الوقت- سلسلة الإخفاقات التي مرّت ولازالت تمرّ بها مفاوضات جنيف بين وفدي الحكومة السورية و"المعارضة" التي يُزعم أنها معتدلة تشير الى نتيجة حتمية لا مفرّ منها وهو أن هذه المفاوضات باءت بالفشل وغير ناجعة لحل هذه الأزمة، ولابد من تحويل الدفة الى سوتشي الروسية علّها تكون مرساة النجاة الأخيرة للسوريين، لاسيما بعد المساهمة الفعّالة من قبل روسيا في دحر التنظيمات الارهابية ومساهمتها في اتفاقات المصالحة التي تمّت بشكل متسارع بين جميع الأطراف باستثناء الارهابية على الأرض في سوريا.
ومع فشل الجولة الثامنة من مفاوضات جنيف السورية، بعد الشروط التي وضعتها المعارضة المقتدرة، حوّل جميع المشرفين والمشاركين بحل الأزمة السورية أنظارهم نحو روسيا وبات بلا أدنى شكّ مؤتمر "الحوار الوطني السوري" المزمع عقده في "سوتشي" فرصة لا تفوّت بل ولا غنى عنها، ويجب على الجميع المشاركة فيه عسى أن يكون خيرا لسوريا وشعبها.
وبعد إقرار المبعوث الأممي "ستيفان دي ميستورا" بفشل الجولة الثامنة من جنيف بعد سبع جولات عجاف، واعتباره أنه تم تفويت فرصة ذهبية ضاعت جرّاء تعنّت وفد المعارضة وشروطه التعجيزية، باتت الضرورة ملحّة للتوجّه إلى سوتشي كحل إنقاذي بعد إخفاق مفاوضات جنيف. إلا أن المعارضة التي باتت مجرّد أجندات لبعض الدول سعت لتعطيل هذا السيناريو، والتأكيد على التمسك بمرجعية جنيف بما أنه يلبي رغبات داعميها والمتحكمين في قرارها.
يشار الى أن نائب وزير الخارجية الروسي "غينادي غاتيلوف"، أبلغ في وقت سابق "دي ميستورا" بأن "هدف روسيا من مباحثات أستانة ومؤتمر الحوار الوطني السوري، هو تسريع التسوية السورية وليس خلق بديل عن مفاوضات جنيف".
وعلى الرغم من انهزامات المعارضة المتكررة من مؤتمر سوتشي بهدف إفشاله، لا تزال موسكو تقدّم الدعوات لواجهات المعارضة التي لم تنفك تتاجر بآلام السوريين، والأمر المحزن أن روسيا اضطرت إلى تأجيل المؤتمر الذي كان من المقرر عقده في 18 نوفمبر الحالي، بعد أن رفضت المعارضة السورية بكل تياراتها السياسية، والعسكرية المشاركة فيه، متهمة موسكو بمحاولة القفز فوق مسار جنيف التفاوضي والتأسيس لمسار بديل يدفع باتجاه ترسيخ سلطة الرئيس السوري بشار الأسد.
وبينما يبدو جليّا أن تنظيمات المعارضة المسلحة الممسوسة تحاول إحداث بعض التغييرات الميدانية من خلال استعادة بعض المناطق التي خسرتها أمام قوات الجيش السوري وحلفائه لاسيما روسيا وايران، فإن موسكو اعتبرت أن "على المعارضة أن تعكس بشكل واضح في وثائقها عدم وجود حل عسكري للأزمة السورية، وتأخذ بعين الاعتبار العمل على التسوية السياسية في هذه الدولة.
مايشير الى أهمية مؤتمر سوتشي لحل الأزمة السورية يظهر في مواقف وتصريحات المسؤولين الروس، حيث أعلن وزير الخارجية سيرغي لافروف، يوم أمس الجمعة أن دحر الإرهابيين في سورية وخلق مناطق خفض التصعيد يمهدان للتسوية السياسية في البلاد على أساس القرار الأممي رقم 2254.
في حين جاء موقف رئيس وفد مايسمى المعارضة إلى جنيف، نصر الحريري، بالرفض القطعي لمساعي حل الأزمة من خلال الممر الروسي، والغريب في الأمر هو الموقف المتشدّد لرئيس وفد هذه المعارضة الذي أكد أن عملية جنيف هي المكان الوحيد للحل السياسي. ودعا الحريري، خلال مؤتمر صحافي عقده بعد اختتام المفاوضات الثامنة لجنيف يوم الخميس، المجتمع الدولي للقيام بالمزيد من أجل إرغام الرئيس السوري بشار الأسد على خوض مفاوضات مباشرة، والتي ستكون لا محالة ضمن شروط المعارضة وتحت جناح داعميها.
وأما المتحدث باسم وفد المعارضة "يحيى العريضي"، فلم يستبعد ذهاب وفده إلى سوتشي إذا كانت المفاوضات هناك ستساهم بإطلاق عملية الانتقال السياسي وعودة اللاجئين، لكن قبل ذلك تجب معرفة تاريخ المؤتمر وهدفه والأطراف التي ستشارك فيه. الأمر الذي وضحته روسيا والمساهمين في حل الأزمة ايران وتركيا.
جدير بالذكر أن "دي ميستورا" قال في مؤتمرٍ صحافي عقب اختتام جولة المفاوضات الفاشلة في جنيف: كانت المحادثات فرصة ذهبية مهدورة، لكن قد تكون هناك جولة أخرى، الشهر المقبل، إذا تم التوصل لأفكار جديدة تشجع الحكومة السورية على المشاركة. وكان المبعوث الأممي قد دعا في تصريحات للتلفزيون السويسري، الرئيس الروسي فلاديمير بوتين للضغط على الدولة السورية من أجل تلبية حلم المعارضة وداعميها برحيل الرئيس السوري، الأمر الذي أفشل الجولات السابقة لجنيف السورية.