الوقت- انطلقت صباح يوم الأربعاء في العاصمة الإيرانية "طهران" فعاليات مؤتمر الدولي ل"محبي أهل البيت (ع) وقضية التكفيریین" بمشاركة 500 شخصية من كبار علماء الدين من الشيعة والسنة من 94 دولة أجنبية، كما يستضيف 250 عالما من علماء السنة والشيعة من مختلف أنحاء إيران. وبحث المؤتمر في أعماله كيفية تطوير مستوى الوحدة والانسجام بين المسلمين لمواجهة المؤامرات المعادية للإسلام، ومناقشة الأساس المعرفي لمدرسة أهل البيت (ع)، ودراسة استراتيجيات تماسك الأمة ومواجهة التيارات التكفيرية، وما تحتاجه المجتمعات الاسلامية، لمواجهة الحركات المتطرفة التي تدمر الشباب وتغزي عقولهم بأفكار عدوانية وعنصرية.
ولمعرفة تفاصيل أكثر عن فعاليات المؤتمر أجرى موقع الوقت التحليلي والإخباري مجموعة من المقابلات مع علماء دين من مختلف دول العالم الإسلامي منهم الشیخ حسین محمد المظلوم عضو الهيئة الشرعيّة في المجلس الإسلامي العلوي في لبنان و الشیخ محمد العبدالله الباحث السعودي والشيخ غسان محمد اسماعيل شيخ الطائفة الاسماعيلية النزارية وامام وخطيب جامع الرفنا في مصياف حما في سوريا و حمزة بلحاج صالح خبير في التربية ومفكر وباحث جزائري، وكذلك مدير فرعي سابق للتعاون والعلاقات الدولية والدكتور ألفا محمد وُوري رئيس اتحاد الزوايا الصوفية في غينيا وفيما يلي نص هذه المقابلات:
الوقت: ما هو تأثير اقامة هذه المؤتمرات على مواجهة الظاهرة التكفيرية؟
الشيخ المظلوم: لهذا المؤتمر العديد من الفوائد والإيجابيات، منها أنها توضح لكافّة المسلمين خلفيّة الفكر التكفيري وكيفية محاربتهم بالوسائل السلميّة وغير السلمية، ومن فوائده أيضاً أنه جمع المسلمين على كافّة مذاهبهم في مكان واحد وعلى رأي واحد ولهدف واحد يتمثّل في محاربة الظاهرة التكفيرية.
الشيخ العبدالله: إنّ هذه المؤتمرات التي تحدث في طهران وغير طهران في كل عام، لها آثار كبيرة على المسلمين، وبالخصوص على السعودية، لأن هذه المنطقة هي منبع الفتن والتكفير حيث تنطلق من هذه المنطقة جميع الفتن التي نراها الآن في اليمن وفي سوريا ولبنان، كلها تنطلق من قبل هذه الحكومة السعوديّة التي تدعم المنظمات الإرهابيّة في العالم، ولذلك إن إقامة هذه المؤتمرات في ايران وفي غير ايران سيكون لها ثقل كبير في المواجهة الفكرية لهذه التنظيمات ومن يدعم هذه التنظيمات وهو النظام السعودي.
الشيخ غسان: ان التفاعل مع نهج وخط أهل البيت (عليهم السلام)، يقول للعالم اننا احرار موجودون، فإن الرسول وأهل بيته (ع) علمونا كيف انتصر الدم على السيف، والجمهورية الاسلامية الإيرانية علمتنا كيف نقف بوجه الطغاة والغزاة والبغاة والإستكبار العالمي ويهود الخارج والداخل.
حمزة بلحاج: في الحقيقة تتمثل أهمية هذه المؤتمرات في صناعة الوعي وتساعد على صناعة العقل للمسلم، العقل الذي يميل الى التقارب ولا يتنازع، العقل الذي لا يتشرذم والعقل الذي لا يتفتت ولا يتمزق. كما ان الأمر موقوف على محتويات هذه الملتقيات والمؤتمرات، اي بمعنى ان المحتوى مهم جدا، هل يتبنى المؤتمر خطاب عاطفي ام يتبنى ويؤسس خطاب الوحدة والتكاتف في إطار التنوع، هل يؤسس لمنظومة تفكير تبني عقل جديد يقطع مع كل دواعي الفرقة والنزاع والصراع؟
الوقت: ما أهمية هذه المؤتمرات على مستوى التوعية العالمية للكشف عن الوجه الحقيقي للإرهاب الذي ينتشر اليوم بشكل خاص في الدول العربية؟
الشيخ المظلوم: نعم لها تأثير كبير، وصحيح أن هذا المؤتمر في طهران إلا أن المتواجدين من كافّة العالم العربي والإسلامي، وكل مدعو عليه توضيح الخلاصة التي وصلوا إليها للجهة التي يعيش بينها، أكانت جهة دينية أوسياسيّة، او حتى من جهة الأقرباء. الجماعات التكفيرية قد استولت على عقول الشباب بأساليب عدة قد استغلوا فقرهم، استغلوا بعض الجرائم التي ارتكبوها وسيطروا على عقولهم، فلو قام كل عالم و باحث وكاتب بنشر خلاصة المؤتمر والتوسّع في شرحها داخل مجتمعه لأتى بفوائد وإن طال الزمن، فالفوائد لا تأتي بزمن قصير.
