الوقت- يواصل الكتّاب السعوديّون المقرّبون من الديوان الملكي تعبيد طريق الرياض-تل أبيب. المسبحون بحمد "أبي فهد" وولده محمد بن سلمان، يؤدون دور رأس الحربة في هذا المشروع الخطير في ظل تجاهل تام من قبل الملك وولي العهد إزاء هذا الأمر.
القصف التمهيدي المكثّف من قبل الإعلام السعودي ينتظره موقف رسمي سعودي مفاجئ، على شاكلة القرارات الملكية التي عزل فيها الملك سلمان ولي العهد الأسبق مقرن بن عبد العزيز والسابق محمد بن نايف، قرار يرسم صورة حقيقة لواقع العلاقات بين المملكة والكيان. المرحلة الحالية هي مرحلة التمهيد لما قبل العاصفة من قبل الإعلام السعوديّة بكافّة فروعه الوهابيّة والمعتدلة والليبراليّة بغية تأثير كل فرع بالجمهور الذي يتلقّاه وإقناعه من منطقه الخاص سواء كان وهابياً، معتدلاً أو ليبرالياً.
كثيرة هي المواقف السعودية التي تعكس نوايا مشبوهة سلبية وأخرى إيجابيّة تجاه فلسطين والكيان الإسرائيلي على التوالي، لاسيّما في ظل الطفرة التطبيعية الغير مسبوقة حيث تستخدم الرياض إعلامييها المتشددين دينيا، المعتدلينً وكذلك الليبراليين أمثال عثمان العمير رئيس تحرير صحيفة "ايلاف" السعوديّة التي أجرت مقابلة خاصّة مع رئيس الاركان في الجيش الإسرائيلي "إيزنكوت"، و تركي الحمد المقرب من الديوان الملكي الذي زعم أن "القضية الفلسطينية قد باعها أصحابها"، نافيا أو متناسيا في الوقت نفسه ما قاله قبل أيام بأن القدس ليست قضيته.
كلام الحمد على حسابه بموقع التدوين المصغر "تويتر" تضمّن الكثير من الصدق والافتراء في آن واحد، فقد صدق الكاتب السعودي حينما قال أنه " لم تعد القضية تهمني"، إلا أن افترى في المقطع التالي من التغريدة عندما قال "فقد أصبحت قضية من لا قضية له"، إنها قضيّة العرب والمسلمين الأولى بخلاف ما حاولت أن تُلقي في أذهان المخاطبين، واما كلامك أن فلسطين لم تعد قضية العرب الأولى، فبصرف النظر عن زيفه، إلا أنّها لم تكن في يوم من الأيّام قضيّة نظامكم الأولى ولا حتى الأخيرة، ولاسيّما أنكم اول من حاول تغييب البعد العربي والإسلامي عن القضيّة وحصرها بالطابع الفلسطيني عبر الشعار المزعوم الصراع الفلسطيني الإسرائيل بدل الصراع العربي الإسرائيلي.
لا يحقّ لنا أن نفرض على أيّ سعودي، أو مواطن عربي، المفاضلة بين وطنه وفلسطين، إلا أن تغريدة الكاتب قبل أيّام أن الرياض أهم من القدس هدفت لإسقاط هالة القدس من نفوس السعوديين تحت شعارات وطنيّة لا نعارضها، بل نعارض النوايا التي تقف خلفها، فمن خيّر الحمد بين القدس والرياض في مفاضلة أقل ما يقال عنها أنّها خبيثة.
الجانب المبكي في كلام الكاتب السعودي، أو ربّما المضحك، يتعلّق بقوله "نحن نرى أصحاب القضية يتلاعبون بها ونحن من يدفع الثمن". لا نختلف على وجود منتفعين من القضيّة الفلسطينية أولئك الذين لم يقدمون الدماء، إلا أن السعوديّة هي من دعمتهم سياسياً لسنوات في وجه من قدّم الدماء، والأنكى من ذلك كلّه يقول الحمد "نحن من يدفع الثمن"، فلا علم لنا بمواجهة عسكرية سعوديّة مع الجيش الإسرائيلي، وإن كانت معلوماتنا ناقصة فليزوّدنا الحمد بم لا نعلمه، أو يُخبرنا بالأثمان التي دفعها!
جانب آخر نتوجّه به إلى الحمد وأمثاله بأن لا يلقوا أعباء ورواسب القمع السعودي خلال العقود السابقة على القضيّة الفلسطينية، فالكاتب السعودي الليبرالي الذي قال "لدي قضية بلدي في التنمية والحرية الانعتاق من الماضي"، وهو حديث متأخر حوالي نصف قرن او أكثر عن نظرائه الليبراليين في العالم حول الحرية وغيرها، يحاول اليوم إلقاء تبعات القمع السعودي السابق وبوادر العلمانيّة الجديدة على القضيّة الفلسطينية. ونُخبر الحمد أن الليبراليّة لا تتعارض مع القضيّة الفلسطينية، كما أن الحرية لا تعني الذهاب إلى حضن العدو، فهل جهل الكاتب معنى الحريّة التي لم يذق طعمها هو السبب في سلوكه؟ لم يكتفِ بذلك، بل تمثّل بابرهة الحبشي بقوله "للبيت رب يحميه"، نعم لفلسطين ربّ يحميها ونحن الشعوب العربية سنكون الطير الأبابيل على المحتلين الصهاينة وكل من يقف معهم ضدّ فلسطين.
لا نراهن على أمثال الحمد، لعلمنا أنّنا لن نُسمع الصمّ الدعاء، بل نراهن على أصالة الشعب السعودي وكافّة الشعوب العربيّة التي نبت لحمها على فلسطين القضيّة، ولكم في الطفل التونسي محمد حميدة ذو السنوات العشر الذي انسحب من بطولة العالم للشطرنج تفاديا لملاقاة لاعب اسرائيلي عبرةً يا أولي الألباب.