الوقت- أثارت زيارة ولي ولي العهد ووزير الدفاع السعودي محمد بن سلمان الى روسيا واجتماعه بالرئيس فلاديمير بوتين تساؤلات عدة بشأن الأهداف الخفية لهذه الزيارة في ظل الازمة السياسية والعسكرية التي تعاني منها الرياض منذ فترة خصوصاً بعد شنها العدوان على اليمن قبل نحو ثلاثة أشهر:
يعتقد المراقبون ان هذه الزيارة التي شبهها البعض بالزيارة السرية لوزير الخارجية الامريكي الاسبق هنري كيسنجر الى الصين قبل 44 عاماً تستهدف تحقيق عدة اهداف خفية اضافة الى الاهداف المعلنة وفي مقدمتها تطوير العلاقات بين الرياض وموسكو في مختلف المجالات وتفعيل اتفاقيات صفقات الاسلحة بين الجانبين.
فما هي هذه الاهداف الخفية؟ وهل تتمكن الرياض من تحقيقها في ظل التعقيدات السياسية والأمنية الراهنة التي تعيشها المنطقة؟
1 – محاولة اقناع روسيا بالابتعاد عن ايران والعمل على الحد من توسع تأثيرها في المنطقة خصوصاً بعد ظهور مؤشرات على امكانية ابرام اتفاق نووي بين طهران والمجموعة السداسية الدولية التي تضم امريكا اللاعب الاساسي في هذه المجموعة. فالرياض لايروق لها ان ترى هذا الاتفاق يترجم على ارض الواقع لخشيتها من انه سوف يمنح ايران فرصة اكبر للتأثير في المنطقة، ولهذا تسعى الى منع تحققه بأي وسيلة ممكنة. وبسبب عجز الرياض عن اقناع واشنطن بالانصراف عن هذا الاتفاق التجأت الى روسيا اللاعب الاساسي الآخر في السداسية علّها تتمكن من تحقيق هذا الهدف.
2 – محاولة الرياض للتقرب من موسكو جاءت بعد شعورها بأن امريكا بدأت تتوجه لتوسيع علاقتها مع دول منطقة شرق آسيا، ولم تعد تهتم كثيراً بدول كالسعودية، خصوصاً بعد الفضائح التي منيت بها الأخيرة بسبب عدوانها على اليمن وتورطها الواضح بانتهاك حقوق الانسان.
3 – أدركت السعودية أن نفوذها بين دول مجلس التعاون وصل الى أدنى مستوياته في السنوات الاخيرة، اضافة الى انها فقدت حليفاً استراتيجيا في المنطقة هو نظام الرئيس المصري الاسبق حسني مبارك، ولذلك فهي تسعى للتعويض عن هذه الخسارة من خلال التوجه لإنشاء تحالف قوي مع روسيا.
السؤال الذي يطرح نفسه بقوة هو: كيف تتمكن الرياض من إقناع موسكو بالوقوف الى جانبها في هذا الوقت الحرج؟ في وقت يعلم الجميع ان العلاقات بين الجانبين وصلت في بعض الأحيان الى حد القطيعة بسبب تأييد روسيا لإيران وسوريا ومعارضتها التدخل السعودي في اليمن وبسبب تصريحات اطلقها مسؤولون سعوديون حاولوا من خلالها مساومة القيادة الروسية على مواقفها بشأن الأزمة السورية الأمر الذي استهجنته موسكو بشدة وهددت بمعاقبة الرياض في حال تكرار مثل هذه التصريحات.
يمكن تلخيص الاجابة عن هذا التساؤل على النحو التالي:
1 – توقيع اتفاقيات استراتيجية مع روسيا في مجال الطاقة النووية، وتفعيل اللجنة المشتركة للتعاون العسكري والتعاون في مجال الفضاء.
2 – رفع أسعار النفط في الاسواق العالمية من خلال خفض السعودية لإنتاجها الذي زادته لإحراج إيران وروسيا. والجميع يعلم ان موسكو تمر بضائقة مالية بسبب العقوبات الاقتصادية الغربية المفروضة عليها على خلفية الازمة الاوكرانية.
3 – إمضاء صفقة سلاح روسية سبق إيقافها للسعودية، وهي تضم دبابات تي90 وعربات مصفحة وطائرات عمودية مقاتلة ومنظومة أس400 للدفاع الجوي البعيد المدى والتي من المقرر أن يتم تضخيمها لتتجاوز 10 مليار دولار. وهذه الصفقة وصلت لمرحلة متقدمة أيام الملك السعودي السابق عبد الله بن عبد العزيز ولكنها جمدت في عهد الملك الحالي سلمان بن عبد العزيز بضغط أمريكي.
4 – إمضاء صفة سلاح روسية لمصر بأموال سعودية تضم 48 مقاتلة ميغ 29 مطورة بقيمة 7 مليار دولار، والتي وصلت أيضاً لمرحلة شبه نهائية أيام الملك عبد الله وتم تجميدها قبل أشهر.
والسؤال الذي يفرض نفسه في هذه المرحلة هو: هل تتمكن السعودية من خفض إنتاجها من النفط في وقت بات اقتصادها لا يتحمل مثل هذا الاجراء نتيجة ارتفاع مستوى إنفاقها العسكري بسبب عدوانها المستمر على اليمن وعجزها المالي الذي بلغ ربع تريليون ريال خلال الاشهر الاربعة الأولى من العام الجاري.
يبدو أن تحقيق هذا الأمر غير ممكن خصوصاً بعد أن تشبعت الأسواق بالنفط نتيجة زيادة الانتاج السعودي، ولا يمكن عودة الأسعار لما كانت عليه إلا بتخفيض سعودي هائل يقل 3 ملايين برميل عن المستوى الحالي، حسبما يرى المتخصصون.