الشيخ العبدالله: بالتأكيد إن هذه المؤتمرات التي تعقد لها آثار كبيرة في توعية الشباب والمجتمعات، هذه المؤتمرات ينبغي أن تكرّر وتكرّس، ليس في ايران فحسب، بل في مناطق أخرى لمواجهة هذا الفكر التكفيري المدعوم من قبل النظام السعودي. إن تكريس وتكريرها لها الكثير من الفوائد الإيجابيّة.
الشيخ غسان: أجل، ان هذه المؤتمرات تؤثر بلا شك على توعية العالم الإسلامي وترفع المستوى التوعوي والفكري للمسلمين، فقد علمنا الرسول (ص) وأهل بيته الكرام (ع) محبة الناس والمودة بهم، حيث يحثنا مولانا الإمام جعفر الصادق (عليه السلام) وأهل الدين بضرورة الرحمة والتسامح بين الناس، لذلك نسأل الباري عز وجل ان يعم بين المسلمين التسامح والرحمة والمحبة وان يبعدنا عن التفرقة والبغضاء ويرشد الناس الى الصراط الحق.
الدكتور ألفا: مثل هذا المؤتمر الذي يتواجد فيه اصحاب المذاهب المختلفة، اذا تم التفاهم مع المتواجدين، سنكون اليوم ان شاء الله مفاتح للتفاهم مع بقية العالم في التوسط لحب السلام والتعايش السلمي بين المسلمين عامة ولمحبي اهل بيت رسول الله (ص) خاصة.
الوقت: ما هو تهديد الفكر التكفيري الإرهابي بشكل خاص على الطائفة السنية الكريمة؟
الشيخ المظلوم: الجهة التكفيرية أو الفكر الوهابي بعبارة أصح يهدّد كافّة الطوائف الإسلاميّة حتّى أبناء السنّة، الوهابي لا يرى إلا نفسه مسلماً ويرى البقيّة سواء شافعيين أو مالكيين أو حنابلة أو شيعة أوعلويين أو دروز أو... يراهم كفرة. الوهابي لديه جمود في النصّ ولا يخرج عنه، الجرائم التي ارتكبت بسبب الوهابي لا تعدّ ولا تحصى في اليمن، العراق، سوريا ولبنان.
الشيخ العبدالله: من الطبيعي أن للظاهرة التكفيرية آثار كبيرة على كافة الطوائف الإسلاميّة سنّة وشيعة، هذه الإرهاصات التي تخرج من قبل النظام السعودي، أنا أريد أن أؤكد على النظام السعودي له دور سلبي في إيجاد هذه المنظمات وحتى لو أراد إعلامياً التظاهر بمواجهة الإرهاب، هو يكذب، لأن مواجهة الإرهاب ما دام أنه مدعوم من قبل النظام الأمريكي والإدارة الأمريكية التي تكذب وتختلق الفتن في العالم، وتنفّذها اليد السعوديّة لا يمكن أن نثق بهذا النظام السعودي أبداً. السعوديّة مهما قامت ومهما فعلت هي رأس الأفعى في إدارة الفتن، وهي مدعومة من الإدارة الأمريكية وما هي إلا أداة بيد الإدارة الأمريكية والصهيونية.
الشيخ غسان: ان ظاهرة التكفير تهدد الأمة الإسلامية برمتها وبدون استثناء لأن ظاهرة التكفير هي من صنيعة الموساد الإسرائيلي ومن صنيعة الاستخبارات الأمريكية الـ "CIA" ومن صنيعة الولايات المتحدة الامريكية وجميع أعداء الإسلام الذين لا يريدون الخير للمسلمين، فهم وجدوا ان الإسلام والفكر الإسلامي ينتشر على نطاق كبير فأرادوا ان يضربوه في الصميم فوضعوا شعار " إبادة الإسلام على يد أهله" وهذا له انعكاسات خطيرة وبالغة على الشعوب الاسلامية، لذلك فإن هذه الظاهرة خطيرة جدا على الأمة العربية والشعوب الاسلامية ويستوجب هذا، التصدي لهذة الظاهرة بقوة وردعها وعدم السماح لها بالتمدد والإنتشار اكثر.
حمزة بلحاج: لا، بل هي تهدد الانسانية جمعاء وتهدد الإسلام وتهدد صورة الاسلام عند الأخرين، وتمنح بطاقات ترخيص للتدخل في شأننا ورمينا بأننا نهدد السلام العالمي ورمينا بأننا نحمل دينا لا يجمع الناس ولا يؤنسن الإنسان ولا يبعث على قومة حضارية تجمع وتُمّكن من القيم الكونية ان تكون متقاطعة مع القيم الإسلامية.
