الوقت- كعادته المشؤومة صبّ الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" جام حنقه وتسلطه على الدولة الباكستانية، متهمّا اياها بتوفير ملاذات آمنة للارهابيين متوعّدا بإنزال أشد العقوبات عليها، لاسيما بعد أن رفضت مرارا إسلام آباد تدخل واشنطن في شؤونها الداخلية، معلنة بذلك عدم رضوخها لسياسات أمريكا.
جدير بالذكر أن ترامب اعتمد سياسة مناوؤة لما تزعمه توجهات بلاده الديمقراطية، حيث هاجم عن طريق تغريداته اليومية الكثير من دول العالم لعدم انصياعها لقراراته.
وهذه المرّة كان الدور على باكستان حيث هاجم الرئيس الامريكي باكستان في تغريدة له على موقع التواصل تويتر، يوم أمس الاثنين، ناعقاً: واشنطن ارتكبت حماقة بمنحها مليارات الدولارات إلى باكستان عن طريق المساعدات التي يحصلون عليها منذ 15 عاما.
وغرّد ترامب على تويتر: الولايات المتحدة منحت باكستان 33 مليار دولار خلال 15 عاما، لكننا لم نحصل على شيء سوى الكذب والخداع.
كما هاجم الرئيس الأمريكي نظرائه السابقين قائلا: قادة أمريكا كانوا حمقى عندما فعلوا ذلك، لأن باكستان توفر ملاذات آمنة للإرهابيين الذين نحاربهم في أفغانستان، مشيرا إلى أن ما تقدمه باكستان هو مساعدة قليلة، ليس أكثر.
وتابع ترامب نقده اللاذع لاسلام آباد قائلا: إن باكستان لم تعط الولايات المتحدة شيئا سوى الأكاذيب والخداع.
وفي شهر أكتوبر/تشرين الأول اتهم رئيس هيئة الأركان الأمريكية المشتركة، الجنرال "جوزيف دنفورد"، وكالة المخابرات الباكستانية بأن لديها صلات بجماعات متشددة.
يشار الى أن المسؤولين الأمريكيين يتهمون باكستان منذ مدة طويلة بعدم استعدادها للتحرك ضد ما تصفها الولايات المتحدة بـ"الجماعات المتشددة"، ومنها حركة طالبان الأفغانية و"شبكة حقاني".
وفي وقت سابق توعّد ترامب أنه قد يخفض المساعدات الأمنية لباكستان، إذا لم تتعاون بشكل أكبر في منع المتشددين من استخدام ملاذات آمنة على أراضيها.
وهدّد ترامب حينها: لن نلتزم الصمت تجاه باكستان، وإسلام آباد ستكسب الكثير إذا تحالفت معنا.
وفي أغسطس/ آب الماضي، أعلن الرئيس الأمريكي عن تغييرات جديدة في السياسات التي تنتهجها الولايات المتحدة بكل من أفغانستان وباكستان والهند.
واتهم ترامب في استراتيجيته باكستان بأنها تمنح ملاذا للإرهابيين، وهو ما رفضته إسلام آباد، وطالبت الرئيس الأمريكي بالتخلي عن هذه التهمة.
واما باكستان فهي تعمل على تعزيز علاقاتها مع تركيا وروسيا والصين وإيران بعد كل هذه الضغوط الامريكية؛ في محاولة منها لمواجهة سياسة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب التسلطية الجديدة في جنوب آسيا، التي ستجعلها تفقد قرارها المستقل.
ويوم أمس الاثنين استدعت وزارة الخارجية الباكستانية، مساء الإثنين، السفير الأمريكي في إسلام آباد، للاحتجاج على اتهامات الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب للبلاد بـ"توفير مأوى للإرهابيين".
وبحسب ما نقله موقع "داون نيوز" الباكستاني عن مسؤول بارز في مكتب الخارجية الباكستانية، قوله: إن الخارجية الباكستانية، استدعت السفير الأمريكي في إسلام آباد، ديفيد هيل، لتسجيل الاحتجاج على التصريحات الاتهامية التي غرّد بها ترامب.
ليؤكد فيما بعد المتحدث باسم السفارة الأمريكية في إسلام آباد، ريك سينلسين، هذا التطور قائلا: إن السفير هيل دعي إلى اجتماع في وزارة الخارجية في التاسعة مساء (16:00 تغ)، حسب الموقع الباكستاني.
وكانت حركة "طالبان" الإرهابية كلمة السر في اشتعال حرب الاتهامات بين أمريكا وباكستان، فقد اتّهمت واشنطن اسلام آباد بدعم وإيواء الجماعات المتطرفة والمتشددين على الأراضي الباكستانية والأفغانية، وكذلك حمّلتها المسؤولية عن الخسائر الكبيرة التى تواجهها كل من القوات الأمريكية، والأفغانية، والباكستانية، في حربها ضد عناصر طالبان، المتمركزة داخل أراضي الدولتين الآسيويتين المتاخمتين حدوديًا.
والذي صبّ الزيت على نار هذا الخلاف هو هجوم شنه الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، منتصف الأسبوع الماضي، على باكستان، حيث قال: إن باكستان، ستخسر كثيراً، إذا استمرت في إيواء إرهابيين، وأضاف أن القوة العسكرية وحدها لا يمكن أن تحقق السلام في أفغانستان، ولكن القوة التي يتم تطبيقها بشكل استراتيجي تهدف إلى توفير الظروف المناسبة كي تحقق العملية السياسية سلاما دائما، مؤكدا أن الانسحاب من أفغانستان سيخلق فراغًا يستفيد منه الإرهابيون، بحسب زعمه.
وردّت الخارجية الباكستانية على اتهامات ترامب حينها، في بيان لها: ليس هناك بلد في العالم عانى من آفة الإرهاب كما عانت باكستان، وغالبا عبر أعمال منظمة تتجاوز حدودنا، لذا فمن المخيب للآمال أن تتجاهل التصريحات الأمريكية التضحيات الجسام للأمة الباكستانية.
كما حذّر مسؤولون باكستانيون أمريكا قائلين: لا ينبغي للولايات المتحدة أن تجعل باكستان "كبش فداء"، واتهموا الجيش الأمريكي بالفشل في القضاء على ملاجئ المتشددين داخل أفغانستان.
ردّ فعل باكستان لم يقتصر عند هذا الحدّ بل أرجأت زيارة القائمة بأعمال مساعد وزير الخارجية الأمريكي، التي كانت مقررة إلى إسلام آباد، وذلك بعد اندلاع احتجاجات محدودة ضد الرئيس الأمريكي، بسبب اتهاماته لباكستان بأنها تطيل أمد الحرب في أفغانستان.