين التعاون الروسي - الإيراني المتزايد بأنَّه مثمرٌ للغاية. وأضافت، إنّ بوتين أكد خلال اللقاء أنه لن يخون إيران، وأن موسكو لن تخدع طهران ولن تنكث عهودها معها كما تفعل واشنطن.
وذكرت الكاتبة إن توقيت هذا التصريح كان مهماً للغاية إذ جاء بعد أقل من ثلاثة أسابيع على إعلان ترامب بأنَّه لن يُصادق على التزام إيران بالاتفاق النووي، على الرغم من التقارير المتكررة للوكالة الدولية للطاقة الذرية التي تؤيد التزام طهران بصورةٍ مستمرة بتعهداتها التي وردت في الاتفاق.
وأضافت "روبن رايت" إن ترامب هدّد في وقت لاحق بتمزيق الاتفاق النووي في حال لم يتم تعديل بنوده بحجة أنه لا ينسجم مع مصالح أمريكا، إلّا أن الدول الأخرى في مجموعة (5+1) أي روسيا والصين والترويكا الأوروبية "ألمانيا وفرنسا وبريطانيا" لم تؤيد مطالب ترامب.
وذكرت الكاتبة أن أمريكا هي التي كانت تتحكم بشؤون الشرق الأوسط قبل أكثر من عامين، لكن الوضع قد تغير الآن وباتت روسيا هي اللاعب الأساسي في المنطقة، وتمكّنت موسكو من ملء الفراغ الأمريكي، فيما تعيش واشنطن حالة من التخبط.
وفي جانب آخر من مقالها قالت الكاتبة "روبن رايت" إن التعاون العسكري بين موسكو وطهران قد تعزز بشكل ملحوظ خلال السنوات الثلاث الماضية، ولعب اللواء "قاسم سليماني" قائد فيلق القدس التابع لحرس الثورة الإسلامية دوراً مؤثراً ومتميزاً في دفع هذا التعاون إلى الأمام خصوصاً في سوريا، وأصبح التعاون الآن بين الجانبين أعلى بكثير من السابق.
وأضافت: في تشرين الثاني الماضي، زار الجنرال "فاليري غيراسيموف" رئيس هيئة الأركان الروسية طهران لإجراء محادثات مع نظيره الإيراني اللواء "محمد باقري" الذي يشرف الآن على الحرس الثوري والجيش والقوات البحرية والجوية الإيرانية لتعزيز العلاقات العسكرية بين الجانبين.
وأشارت المجلة الأمريكية كذلك إلى أن روسيا والإمبراطورية الفارسية المجاورة كانتا طرفين متنافسين على مدى قرون، وخاضتا سلسلة من الحروب بين القرنين السابع عشر والتاسع عشر، وأُجبرت إيران على التنازل عن أراضٍ لروسيا هي اليوم بلدان جورجيا وأرمينيا وأذربيجان، إلى جانب أراضٍ أخرى في القوقاز وآسيا الوسطى. كما أدَّى احتلال روسيا لإيران أثناء الحرب العالمية الثانية ورفضها المغادرة بعد ذلك، إلى أولى الأزمات في مجلس الأمن الدولي الذي كان حديث التأسيس آنذاك.
وألمحت الكاتبة أيضاً إلى أن العلاقات بين إيران وروسيا قد تحسَّنت بشكل محدود بعد انهيار الاتحاد السوفيتي في مطلع تسعينات القرن الماضي، وتولَّت شركة روسيّة بناء مفاعل نووي في مدينة بوشهر الإيرانية. كما أبرمت موسكو صفقات لبيع أسلحة إلى إيران من بينها صواريخ أرض - جو من طراز "إس-300" رغم أن القيادة الروسية كانت بطيئة في إتمام هذه الصفقة.
وختمت الكاتبة مقالها بالقول بأن روسيا واصلت جهودها لإيقاف إجراءات اقترحتها بلدان غربية ضدّ إيران في الأمم المتحدة في الأشهر الأخيرة، وفي 26 شباط الماضي، استخدمت موسكو حق النقض (الفيتو) ضدّ قرار اقترحته بريطانيا ودعمته أمريكا يتهم إيران بانتهاك حظر التسلُّح المفروض على اليمن. ووصف السفير الروسي لدى الأمم المتحدة الاقتراح البريطاني بأنَّه انتقائي ومثير للجدل.