الدكتور ألفا: بحمد الله رب العالمين في بلدنا او في غرب افريقيا بشكل عام، لم يصل الفكر التكفيري بهذه المرحلة، فقد يكون لهذه الفكر وجود في المجتمعات الشرقية وقد يتأثر بعض شعوب المنطقة في الشرق بهذا الفكر، ولكن في افريقيا هنالك حب بيننا لم يعطي المجال للتكفير ان يصل الى هذه المرحلة لأننا هذه الكلمة نعرفها ونسمعها من الشرق اما في افريقيا فلا نعرفها. طبعا ان كلمة التكفير بحد ذاتها غير مناسبة، فهل يعقل ان يُكفر انسان مسلم ويُكفر من ليس بكافر، فهذا كذب وظلم يحاسِب الله عليه.
الوقت: ماهي الدول الرئيسية التي ترعى الفكر التكفيري من الناحية الاقتصادية والمادية وماهو منشأ هذا الفكر؟
الشيخ المظلوم: الآمر الناهي لهذه الجماعات التكفيرية هي الولايات المتحدة الأمريكية، هي التي صنعت داعش وجبهة النصرة. إقليمياً، السعوديّة تقف خلف هذه الجماعات التفكيرية، هذا امر مفروغ منه. وأما الغرب فيمتلك إزدواجيّة في التعاطي مع الجماعات التكفيرية كونه يمتلك مصالح سياسيّة، لا يرى إلا مصالحه ولو كانت على حساب الآخرين، العقل الغربي عقل عملي لا يفكّر بالمشاعر الانسانيّة من قبيل قتل الأطفال والأبرياء، إلا أذا حصل عنده، أما بالنسبة للشرق الأوسط فلا يقيم الغرب له وزناً، و الغرب يريد تحقيق مصالحه، ولو لم يستفد سوى ببيع السلاح للمقاتلين لاكتفى.
الشيخ غسان: الغرب يريد الشر للإسلام لذلك لابد ان يكون له ازدواجية وثنائية في التعامل حتى ينال من اسلامنا، لكن يأبى الله ذلك فنحن سنتوحد ونوحد الكلمة ونرص الصفوف وسننتصر ان شاء الله في العراق وسوريا واليمن وسينتصر كل الأحرار في العالم.
حمزة بلحاج: انا في تقديري أرى الأمر في بعدين، وانا بالتحديد لدي محاضرة لا أعلم سأقدمها ام لا، ام سيتم درج ورشات، حيث تطرقت فيها الى هذه المشكلة بالذات، حيث ان هنالك شقين للمسألة بتقديري، الشق الأول هو الأوليغارشية الدولية، او الامبرالية العالمية، او دول الهيمنة الدولية التي نسميها بدول وقوى الاستكبار، وهو النظام المالي الجديد والذي يسعى للقفز على المنجز الانساني وقيم التعايش والى ما ذلك، هذا من جانب، لكن هذا الاستكبار ما كان له ان يكون ويُمِد باللوجستيك ويسعى الى استثمار الامر الواقع، لولا غطاء معين يستوطن البنى المعرفية والثقافية والفكرية، البنى الاسلامية والثقافة الاسلامية العربية التي تسكن في قلب التراث سواء كان تراثا شيعيا ام سنيا.
الوقت: ما هي الحلول المناسبة لمواجهة الظاهرة التكفيرية؟
الشيخ المظلوم: تسليط الضوء عليها حتى ولو بلهجة تصاعديّة، تسليط الضوء عليها في كلّ مكان ومناسبّة، والسعي إلى دحرها من كافّة البلدان التي تغلغلت فيها. على سبيل المثال لبنان لا يخلو من التفكيريين والجهات الأمنية لم توفّر أي جهد، سوريا والعراق المعركة في نهايتها، إلا أن الدول التي عاد إليها التكفيريون سينقلون الإرهاب إليها. على العلماء والمفكرين والقادة والسياسيين تسليط الضوء على الفكر والوهابي والفكري السعودي الذي يُدار من قبل أمريكا.
الشيخ العبدالله: الحل يكن في توعية الشباب، والإكثار من هذه المؤتمرات وإيجاد الكتب وإيجاد البرامج العلميّة والتثقيفية في كل المناطق لها دور كبير في هذا، يمكن أنّه يكون هذا الأمر بمثابة حجر عثر أمام النظام السعودي وبعض التيارات الفكريّة والإدارة الأمريكية، ولذا علينا أن نسلط قوانا ومقتدراتنا على مواجهة هذه الفتن والتيارات.
حمزة بلحاج: الحلول هي ان تُمنح الفرص للمشاريع الجادة والعميقة التي تصنع الوعي، ينبغي ان تُبث هذه المشاريع في انظمتنا التربوية وانظمتنا التعليمية وانظمة الحكم بحد ذاتها وبين النخب، وتؤسس مؤسسات كبيرة حيث ذكرتها في محاضرتي، إذ لابد من تأسيس مؤسسة كبيرة جدا بحجم مؤسسة الماسونية تتكلم عن الإخاء، لما لا نتحدث عن الإخاء، هل لدينا مشكلة مع الانسان، هل للإسلام مشكلة مع الانسان، اليس مركز الاسلام وفهم المذهبية الاسلامية هو الانسان بحد ذاته وقيم الانسان؟