الوقت - تعتبر روسيا أكبر دولة من حيث المساحة في العالم ولمن لا يعلم فهي تجاور إيران جغرافيا. وكان للبلدين علاقات على مختلف الأصعدة منذ عهد الصفويين الى يومنا هذا، أي منذ سنة 1521 للميلاد كان هنالك علاقات بين الصفويين وأسرة روريك أوفيج. وفيما يتعلق بالعلاقات الإيرانية الروسية وخاصة على الصعيد الاقتصادي، قام احد المواقع الإيرانية بإجراء مقابلة مع السفير الإيراني في روسيا، مهدي سنائي الذي أوضح بعض النقاط بهذا الشأن.
يقول السفير الايراني في روسيا في هذا السياق: إن احد التحديات السياسية بين البلدين في السنوات الأخيرة هي تسليم صواريخ "S 300" الى إيران والتي تم التوقيع على مذكرات تفاهم لأجلها لكنها مُنعت عن التسليم بسبب العقوبات المفروضة على إيران، ولكن حاليا سلمت لإيران هذه الصواريخ وسط استغراب العديد من المراقبين وهذا يدل على مستوى الثقة بين إيران وروسيا. ويُعتبر البلدان من أهم الشركاء السياسيين في المنطقة وكان احد اهم الملفات المشتركة بينهما هو حل الأزمة السورية.
وفيما يخص الشرق الأوسط قال سنائي: اتبعت كل من إيران وروسيا استراتيجية صائبة تجاه الشرق الأوسط، وفي المقابل اتبعت امريكا وحلفائها استراتيجية خاطئة تقوم على ازدواجية التعامل والتدخل في الشؤون الداخلية للبلدان واتخاذ قرارات غير مسؤولة تجاه بعض البلدان، وبالنتيجة استراتيجية دعم الإرهاب وتصنيف الإرهاب الى إرهاب جيد وسيء حيث أدى بالتالي الى نزوح آلاف الأشخاص في المنطقة ومقتل عشرات الآلاف من الأبرياء.
واضاف: كانت العلاقات الروسية الإيرانية في ظل العهد القيصري، رغم بعض الخلافات والإشكاليات التي كانت بين البلدين، الا انها في الوقت ذاته كانت هنالك علاقات ودية تجمع البلدين، لاسيما بين العلماء والمثقفين الإيرانيين والروس، وخاصة على الصعيد الاقتصادي إذ كان الجنوب الروسي زاخرا بتواجد التجار الإيرانيين، وخاصة في بدايات القرن العشرين الميلادي.
ومع حدوث الثورة الروسية التي وقعت عام 1917 وانهيار العهد القيصري، وصل لينين الى السلطة وألغى بمجيئه جميع الاتفاقيات المبرمة السالفة.
وتابع: بعد تشكيل الاتحاد السوفييتي، انقطعت هذه العلاقات وجُمدت القنصليات الإيرانية في روسيا وحصلت بين البلدين مواجهات إعلامية، إذ كان الشاه الإيراني دائما ما يُظهر الوجه المظلم لجاره الشمالي خوفا من حزب "توده" الإيراني، وبالمقابل كانت الإذاعة والتلفزيون الروسية تهاجم إيران بأسوأ شكل ممكن.
وكانت إيران في ذلك الزمان تصطف بجانب الغرب على المستوى السياسي والعسكري وكان لأمريكا وبريطانيا نفوذ متزايد في العلاقات السياسية لإيران، ولكن الشاه كان يسعى لتعزيز العلاقات مع الاتحاد السوفييتي.
واضاف: وصلت العلاقات الروسية الإيرانية الى قمتها في بدايات القرن العشرين للهجرة الشمسية، ذلك العهد الذي كانت تبيع فيه إيران الغاز لروسيا حيث استفادت من مبيعات الغاز لإنشاء مشاريع منها مشروع سد سهل "مغان" وانشاء محطتين لإنتاج الطاقة الحرارية وغيرها.
واشار الى أن الشاه كان يسعى لإيجاد نوع من التوازن لکي يستخدم الاتحاد السوفييتي كأداة للضغط على أمريكا وبريطانيا، لكنه لم يوفق في هذا المجال، وكان الاتفاق الأمني الذي أراد الشاه التوقيع عليه مع أمريكا، قد اثار غضب الروس وكانوا مرارا ما يحذرون الشاه من مغبة التوقيع على هذا الاتفاق ويخبرونه بعواقبه الوخيمة ولكن دون جدوى.
وبعد الثورة الإسلامية في إيران لم تتحسن العلاقات السياسية بين إيران والاتحاد السوفييتي بل حتى تغيرت العلاقة نوعا ما.
