الوقت- انتهاك القانون الدولي من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، مهنة قديمة تنتهجها هذه الدولة محولة الأمم المتحدة ومجلس الأمن إلى مزرعة خاصة بها تعمل بهما ما تشاء وتعتدي على من تشاء متجاوزة جميع الخطوط الحمراء التي يسمح بها القانون الدولي بما يتناسب مع مصالحها الشخصية، حتى لو كلف الأمر تدمير البنية التحتية لهذه الدولة أو تلك أو لزهق آلاف الأرواح خدمة للمخطط الأمريكي وهذا الأمر لمسناه في سوريا والعراق وقبلا في فيتنام وغيرها من الدول المعتدى عليها أمريكيا.
والحديث اليوم يدور عن مدى شرعية تواجد القوات الأمريكية على الأراضي السورية، خاصة أن الحكومة السورية طالبت في أكثر من مناسبة بخروج فوري لهذه القوات واعتبارها معتدية ومنتهكة للسيادة السورية، وفي حال أردنا العودة إلى الدستور الأمريكي لمعرفة إن كان تواجد هذه القوات شرعي أم لا، نجد أن الدستور يقول" لا يسمح الدستور الأمريكي بإعلان الحرب الا بعد موافقة الكونغرس"، والكونغرس لم يوافق أبدا على شن هجمات أمريكية على سوريا، لكن للأسف الشديد الإدارات الامريكية المتعاقبة تتدخل وتنشر قواتها وتشن الحروب في البلدان الأخرى دون اعلان الحرب الذي يتطلب أخذ موافقة الكونغرس وتشريعه في إطارات متعددة مثل الحرب على داعش ونشر الديمقراطية وغيرها من التسميات.
وخلال الأزمة السورية خرجت أصوات من داخل البيت الامريكي تقول بأن التدخل في سوريا غير شرعي وأن تواجد القوات على الأراضي السورية غير قانوني خاصة أنه لم يتم بإذن الحكومة السورية، وعلي سبيل المثال،قال قائد قيادة العمليات الخاصة، الجنرال ريموند توماس خلال مؤتمر أمني في معهد أسبن، "إنه في حين لا تزال مكافحة الإرهاب تشكل أولوية بالنسبة لقواته، فإن القانون الدولي يمكن أن يمنع الولايات المتحدة من الحفاظ على وجود طويل الأمد في سوريا، حيث كان تدخلها غير شرعي من قبل الحكومة"، من جانبه كتب عضو الكونغرس تيد ليو في وقت سابق: " إن ترامب لا يملك إذناٌ بالهجوم على سوريا، فهي دولة لم تهاجم امريكا".
الاعتداءات الأمريكية على سوريا
اعتدت القوات الأمريكية على مواقع للجيش السوري ونقاط حساسة كان لها دور كبير في تقليص حجم تنظيم الدولة الاسلامية في أكثر من مناسبة نذكر منها الاعتداء الصاروخي على مطار الشعيرات يوم 7أبريل/نيسان 2017، وكذلك قصف معبر التنف في 18 أيار 2017، فضلا عن قصف تجمع للجنود السوريين في دير الزور كانوا يحاربون تنظيم "داعش" وقتلت أمريكا حينها أكثر من 100 جندي سوري خلالهذه الضربة وادعت حينها أنها حصلت عن طريق الخطأ.
هذه الضربات الثلاثة وغيرها لم تقدم أي خدمة للشعب السوري بل كانت انتهاكا صارخا للقانون الدولي وساهمت بشكل كبير بتقديم مساعدة ذهبية للجمات الإرهابية المسلحة التي كانت تتداعى أمام ضربات الجيش السوري وحلفائه وبالتالي فإن هذه الضربات جاءت في إطار إنعاش الجماعات الإرهابية المسلحة خاصة "داعش" التي كانت أمريكا تدّعي أنها دخلت إلى سوريا لمحاربته وهذا ما يبرز ازدواجيتها في التعاطي مع شعوب العالم.
تواجد القوات الأمريكية في سوريا
كما ذكرنا آنفا فإن التواجد الأمريكي غير مشروع وغير مبرر خاصة أن الذّريعة التي جاءت من أجلها واشنطن ، أي مُحاربة "الدولة الإسلاميّة" لم تَعد مَوجودةً، مع خسارة التنظيم أكثر من 95 بالمئة من أراضيه في سورية والعراق.
ومجددا طالبت الحكومة السورية بخروج القوات الأمريكية عن أراضيها، حيث أعلن مصدر رسمي في وزارة الخارجية والمغتربين السورية، "أن بلاده تجدد التأكيد على أن وجود القوات الأميركية وأي وجود عسكري أجنبي في سوريا بدون موافقة الحكومة السورية هو عدوان موصوف واعتداء على سيادة الجمهورية العربية السورية وانتهاك صارخ لميثاق ومبادئ الأمم المتحدة"ز
وأشار المصدر إلى أن "هذا الأمر مرفوض جملة وتفصيلا لأن الولايات المتحدة وغيرها لن تستطيع فرض أي حل بالضغط العسكري بل على العكس فإن هذا التواجد لا يؤدي إلا إلى إطالة أمد الأزمة وتعقيدها".
من خلال ما تقدم نجد أنه لايوجد أي مبرر لبقاء القوات الأمريكية في سوريا إلا إذا كان الهدف منها الثأر من التقدم الكبير للجيش السوري في شرق وشمال شرق البلاد، وإعاقة الحل السياسي في حل الأزمة السورية، خاصة أن مشروعها فشل في سوريا ولم تخدمها المليارات التي دفعتها لتنفيذ مخطاطاتها هناك.
أرقام واحصائيات
تشير الأرقام والإحصائيات إلى أن عدد الجنود الأمريكيين في سوريا وصل إلى 904 في مارس/ آذار 2017، بعد أن كان 50 جندياً، نهاية العام 2015، وينتشر أغلب الجنود الأمريكيين في المنطقة الممتدة من "المبروكة" شمال غربي الحسكة، إلى التايهة جنوب شرقي منبج" التي يُقدر عدد القوات التي تمّ نشرها بالقرب منها بنحو 400 جندي امريكي لأغراض منع تقدم قوات درع الفرات الحليفة لتركيا أو القوات السورية وحلفاءهاإلى المدينة التي تسيطر عليها قوات سوريا الديمقراطية.
جميع هذه القوات دخلت الأراضي السورية بطريقة غير مشروعة، ودون إذن الحُكومة السوريّة تَحت ذريعة مُحاربة تنظيم "الدولة الإسلاميّة".
في الختام؛ الولايات المتحدة اليوم لايمكنها أن تبقى بالقوة في سوريا خاصة أن الحكومة والشعب يرفضون تواجدها الذي يأجج الصراع أكثر وأكثر ويمزق جميع الحلول السياسية التي شهدت خطوات إيجابية جيدة خلال اجتماعات آستانة، وقد أثبتت التجربة أن الولايات المتحدة الامريكية لا تعطي أهمية كبيرة للمسائل القانونية، ولا تتوانى عن تهميش القوانين الدولية وقوانينها الداخلية.