الوقت- بعد أسابيع على مطاردته وتجنيد جيش الاحتلال جميع صفوفه ومعداته ووسائل التكنولوجية التي يمتلكها للقبض عليه، نال الشاب الفلسطيني المقاوم أحمد نصر جرار شرف الشهادة، مسجلاً اسمه في سجل الخالدين وسجل الكرامة والشجاعة والأمل، ليصبح ايقونة جديدة تضاف لمن سبقها من ايقونات الانتفاضة الفلسطينية بمختلف مراحلها.
ونجح البطل جرار الذي لقبه الفلسطينيون بالمطارد "الشبح" بجر جيش جرار خلفه والتخفي أكثر من أسبوعين عن أعين الأجهزة الأمنية الإسرائيلية، التي تمتلك مقدرات أمنية وتكنولوجية متقدمة جدا في الرقابة والمتابعة، إضافة إلى تنسيقها الأمني المستمر مع الأجهزة الأمنية الفلسطينية.
وبحسب الرواية الفلسطينية فان وحدة اليمام التابعة للشرطة "الإسرائيلية" اقتحمت مع ساعات الفجر الأولى من يوم الثلاثاء 6/2/2018 ، بلدة اليامون جنوب مدينة جنين، وطالبت جرار بالخروج من المنزل الذي تحصن فيه، ولكن جرار لم يستجب لمطالب الاحتلال وقاوم حتى النفس الأخير.
وفي أول تعليق لها على استشهاد ولدها قالت والدة الشهيد أحمد نصر جرار أنها "تأكدت من استشهاد أحمد حينما أحضروا لي ملابسه"، مؤكدة أنها ستبقى من الصابرين، وأضافت إن نجلها هو ابن الشعب الفلسطيني ورفع رأس بلاده بأكملها، مشيرة الى ان ظروف استشهاد ولدها مشابهة لطريق استشهاد زوجها نصر جرار الذي كان أحد أبرز قادة كتائب عز الدين القسام وأحد مهندسي عمليات المقاومة وتصنيع العبوات الناسفة في الضفة المحتلة، نجا من عدة محاولات اغتيال وقضى أكثر من 15 عاما في الأسر، ويذكر يوم استشهاده كواحدة من الملاحم الأسطورية التي سطرها مقاومو الشعب الفلسطيني، كما فعل اليوم ابنه.
وبعد استشهاد والده في مدينة طوباس شرق الضفة الغربية عام 2002 عاش أحمد نصر جرار ذو السادسة ربيعا يتيماً، وطيلة سنوات حياته، كان أحمد جرار شابا يحب الحياة، أكمل تعليمه الجامعي في تخصص إدارة المستشفيات، وعمل في التجارة بعدما لم يجد وظيفة في تخصصه، إلى أن أصبح "المطلوب الأول" لدى إسرائيل بعد اتهامه بترؤس الخلية التي قتلت المستوطن في عملية نابلس.
ولم يتمكن الشهيد جرار الأب من رؤية ابنه الرابع محمد الذي ولد بعد استشهاد ابيه بشهر واحد عام 2002، ولكن سيتمكن من رؤية الشهيد أحمد ذو ال27 عاما بعد أن قضى في مواجهة مشرفة مقبل غير مدبر في معركة غير متكافئة لا من حيث العدة ولا العتاد ولا حتى الظروف الأمنية.
حركات المقاومة تبارك بطولة جرار وفوزه بالشهادة
حركة حماس التي ينتمي اليها جرار زفت الشهيد البطل، مؤكدة أن مسيرة الشهداء لن تتوقف وتضحياتهم ستبقى دليلا على أن روح المقاومة لن تنطفئ وأن كتائب القسام ستبقى وفية لشعبها، وعدت حماس الشهيد جرار من سلالة عائلة مقاتلة قدمت الكثير لأجل فلسطين، مستذكرة والده الشهيد نصر جرار والذي كان أحد مؤسسي كتائب القسام في الضفة الغربية المحتلة.
حزب الله أيضا ادن في بيان بشدة هذه الجريمة البشعة التي ارتكبها جنود الاحتلال بحق مقاوم شريف، وبارك لأسرة الشهيد ولحركة حماس ولشعبنا الفلسطيني شهادة هذا المجاهد البطل، الذي برهن كما رفاقه الشهداء الذين سقطوا على هذه الدرب عن روحية جهادية حقيقية متجذرة لن تهدأ حتى التحرير الكامل.
كذلك اعتبرت حركة الجهاد الإسلامي أن الشهيد المجاهد البطل مثَّل نهج المقاومة الأصيل والمعبّر عن طبيعة الظروف التي يحياها الشعب الفلسطيني في ظل الاحتلال الغاصب والمعتدي، وأضافت الحركة في بيان ينبغي لمثلك يا أحمد الا أن تكون خاتمة حياته في الدنيا شهيدا مقبلا غير مدبر، على أرض فلسطين المقدسة وعلى ترابها المبارك ، فلسطين حيث ينبغي أن يكون الجهاد والشهادة، فنعم الحياة حياتك، ونعم الشهادة شهادتك ونعم الآخرة آخرتك بإذن الله.
وسائل التواصل الاجتماعي تتفاعل مع الشهادة المشرفة
وما ان انتشر خبر استشهاد جرار حتى انتشرت وسوم كثيرة على وسائل التواصل الاجتماعي بعناوين مختلفة "#أحمد_جرار" و"#أحمد_نصر_جرار" و"#استشهاد_أحمد_جرار" و"#الشهيد_أحمد_جرار" للحديث عن الشهيد، إلى جانب وسم "#شبح_جنين" بسبب عجز الاحتلال عن قتله لأسابيع.
وغرد أحدهم قائلا "عاش بطلا ورحل بطلا وستحيا معنا قصة بطولته". أما محمد فكتب "الشهيد ابن الشهيد أحمدنصر جرار ...هكذا نهاية الأبطال متزنرا بسلاحه حتى الشهادة".
وقال آخر "وبعد 18 يوماً من المداهمات والحصار والعمليات العسكرية .. ارتقى #أحمد_جرار شهيداً. بمثل هؤلاء تتحرر #فلسطين". وقال مغرد ثانٍ "#أحمد_جرار لن ينساك التاريخ ، اخترت الموت في ساحة القتال على الموت في سجون الاحتلال .. في جنات الخلد".
نعم فاز جرار بما سعى اليه وتمكن من نيل الشهادة ورحل عن هذه الدنيا، ولكن قبل أن يرحل استطاع أن يخط اسمه في سجل الخالدين كعنوان بارز في القضية الفلسطينية، وكشجرة زيتون من فلسطين المقدسة احتضنها تراب الارض وستبقى ثابتة لا تنحني لعواصف الزمن، ولا لغدر الاحتلال وعملائه.