الوقت - برعایة مصریة؛ وتحت مسمی "الوحدة الوطنية"؛ عُقد مؤخراً في القاهرة اجتماع فلسطیني لإجراء مناقشات سیاسیة بين حرکتي "فتح "و"حماس" بهدف معالجة الإنقسامات والمشاکل التي تواجه الطرفین والعمل علی تعزیز الجبهات الداخلیة، حيث توافق الطرفان على إنهاء الإنقسام وتحقيق الوحدة الفلسطينية.
وتضمن الاتفاق عدّة بنودٍ منها:
- تولي الحرس الرئاسي لمحمود عباس وابتداء من اليوم الأول تشرين الثاني/ نوفمبر مهمّة تسيير الحركة في معبر رفح الحدودي.
- قیام قيادات الأجهزة الأمنية الرسمية العاملة في دولة فلسطين بالتوجه إلى قطاع غزة لبحث سبل وآليات إعادة بناء الأجهزة الأمنية مع ذوي الاختصاص.
- مناقشة ملف الموظفین التي عینتهم حماس حیث تم الاتفاق علی تخویل اللجنة القانونیة -الإداریة التي شکلتها الحکومة الفلسطینیة مؤخراً لوضع الحلول لقضیة موظفي غزة الذین تم تعیینهم بالمؤسسات الحکومیة لإقرارها وتنفیذها.
- سرعة إنجاز اللجنة القانونية - الإدارية المشكلة من قبل حكومة الوفاق الوطني لإيجاد حل لموضوع موظفي القطاع، قبل 1 فبراير/شباط 2018 كحد أقصى.
خروقات فتحاوية
اتفاق المصالحة الفلسطيني وقبل أن يجفّ حبره بدأت حركة فتح بالمراوغة في تطبيقه حيث أنّ المخابرات المصرية توافقت مع حركة "حماس" والفصائل على ضرورة الفصل بين استلام حكومة التوافق لواجباتها في غزة والعقوبات التي فرضتها السلطة سابقاً على القطاع، وأهمية العودة إلى غزة بشيء ملموس يسهل حياة المواطنين، غير أنّ حركة فتح لم تتجاوب ولم يتم رفع العقوبات عن الغزاويين.
وفي السياق فإنّ الاتفاق المصري وبعد انجازه؛ أصدرت حکومة الوفاق الفلسطينية عدداً من القرارات بما یخص موضوع الموظفین القدامى الذين كانوا على رأس عملهم قبل الانقسام في قطاع غزّة، مطالبةً بعودتهم الأمر الذي يشكل خرقاً لاتفاق القاهرة.
حركة حماس وعدد من الفصائل الفلسطينية الأخرى "الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين وحركة الجهاد الإسلامي" رأت أنّ هذه الخطوة منافيةً للمصالحة الفلسطينية واتفاق القاهرة، مؤكدةً أنّ هذه الخطوة قد تؤدي إلی نتائج تصل حدَّ "الاقتتال" بين الموظفين القدامى وغالبيتهم العظمى ينتمون إلى حركة "فتح"، والموظفين الجدد الذين ينتمون بغالبيتهم إلى حركة "حماس"، ويشعل ناراً ربما يعجز الوفد المصري عن إطفائها.
الخرق الفتحاوي للإتفاق وكما يؤكد مراقبون يمكن أن يؤثر على حياة أكثر من 45 ألف موظف كانت حكومة حماس قد عيّنتهم منذ الانقسام الفلسطيني، وهي القضية ذاتها التي تعثّر بها اتفاق مخيم الشاطئ.
فتح: نزع أسلحة حماس
سلاح المقاومة الفلسطينية في غزّة يبقى المعضلة الأكبر لانجاز اتفاق المصالحة، حيث تُطالب سلطة رام الله ومن خلفها حكومة الاحتلال الإسرائيلي بنزع أسلحة الحركات المقاومة الفلسطينية ولاسيما حركتي حماس والجهاد الإسلامي.
حركة المقاومة الإسلامية حماس أكدت في أكثر من مناسبة أنّ سلاحها وسلاح بقيّة الفصائل في قطاع غزة كان موجوداً قبل الانقسام، ولم يكن سبباً في الانقسام مطلقاً، ولم يكن أصلاً موجهاً ضد أي طرف فلسطيني، ولذلك وبحسب الحركة فإن الحديث عن ضرورة تسليمه أو حتى شموله في حوارات القاهرة، أو أي مشاورات بين طرفي النزاع الفلسطيني يمثل اصطياداً في الماء العكر، ومحاولة للابتزاز السياسي.
ياسر أبو سيدو مسؤول العلاقات الخارحية في حركة فتح طالب حركات المقاومة بتسليم أسلحتها لسلطة رام الله حيث قال: "ليس من المقبول تحت أي ظرف أن يوجد سلاحان للسلطة الفلسطينية في آن واحد، لأن هذا الأمر من شأنه أن تحدث مشكلة كبيرة في قطاع غزة"، منوّهاً بأنّ قضية سلاح "حماس والجهاد الإسلامي" سيشكل أزمة كبيرة في طريق المصالحة، حال رفض كليهما الالتزام بما تريده السلطة الفلسطينية!.
وفي السياق؛ طالب رئيس وزراء الکيان الإسرائيلي بنيامين نتنياهو بضرورة تسليم حركتي حماس والجهاد لسلاحيهما، مؤكداً بأنّ أيَّ مصالحةٍ بين حماس والسلطة الفلسطينية يجب أن تشمل التزاما بالاتفاقيات الدولية وبشروط الرباعية الدولية وعلى رأسها "الاعتراف بإسرائيل" و"نزع الأسلحة" الموجودة بحوزة حماس.
اتفاق في مهب الريح
عدد من المراقبین والمحللین تحدثوا عن إمکانیة نجاح أو إخفاق عملیة المصالحة الوطنیة، حیث يرى "مخیمرة أبو سعدة" رئيس قسم العلوم السياسية في جامعة الأزهر في غزة أن هناك الکثیر من المشککین في إمكانية تحقيق المصالحة الفلسطينية بين فتح وحماس، نظراً إلى الإخفاقات العديدة السابقة، بدءاً من اتفاقیة "مکة" في شباط /فبرایر 2007، وصولاً إلی اتفاق "مخیم الشاطئ" نیسان/أبریل 2014.
ونوّه أبو سعدة إلی العدید من القضايا الحسّاسة الأخرى التي يمكن أن تساهم بتعثر الاتفاق منها هوية الجهة المسؤولة عن حفظ الأمن في قطاع غزة، مع وجود عشرات الآلاف من مقاتلي المقاومة المنتمين إلى الجناح العسكري لحركة حماس وباقي الفصائل الفلسطينية الموجودة في غزّة. وتبقى القضيّة الأكثر أهميّة وإشكالية كما يؤكد أبو سعدة وهي مسألة دمج حركة حماس في منظمة التحرير الفلسطينية من عدمها.
تجدر الإشارة إلی أنّ حركة المقاومة الإسلامية "حماس" وحركة الجهاد الإسلامي ترفضان الرضوخ لمطالب السلطة الفلسطينية التي تقودها حركة فتح، حيث تؤكد الحركتان أن سلاحهما موجه فقط لمقاومة الإحتلال الإسرائيلي، في حين أنّ حركة فتح إلتزمت بالمسار السياسي، الذي لم يؤت أكله منذ اتفاقية أوسلو، وتسعى الحركة اليوم لسحب أسلحة حماس والجهاد الإسلامي في محاولةٍ منها لجر الحركتين للمسار الذي اتخذته منذ حوالي خمس وعشرين عاماً.