الوقت- لقد شهدت دولة الإمارات خلال العقود الثلاثة الماضية نهضة اقتصادية وعمرانية كبيرة ولقد عملت حكومتها الاتحادية خلال تلك الفترة على تقوية بنيتها التحتية في كافة المجالات الاقتصادية والصناعية ومجالات الطاقة والعمران ولقد استطاعت التألق والنمو بشكل كبير في قطاع السياحة نظرا لقيامها ببناء العديد من الفنادق ومراكز التسوق والمنتجعات السياحية والذي أصبح من اهم موارد الدخل الوطني في البلاد، معتمدة في ذلك على مدخراتها من النفط ورؤوس الاستثمارات الأجنبية فيها. ولكن في الوقت الحاضر وبعد أن استطاعت دولة الإمارات التميز والتطور في الكثير من المجالات الاقتصادية والصناعية واستطاعت تطوير ترسانتها العسكرية، يبدو أنها اليوم تسعى أيضا إلى تعزيز الجانب الأمني لديها وذلك عن طريق بناء جهاز ووحدات استخباراتية ذات تدريب عالي للقيام ببعض المهام داخل وخارج الدولة بما يخدم مصالحها الإقليمية والدولية.
وحول هذا السياق عملت الإمارات خلال العقود الماضية على توسيع خيارات تحركاتها السياسية في الساحة الدولية وسعت إلى أقامة علاقات دبلوماسية وتجارية مع الكثير من الدول الكبرى وخاصة الولايات المتحدة لتطوير كافة مجالاتها الاقتصادية والأمنية والآن وبعد مرور اكثر من أربعين عاما على افتتاح السفارة الأمريكية في العاصمة الإماراتية "أبو ظبي" باتت العلاقات بين دولة الإمارات والولايات المتحدة قوية ومبنية على أساس المصالح المشتركة بينهما. وتجدر الإشارة هنا انه خلال فترة الأحداث الأخيرة التي شهدتها منطقة الشرق الأوسط، نرى بأن العلاقات بين الولايات المتحدة والإمارات شهدت نقلة نوعية كبيرة في كافة المجالات السياسية والأمنية والعسكرية وبدأت الإمارات بالعمل مع الكثير من أجهزة الاستخبارات الأجنبية وخاصة جهاز الاستخبارات الأمريكي، لبناء جهاز استخباراتي قوي يخدم مصالحها في المنطقة.
وفي سياق متصل نشرت مجلة "فورين بوليس" الأمريكية تقريرا يوم الخميس الماضي، يفيد بأنها حصلت على معلومات من مسؤولين سابقين في المخابرات الأمريكية، أكدت بأن الإمارات تسعى إلى بناء إمبراطورية استخباراتية قوية تخدم مصالحها الدولية والإقليمية في منطقة الشرق الأوسط وأشار هذا التقرير إلى أن هنالك الكثير من الضباط الأجانب يقومون بتدريب مجموعة من الضباط الإماراتيين في منطقة ميناء زايد الواقعة في العاصمة الإماراتية "أبوظبي" على استخدام أجهزة التجسس المتطورة. ولفت هذا التقرير أيضا إلى أن هذا التدريب يزداد يوما بعد يوم ويتعلم الضباط الإماراتيين الكثير من أساليب التجسس، كالتخفي عند المشاركة في المراسم والاحتفالات الدبلوماسية وجاء في هذا التقرير أيضا إن الشخصية الرئيسية المسؤولة عن هذه التدريبات هو ضابط الاستخبارات الأمريكي السابق "لاري سانشيز" الذي عمل خلال السنوات الماضية لصالح ولي عهد "أبوظبي" الشيخ "محمد بن زايد"، لبناء أجزاء كبيرة من جهاز الاستخبارات الإماراتي الذي عمل خلال الفترة السابقة على زعزعة الأمن والأمان في الكثير من بلدان المنطقة وقام ببعض الأمور المشبوهة في داخل الإمارات وخارجها. وحول هذا السياق نشر موقع "هافنتغون بوست عربي" تقريرا يؤكد بأن الإمارات كان لها دور في الانقلاب الفاشل الذي حصل في تركيا العام الماضي. ولفت هذا التقرير إلى أن مسؤول تركي امني اكد بأن جهاز الاستخبارات التركي علم بأن الإمارات شاركت في بعض العمليات الإعلامية ضد تركيا خلال تلك الفترة التي سبقت ذلك الانقلاب الفاشل واكد ذلك المسؤول الأمني بأن الإمارات استخدمت بعض الصحفيين وبعض وسائل الإعلام مثل القناة التلفزيونية (أورينت تي في) للترويج لبعض الدعايات المسيئة للحكومة التركية.
وفي السياق نفسه أعربت صحيفة "ميدل ايست آي" البريطانية أن "محمد دحلان" القيادي الفلسطيني التابع لحركة "فتح" الفلسطينية والذي يعيش في الإمارات منذ فترة طويلة كان يقوم بدور الوسيط بين الحكومة الإماراتية وجماعة الداعية "فتح الله غولن" المتهم الرئيسي في عملية الانقلاب الفاشلة وكان يقوم "دحلان" أيضا بتحويل الكثير من الأموال الإماراتية إلى أعضاء تلك الجماعة الانقلابية خلال الفترة التي سبقت ذلك الانقلاب الفاشل. وفي سياق آخر، اتهمت صحيفة "خبر 7" التركية، الحكومة الإماراتية بتسهيل عملية الاغتيال التي قام بها فريق الموساد الإسرائيلي في مدينة "دبي" الإماراتية وادت إلى استشهاد القيادي الفلسطيني "محمود المبحوح" في عام 2010. وأشارت هذه الصحيفة إلى أن عملية الاغتيال هذه كانت بمثابة أول اتصال مباشر بين إسرائيل والإمارات ولفتت هذه الصحيفة أيضا أن اللقاء الذي جمع "عبد الله بن زايد" ورئيس الوزراء الإسرائيلي في نيويورك سنة 2012، كان الخطوة الأهم في تقوية هذه العلاقات بين البلدين.
الجدير بالذكر هنا أن أجهزة الاستخبارات الإماراتية بعد أن فشلت في التدخل العسكري والانقلاب في ليبيا، قامت بدعم الأحزاب المعارضة وقامت بإرسال شحنة تقدر بـ9 طن من الحبوب المخدرة إلى هذا البلد وذلك من اجل تأجيج الصراع بين الأحزاب والجماعات الليبية والقضاء على الشباب الليبيين. وتجدر الإشارة هنا أيضا أن الأجهزة الأمنية في العراق أعلنت بأنها قبضت على شحنة حبوب مخدرة قادمة من الإمارات.
إن هذه الأعمال التي تقوم بها أجهزة الاستخبارات الإماراتية في المنطقة تهدف إلى زعزعة الأمن والأمان في المنطقة وذلك من اجل تلبية وتحقيق بعض مصالحها الإقليمية والدولية وخدمة بعض الدول الكبرى وخاصة الولايات المتحدة.