الوقت - اعتبر الأمين العام لحلف شمال الأطلسي "ينس ستولتنبيرغ" أن كوريا الشمالية بسلوكها تشكل "تهديداً عالميا"، مؤكداً أنه يؤيد فرض عقوبات مشددة عليها.
وقال ستولتنبيرغ في كلمة ألقاها أمام مجموعة من خبراء الأمن ومسؤولين في وزارة الدفاع في اليابان، "إننا قلقون من سلوك كوريا الشمالية.. إنه أمر خطير حقا، ويشكل تهديداً مباشراً لدول المنطقة (بما فيها) اليابان، لكنه يشكل أيضاً تهديداً عالميا".
وشدد ستولتنبيرغ على أن حلف شمال الأطلسي، يدعم بقوة الضغوط السياسية والدبلوماسية والاقتصادية على كوريا الشمالية، مرحباً بتعزيز العقوبات التي تبناها مجلس الأمن الدولي في سبتمبر الماضي، إلّا أنه أكد أن الأهم من العقوبات، هو التأكد من تطبيقها على نحو كامل وشفاف.
وكان الأمين العام للناتو، قد حذّر في وقت سابق من أن العمل العسكري ضد "بيونغ يانغ" ستكون له "عواقب مدمرة" وذلك بعد تصريحات للرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" بفشل الجهود الدبلوماسية مع كوريا الشمالية.
وقال ستولتنبيرغ أيضاً أن صواريخ كوريا الشمالية، أصبحت قادرة على بلوغ أراضي الدول الأعضاء في الناتو.
يذكر أن التوتر في شبه الجزيرة الكورية قد تصاعد في الأشهر الأخيرة، بعد إجراء كوريا الشمالية عدداً من التجارب الصاروخية والنووية، وقيام أمريكا في المقابل بسلسلة من المناورات العسكرية الضخمة مع كوريا الجنوبية في هذه المنطقة. وكانت "بيونغ يانغ" قد أجرت في سبتمبر الماضي تجربة نووية سادسة، واختبرت صواريخ قادرة على بلوغ الأراضي الأمريكية.
والسؤال المطروح ما هي أهداف الناتو في منطقتي شرق وجنوب شرق أسيا، وتحديداً فيما يتعلق بالأزمة في شبه الجزيرة الكورية؟
الإجابة عن هذا التساؤل تستدعي الإشارة إلى الأمور التالية:
الحفاظ على هوية الناتو
بعد تضاؤل دور حلف شمال الأطلسي في مناطق متعددة من العالم خصوصاً بعد انتهاء الحرب الباردة وانهيار الاتحاد السوفيتي السابق في مطلع تسعينيات القرن الماضي وجد الناتو نفسه مضطراً للعب دور أكبر في الأزمات التي شهدها العقدين الماضيين لاسيّما في الشرق الأوسط وشرق وجنوب شرق آسيا ومنطقة آسيا الوسطى من أجل الحفاظ على هويته واستعادة مكانته في ميزان القوى العالمية الذي تتنافس عليه أمريكا وروسيا من الناحتين السياسية والعسكرية والصين من الناحية الاقتصادية. ومن خلال إدراك هذه الحقيقة يمكن فهم الهدف الأساسي من تدخل الناتو في الأزمة الدائرة في شبه الجزيرة الكورية.
تمويل الناتو
يعاني حلف شمال الأطلسي من هيمنة أمريكا على مقدراته وقراراته بسبب قيام الأخيرة بتحمل الجزء الأكبر من نفقات الحلف "بحدود الثلثين"، وهذا الأمر جعل الدول الأخرى الأعضاء في الناتو لاسيّما الأوروبية تتجه إلى التفكير بإيجاد بدائل تضمن لها التخلص من الهيمنة الأمريكية، ومن الطبيعي أن تكون منطقتا شرق وجنوب شرق آسيا هدفاً لتحقيق هذا الغرض وذلك من خلال عقد اتفاقيات اقتصادية مع دول هذه المنطقة لاسيّما اليابان وكوريا الجنوبية.
مواجهة احتمالات تفجر الصراع في شبه الجزيرة الكورية
بعد تصاعد حدة التوتر بين واشنطن و"بيونغ يانغ" في الأشهر الأخيرة جراء التصريحات الاستفزازية التي أطلقها كل من الرئيس الأمريكي "دونالد ترامب" ونظيره الكوري الشمالي "كيم جونغ آون" وما قد يعقبه من احتمال تفجر الصراع في شبه الجزيرة الكورية وجد الناتو نفسه مضطراً للاهتمام بهذه المنطقة باعتبارها تشكل منطلقاً لرسم الخريطة السياسية والأمنية وحتى الاقتصادية لمناطق أخرى في العالم على غرار منطقتي الشرق الأوسط وآسيا الوسطى خصوصاً بعد دخول روسيا والصين بقوة على خط الأزمة الأمريكية - الكورية.
ومما زاد في احتقان الوضع في شبه الجزيرة الكورية هو قيام أمريكا بمناورات عسكرية ضخمة مع اليابان وكوريا الجنوبية قرب المياه الإقليمية لكوريا الشمالية، بالإضافة إلى نشر واشنطن منظومات صاروخية ورادارية متطورة من بينها منظومة "ثاد" في أراضي كوريا الجنوبية الأمر الذي اعتبرته كل من روسيا والصين بأنه يشكل تهديداً جديّاً ومباشراً لأمنهما القومي.
ومن الطبيعي القول بأن الدول الأعضاء الأخرى في حلف شمال الأطلسي لايمكن لها أن تقف متفرجة إزاء هذا الوضع خصوصاً وإن تداعياته قد تنعكس وبشكل مباشر على أمنها فضلاً عن التأثيرات الاقتصادية والسياسية التي لايمكن تجاهلها أيضاً في ظل التنافس المحموم بين القوى الكبرى خصوصاً أمريكا وروسيا والصين وفي كافة المجالات.
بقي أن نشير إلى نقطة أخرى تحظى بأهمية خاصة لحلف الناتو، وتحديداً للبلدان الأوروبية الأعضاء في الحلف، وتكمن في شعور هذه الدول بأن كوريا الشمالية تميل إلى تقوية علاقاتها مع روسيا والصين، وهذا الأمر يمثل في الحقيقة ترجيحاً لكفة محور الشرق مقابل محور الغرب الذي يمثل الناتو قطب الرحى فيه سواء في السابق أو في الوقت الحاضر.