الوقت- لقد تعرضت حكومة الرئيس "دونالد ترامب" منذ تشكيلها في عام 2017 إلى الكثير من الانتقادات، فكانت تارة تُتهم بإقامة علاقات سرية مع روسيا وتارة أخرى تُتهم بقيام بعض أعضائها بخيانات أمنية وعسكرية وبتحرشات جنسية وغير ذلك وحول هذا السياق سنناقش في مقالنا هذا مع المحلل السياسي الامريكي "جيم لوب" إمكانية فوز حكومة "ترامب" بفترة رئاسية ثانية.
ما هي التحديات التي يواجهها الرئيس "ترامب" على مستوى الساحة الداخلية؟
لم يكن يعتقد الكثير من الشعب الامريكي بأن يأتي يوم يصبح أحد المستثمرين اتباع المدرسة التجارية رئيسا لاكبر دولة في العالم وأن يسكن في البيت الابيض الذي يعد اكبر مركز لصناعة القرارات السياسية في العالم، فلقد كان والد "دونالد ترامب" وجده من أكبر المستثمرين المشهورين في الولايات المتحدة ولقد كانا يستخدمان جميع الوسائل لتحقيق أرباح طائلة وكانا ينشئان الكثير من بيوت الدعارة وكانا يتحايلان على قوانين الولايات المتحدة للحصول على أكبر الصفقات ومشاريع البناء.
وفي وقتنا الحالي أصبح "ترامب" في البيت الأبيض وأصبح رئيسا للولايات المتحدة! وتجدر الإشارة هنا إلى أن "ترامب" كان قد تحدث في كثير من لقاءاته وبرامجه التلفزيونية عن رغبته بأن يصبح رئيسا للولايات المتحدة وكان الكثير من السياسيين والمواطنين الامريكيين يسخرون من كلامه هذا ولكن "ترامب" حقق ما كان يصبو إليه واصبح رئيسا للولايات المتحدة ولكن للاسف تعرض هذا الرئيس للكثير من الانتقاد نظراً للتصريحات والاعمال المتهورة التي يقوم بها.
فهو شخص لا يستطيع أن يتعامل بشكل جيد مع جميع الملفات السياسية والاجتماعية، ولقد جلبت له تصريحاته العنصرية ضد السود والمسلمين الكثير من المشكلات، إلى حدٍ أن وزير خارجيته تجرأ وقال بأن تصريحات الرئيس "ترامب" تعبر عن نفسه وعن وجهة نظره الخاصة فقط!، كما أن المؤسسات المدنية في الولايات المتحدة تبرأت من تصريحاته وأعماله العنصرية عندما أصدر قرار حظر على الهجرة.
إن نهجه العدائي تجاه جيرانه وسياساته فيما يخص البيئة ومشكلاته الأخلاقية، فضلا عن سياساته الضريبية، التي تصب في مصلحة الرأسماليين، يعتبر من أبرز التحديات التي يواجهها الرئيس "ترامب" على مستوى الساحة الداخلية وهنا تجدر الإشارة أيضا إلى أنه وعلى الرغم من أن بعض أعماله قد كان لها تأثير كبير خارج الولايات المتحدة، الا أن ذلك التأثير كلف الحكومة الامريكية الكثير من الاموال.
من وجهة نظركم ما هو التحدي الأكبر الذي تواجهه حكومة "ترامب" حاليا أو الذي ستواجهه في المستقبل؟
إن الرئيس "ترامب" يواجه الكثير من الانتقادات الداخلية وذلك بسبب اعمال التحرش الجنسية التي يقوم بها، فالمسائل الاخلاقية تُعد واحدة من اهم العقبات التي تواجه "ترامب" والغريب في الامر أن البيت الابيض والشارع الامريكي اصيب بصدمة بالغة عندما قام الرئيس السابق "بيل كلينتون" بالتحرش جنسيا بإحدى المتدربات في البيت الابيض ولكن في هذه الأيام كأن الأمر أصبح شيئا عاديا، فعلى الرغم من سماعنا في وسائل الاعلام عن قيام الرئيس "ترامب" بتحرشات جنسية داخل البيت الابيض، الا أن الشارع الامريكي والكنيسة الدينية الامريكية لم يظهروا أي ردة فعل او انزعاج ولكن لو ازدادت هذه الاتهامات والفضائح غير الاخلاقية داخل البيت الابيض، فإنه من المحتمل أن تحدث مشكلات عديدة لحكومة "ترامب".
فمن الممكن ألا نرى "ترامب" واعضاء حزبه الجمهوريين داخل البيت الابيض في الفترة الرئاسية المقبلة ومن الممكن أن يقوم الكونغرس الامريكي بمساءلة الرئيس الامريكي "ترامب" والتحقيق معه وهذا الشيء سوف يكون له الكثير من العواقب السلبية التي سوف تؤثر على المستقبل السياسي لـ"ترامب" وحزبه.