وأردف: كان الاتحاد السوفييتي يشعر بالقلق إزاء الثورة الإسلامية التي حدثت في إيران نظرا لنسبة المسلمين الموجودين في روسيا وكانت الثورة لهم بمثابة مصدر قلق كونهم كانوا يشعرون ان تصدير الثورة الإسلامية الى الدول المجاورة لإيران يشكل تهديدا على تلك الدول، وهو شعور طبيعي بالنسبة لبلدين لهما ايديولوجيا، أحدهما يحمل ايديولوجيا إسلامية، والآخر ايديولوجيا شيوعية كانت على وشك الانهيار، ونتيجة لذلك كان من الطبيعي الّا تنسجم هاتان الايديولوجيتان. ولم تكن الصواريخ التي باعها الروس لنظام صدام ابان الحرب، دون تأثير على طبيعة العلاقات تاريخيا.
ومع انهيار الاتحاد السوفييتي في تسعينيات القرن الماضي تحسنت علاقات البلدين شيئا فشيئا.
وكانت قرارات مجلس الامن المناوئة للأنشطة النووية الإيرانية قد سببت بتخفيض العلاقات الاقتصادية والسياسية من قبل روسيا مع إيران، العلاقات التي كانت قد تعززت بصعوبة كبيرة بعد عقدين من الزمن.
واستطرد: بعد عام 2013 شهدت العلاقات الإيرانية الروسية تطورا جديدا، إذ توطدت أكثر من أي فترة مضت، وما ميزها هو أنها باتت أكثر واقعية وعملية، فقد ارتقى مستواها الى مستوى رؤساء الجمهورية، حيث نرى ان قبل ابرام الاتفاق النووي بين إيران والدول الغربية بسنتين، التقى رؤساء إيران وروسيا 5 مرات ولوحظ تقدم كبير في العلاقات وتزايد الوفود من وإلى البلدين.
وبعد مرور سنوات من بدء الأزمة السورية، كان للتعاون والتحالف العسكري بين إيران وروسيا دور كبير في تعزيز العلاقات بين البلدين حيث ارتقت الى مستوى استراتيجي على الصعيد العسكري والأمني وهو ما أدى بالتالي الى تعزيز العلاقات السياسية بين البلدين.
وحول العلاقات الراهنة بين البلدين تابع السفير الايراني: في عام 2013 بذلنا جهودا لتسهيل التأشيرات وتم التوقيع على وثيقة لتسهيل إعطاء التأشيرات، والوثيقة الثانية التي تم التوقيع عليها هي الغاء التأشيرات السياحية، وتنص هذه الوثيقة ان أي مجموعة سياحية تتألف من 5 اشخاص او أكثر لن تحتاج للتأشيرات لدخول البلد، بل تتكفل بهم الشركة السياحية. وفي السنوات الثلاث الماضية كانت هناك أربع طائرات من طراز “air float” تنتقل بين البلدين وكانت طائرة “Iran air” قد توقفت لفترة ما عن السفر لروسيا، لكن الان نشاهد وجود رحلات سفر على متن طائرات “air float يوميا إضافة الى طائرة "ماهان" و“Iran air” وكذلك أصبح بإمكان طائرة “s7” الروسية ان تحط في 10 مدن إيرانية.
وقيل ان الاخبار المعادية لإيران قد انخفضت بنسبة 5% في روسيا إضافة الى ازدياد اعداد السائحين الى ما يقارب 100 ألف سائح سنويا. وفي عام 2016، زار 15 وزير روسي، إيران وهو أمر غير مسبوق في تاريخ العلاقات الإيرانية الروسية واسفرت هذه الزيارة عن توقيع العديد من الاتفاقيات بينهما، وذلك حسب ما أعلن عنه السفير الإيراني في موسكو.
وأضاف سنائي: قدّمنا الى الحكومة الروسية طلبا بتمويل الحكومة وتم الاتفاق عليه بواقع 5 مليون دولار الذي تم التوقيع عليه قبل سنتين عند زيارة الرئيس بوتين الى طهران حيث اُنفق حوالي مليار دولار من هذه المبالغ على انشاء 4 محطات لإنتاج الطاقة الحرارية في "بندر عباس" بطاقة إنتاجية تبلغ 1400 ميغا واط وهي الآن في طور الانشاء، واُنفق قسم آخر من هذه المبالغ على انشاء السكك الحديدية بين البلدين وهي الان تمر في مراحلها النهائية.
ولفت الى أنه في العام 2016 حصلت ايران على إجازة تصدير منتجات الالبان والماشية وتربية الاحياء المائية، ووقعت على مذكرة "الممر الأخضر"، أي تنقل الشاحنات دون بروتوكولات.
ووفقا لإحصائيات عام 2016، فقد ازداد حجم التبادل الاقتصادي بين إيران وروسيا بنسبة 30% ولكن في عام 2017، ازداد النمو الاقتصادي بين البلدين الى أكثر من 70%.