الوقت- يسعى ولي عهد السعودية " محمد بن سلمان " جاهداً الى استحصال بلاده على التكنولوجيا النووية ليس للاستفادة العلمية والخدماتية منها، انما من اجل الوقوف في وجه الجمهورية الاسلامية في ايران التي استطاعت بفضل خبرائها وعلمائها من الحصول على تكنولوجيا النووية رغم العقوبات الاقتصادية والحصار المطبق عليها حتى يومنا هذا.
فبعد الاتفاق النووي، وانفتاح ايران على العالم، وبعد ان أصبحت قوة عظمى يُضرب لها ألف حساب وحساب على الصعيد الدولي، ازداد الحقد الاعمى الذي يكنه امراء السعودية لايران، هذا الحقد لم يمنعهم حتى من تصنيفها على هيئة شيطان تتخطى خطورته العدو "الإسرائيلي". "فوبيا" تعاظم النفوذ الإيراني تلاحق آل سعود أينما حلوا، فثمة من يقول أن الغيرة تأكلهم من تطور القوة العسكرية لإيران. وثمة من يقول أيضاً، أن أكثر ما يغيظهم صورة طهران المدينة المتطورة النووية.
ومن منطلق ردّ الفعل على نجاحات ايران النووية، تحاول الرياض جاهدة بثّ الروح في المشروع النووي السعودي من جديد وذلك تبعاً لإشعارات التطوّرات الإقليمية والدولية من اتفاق الدول الكبرى مع إيران، إلى رفع العقوبات عن الجمهورية الإسلامية، الى قطع يدها في سوريا والعراق عبر القضاء على داعش الوهابية الى مرمغت انفها في الرمال اليمنية، بقي للسعودية ولاميرها الشاب ورقة وحيدة ليلعبها بوجه طهران في ربع الساعة الأخير، وهي الحصول على التكنولوجيا النووية.
وفي هذا السياق، كشف مدير شؤون أسلحة الدمار الشامل ومكافحة انتشار الأسلحة النووية في مجلس الأمن القومي الأميركي، كريستوفر فورد، أمس الخميس أن الامير محمد بن سلمان ارسل وفدا سعودياً رفيع المستوى من اجل التباحث مع إدارة الرئيس الامريكي دونالد ترامب من اجل التفاوض على تزويدها بالتكنولوجيا النووية الأميركية، في خطوة اعتبرت تحولاً في السياسات النووية الأميركية، ما قد يؤدي إلى تأجيج سباق التسلح في الشرق الأوسط.
وعبر فورد عن قلقه من موافقة ادارة دونالد ترامب على طلب السعودية، حيث قال خلال جلسة استماع في مجلس الشيوخ الأميركي "إن إدارة ترامب استأنفت المفاوضات النووية مع السعودية، التي كانت توقفت خلال إدارة الرئيس السابق باراك أوباما، بسبب رفض الرياض الالتزام بالشروط الأميركية المشددة، لضمان عدم تحويل البرنامج النووي السلمي في المستقبل إلى برنامج عسكري، يسعى لامتلاك سلاح نووي".
وفي التفاصيل أوضح مدير شؤون أسلحة الدمار الشامل الامريكي أن الحكومة السعودية تريد موافقة واشنطن على نقل تكنولوجية نووية أميركية باي شكل من الاشكل، من اجل الاستخدام السلمي حسب زعمها، مشيراً إلى أنه يجري التفاوض مع الحكومة السعودية حول الضوابط الوقائية. إلا أنه لم يربط الموافقة الأميركية على تزويد المملكة بالتكنولوجيا في حال لم تلتزم بهذه الشروط.
وفي سياق متصل، نشر موقع "ريبوبليكا" الامريكي تقريرا مفصلاً يعبر فيه عن قلق بعض النواب الديمقراطيين في الكونغرس، من تخلي ترامب عن شروط الوقاية الأميركية من انتشار الأسلحة النووية، قد يقود إلى "جحيم من الحروب "، فيما قال مسؤولون أميركيون سابقون "إن فكرة نقل تكنولوجيا نووية إلى السعودية، لم تكن فكرة محبذة لدى كبار المسؤولين الأميركيين".
وفي السياق، نقل التقرير الامريكي عن مسؤول سابق في البيت الأبيض كان على صلة بملف المفاوضات النووية الأميركية السعودية في عهد الرئيس الامريكي السابق باراك اوباما، أنه "لاحظ شوائب في المسألة، وأنه لم يرد أن يكون في موقع المسؤول عن إيصال تكنولوجيا نووية إلى السعودية".
واضاف المسؤول الامريكي الذي رفض الكشف عن اسمه للموقع الامريكي أن "محاولات اللوبي السعودي استؤنفت مع وصول ترامب إلى البيت الأبيض، ووجدت ضالتها بمايكل فلين مستشار الأمن القومي السابق، الذي اقتنع بفكرة تزويد المملكة بالطاقة النووية والتكنولوجيا الحديثة المرتبطة بها".
تنافس الشركات العالمية على النووي السعودي!
وفي سياق متصل،تتنافس الشركات العالمية على الحصول على مناقصة السعودية النووية، حيث قالت ثلاثة مصادر بصناعة المفاعلات النووية إن "وستنغهاوس" المملوكة لشركة "توشيبا" تجري محادثات مع شركات أمريكية أخرى لتشكيل كونسورتيوم بهدف المنافسة في عطاء بمليارات الدولارات لبناء مفاعلي طاقة نووية في السعودية.
وعلى ما يبدو ان تنافس الشركات لم يقتصر على الامريكية فقط، بل قالت شركات روسية وكورية جنوبية وفرنسية بالفعل إنها تخطط لتقديم عروض في صفقة ينظر إليها كأحد الآفاق الواعدة في صناعة المفاعلات النووية العالمية، التي تكافح للفوز بعقود في أعقاب كارثة مفاعل فوكوشيما في اليابان عام 2011.
في الخاتمة، كل المؤشرات المذكورة في الاعلى جميعها تدلّ على أن النظام السعودي يعيش واقع الإحباط والإرباك بعد خسارته في جميع الساحات، من اليمن الى لبنان مرورا في سوريا والعراق. ويسعى بن سلمان من معركة النووي هذه الى ترتيب أوراقه، الا انه سيحتاج إلى أن يقنع المجتمع الدولي والإدارة الأميركية على تصدير تكنولوجيا النووية الى السعودية " الوهابية " التي اصبحت بنظرهم الداعم الابرز للارهاب في العالم، اضافة الى سعيه إلى تغيير الرأي العام عند حلفائه الذين فقدوا الثقة في السياسة التي ينتهجها الامير الشاب في منطقة الشرق الاوسط وايهامهم انه قادر على فعل هذا الامر مثل الايرانيين.