برأيكم، هل يمكن أن يفوز "ترامب" ويصبح الرئيس القادم للولايات المتحدة؟
في الواقع إن مسألة ما إذا كان "ترامب" سيفوز في الجولة الانتخابية المقبلة ويصبح رئيسا للولايات المتحدة أم لا، تعتمد على عددٍ من العوامل؛ أولا، ينبغي أن ننظر إلى الاعمال المستقبلية التي سيقوم بها الرئيس "ترامب" خلال السنوات المتبقية من رئاسته وعلى الرغم من أن استطلاعات الرأي تُظهر بأن الرئيس "ترامب" يحتل مرتبة متدنية مقارنة بالرؤساء الامريكيين السابقين، الا أن هذه الاستطلاعات غير دقيقة.
والعامل الثاني الذي سيحدد مسار الانتخابات القادمة هو، هل سيكون بمقدور الحزب الديمقراطي المنافس الاتفاق على مرشح واحد في الانتخابات الداخلية التي سيعقدونها ام ستنشب بينهم خلافات داخلية، فهذا الامر هو الذي حصل خلال فترة الانتخابات الماضية والتي كانت السبب الرئيسي في انتصار "ترامب" على منافسته "هيلاري كلينتون"، فلو سمح أعضاء الحزب الديمقراطي في تلك الانتخابات لممثله البارز "بيرنيس ساندرز"، بالمشاركة في الانتخابات، لربما كان الديمقراطيون الآن يحكمون الولايات المتحدة.
أما بالنسبة لمستقبل "ترامب" السياسي، فيمكن القول هنا أن هذا المستقبل السياسي يعتمد بشكل رئيسي على ما ستقرره الاحزاب المتنافسة وانا ارى أنه إذا ما استمر الجمهوريون في دعمهم ودفاعهم عن قرارات الرئيس "ترامب" المتهورة والتغاضي عن أدائه العام وعدم ادانته، فإنهم سيكونون في ورطة وسيواجهون العديد من المشكلات في انتخابات الكونغرس النصفية وفي ذلك الوقت سيكون السؤال هو، هل سيقوم الديمقراطيون بالمطالبة ب "ترامب" امام الكونغرس الامريكي ومساءلته ام انهم لن يقوموا بهذا الامر؟، أنا لا أميل إلى التفكير بمثل هذا المنطق وذلك لأن الديمقراطيين لا يثقون بالرئيس "ترامب" بل يثقون اكثر بنائبه "مايك بنس" وذلك لانهم يعتقدون بأن "بنس" سيكون اكثر نجاحاً في اتخاذ العديد من القرارات الصحيحة التي يمكن التنبؤ بها داخل البيت الابيض.
وبطبيعة الحال، فإن الوضع داخل البيت الابيض في تدهور شديد ويعتمد بشكل كبير على نتائج التحقيق التي يجريها المحقق "مولر"، الذي يحقق في العلاقة بين فريق "ترامب" الانتخابي وروسيا والجهود التي يبذلها "ترامب" لإنكار هذه الاتهامات التي وُجهت له من قِبل مكتب التحقيقات الفدرالي "اف بي اي" ووكالة الاستخبارات الأمريكية. وكما قلت فإن الديمقراطيين، يرون بأن الاوضاع داخل البيت الابيض تعتمد على ذلك الشخص الذي سيختارونه ليشارك في الانتخابات التي سوف تجري خلال الأشهر ال 18 المقبلة.
على كل حال انا اعتقد بأن الرئيس "ترامب" قد انتهك وتجاوز العديد من الخطوط الحمراء في خطاباته بالنسبة للرأي العام الامريكي وفي سلوكه الرئاسي داخل البلاد وأصبح غير مبال إلى حد ما بمصير هذا البلد ولا إلى ما سيؤول اليه وما بدر منه خلال السنة والنصف السابقة يؤكد هذا الامر.
لماذا لا تزال العلاقات السياسية بين امريكا وروسيا باردة وغير جيدة على الرغم من أن حكومة "ترامب" تنظر إلى موسكو نظرة إيجابية؟
إن السبب في ذلك يرجع إلى النظام السياسي الأمريكي، فالولايات المتحدة مثل العديد من البلدان الأخرى لديها نظام سياسي خاص بها لا يسمح ابداً لرئيس البلاد أن يتخذ قرارات مصيرية تتعلق بقضايا الأمن الوطني. ففي البداية يجب على الرئيس "ترامب" أن يُثبت بأن التهم الموجهة إليه ولفريقه كاذبة وفي ذلك الوقت سيكون قادراً على تغيير الاتجاه والنهج العام الامريكي تجاه روسيا ولكن نظراً لوجود معارضة قوية من كلا الحزبين داخل الكونغرس الامريكي لهذا التوجه،فمن غير المحتمل أن يتمكن الرئيس "ترامب" من تحقيق اهدافه تلك والقيام بذلك الامر. كما أنه في وقتنا الحاضر توجد هناك الكثير من الخلافات التي تزداد يوما بعد يوم بين الولايات المتحدة وروسيا التي تتعلق بالقضايا النووية وقضايا تتعلق بأوكرانيا وأفغانستان وسوريا وهذه القضايا تجعل من التقارب بين امريكا وروسيا شبه مستحيل.